71 مليون إنسان بالعالم خارج بيوتهم في العام الماضي

أعلنت الأمم المتحدة، أمس، أنه تم تسجيل أكثر من 70 مليون لاجئ أو مهاجر في 2018، وهو رقم قياسي لكنه أقل من العدد الفعلي للأشخاص الذين نزحوا من ديارهم أو طالبي اللجوء.
ووصفت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في تقرير سنوي حول اللاجئين عدد 70.8 مليون بأنه «متحفظ»، وخصوصا لأن الأشخاص الذين فروا من الأزمة الخانقة في فنزويلا لم يتم إحصاؤهم بالكامل. وأوضح التقرير أن أكثر من ثلثي اللاجئين في العالم يأتون من خمس دول هي سوريا وأفغانستان وجنوب السودان وميانمار والصومال.
وفي نهاية 2017 بلغ عدد الذين أجبروا على النزوح من ديارهم بسبب العنف أو الاضطهاد 68.5 مليون شخص.
ونسبت المفوضية تزايد العدد لاستمرار النزوح في إثيوبيا بسبب النزاعات العرقية، وفي فنزويلا حيث يفر الآلاف كل يوم وسط انهيار اقتصادي تسبب في نقص المواد الغذائية والدواء.
وتقدر الأمم المتحدة عدد الأشخاص الذين فروا من فنزويلا منذ مطلع 2016 بنحو 3.3 مليون شخص.
وقال رئيس المفوضية فيليبو غراندي للصحافيين في جنيف إن العدد 70.8 مليون يشمل فقط الفنزويليين الذين تقدموا رسميا بطلب لجوء، وهم نحو نصف مليون شخص. وفي الإجمال فإن عدد النازحين في العالم ازداد بمقدار الضعف في السنوات العشرين الماضية، ويتخطى حاليا عدد سكان تايلاند. وهذا التوجه، حسب غراندي، يواصل «مساره الخاطئ».
بحسب تعريف منظمة العفو الدولية فإن اللاجئ هو الشخص الذي يفر من بلده الأم ولا يستطيع العودة إليه أو لا يعود بسبب النزاع أو خشية تعرضه للاضطهاد.
ويذكر التقرير 41.3 مليون شخص نزحوا داخل بلدانهم و25.9 مليون لاجئ و3.5 مليون طالب لجوء، هم الذين ينتظرون البت في طلب حصولهم رسميا على وضع لاجئ بحاجة للحماية.
والدولتان اللتان لديهما أكبر عدد من النازحين، أي فروا داخل بلدهم، هما سوريا التي ترزح تحت نزاع منذ 2011 وكولومبيا التي تعصف بها أعمال عنف منذ عقود، وفق مفوضية اللاجئين.
وتشمل مجموعة اللاجئين، بحسب التقرير، 5.5 مليون فلسطيني يقيمون في عدد من الدول وخصوصا لبنان والأردن.
والحل الأفضل للاجئ هو العودة إلى دياره عندما يهدأ الوضع في بلده، لكن غراندي لفت إلى أن 20 في المائة منهم يقيمون في المنفى منذ أكثر عقدين.
وقال رئيس المفوضية: «نكاد نصبح غير قادرين على صنع السلام». وأضاف: «صحيح أن هناك نزاعات جديدة وأوضاعا جديدة تنتج لاجئين (... لكن) النزاعات القديمة لا يتم حلها». وتابع: «متى كان النزاع الأخير الذي تذكرون أنه تمت تسويته».
وسعت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أحيانا إلى التصدي لعبارة «أزمة المهاجرين» وخصوصا لأنها ارتبطت بموجة تدفق المهاجرين إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.
وقالت المفوضية إنه فيما الهجرة الجماعية تمثل تحديات خطيرة، لكن بالإمكان إدارتها، وخصوصا من جانب دول أغنى. وأشاد غراندي بألمانيا لاستقبالها مهاجرين ولجهودها نحو «إزالة الغموض» عن الفكرة القائلة إن الهجرة لا يمكن ضبطها «حتى عندما تكون الأرقام كبيرة جدا».
وقال غراندي في جنيف قبيل إصدار التقرير في برلين «عادة لا أحب أن أشيد وأنتقد لكن أعتقد أن هذه هي الحالة، أود أن أشيد بألمانيا لما فعلته».
ولفت إلى أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل دفعت «ثمنا باهظا» سياسيا لانفتاحها على الهجرة، مضيفا أن ذلك أضفى على أفعالها «جرأة أكبر». ودعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى مساعدة اللاجئين ليس فقط في الاتحاد الأوروبي، بل أيضا في الدول النامية والصاعدة. وكتب ماس الأربعاء على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «إنهم يحتاجون أيضا إلى دعمنا... إنهم بحاجة إلى منظور جديد للحياة، لأن كرامة الإنسان غير قابلة للمصادرة».
ورحب ماس بنشر تقرير المفوضية هذا العام في برلين، وقال: «هذا بالنسبة لي اعتراف كبير بالإسهام المهم الذي قدمته ألمانيا لحماية اللاجئين على مستوى العالم»، مضيفا أن ألمانيا استقبلت كثيرا من اللاجئين الذين عايشوا المعاناة والحرب.
وكان من الوعود الرئيسية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب تقليص الهجرة غير المشروعة على امتداد الحدود مع المكسيك. وقال غراندي إن من حق مواطني أميركا الوسطى الواصلين إلى الولايات المتحدة هربا من العنف أو الاضطهاد في غواتيمالا وهندوراس والسلفادور أن يتقدموا بطلبات للجوء. وأضاف أن على الولايات المتحدة أن تتيح لهؤلاء فرصة عادلة لعرض حالاتهم وألا تفصل الأبناء عن الآباء، موضحا أن المفوضية على استعداد لمساعدة السلطات الأميركية في التعامل مع هذا التحدي.
وذكر التقرير أن الولايات المتحدة جاءت على رأس الدول المستقبلة لطلبات اللجوء في العام الماضي بعدد 254300 طلب لجوء في عام 2018.
لكن غراندي قال إن الولايات المتحدة لديها عدد هائل متراكم من الحالات التي يتعين البت فيها يبلغ 800 ألف حالة وإن المفوضية تساعد المكسيك أيضا في تدعيم قدراتها على التعامل من طلبات اللجوء.
وسئل غراندي إن كانت سياسات ترمب قد زادت من صعوبة عمل المفوضية، فقال: «ليس في الولايات المتحدة فقط بل في أوروبا وفي أستراليا أيضا». وقال: «هذه هي أزمة التضامن التي تحدثت عنها. وتكمن في التعرف على اللاجئين والمهاجرين الذين لديهم مشكلة بدلا من الذين يهربون من مشكلة».
وأضاف أن المشكلة أخذت طابعا سياسيا شديدا في أوروبا الأمر الذي جعل بعض الحكومات «ترتعب» من الالتزام باستقبال من تم إنقاذهم من البحر بعد الهرب من ليبيا أو مناطق صراع أخرى. وتابع: «ولذا فالنداء الذي أوجهه، الآن بعد أن أصبحنا في وضع تجاوزنا فيه انتخابات (البرلمان) الأوروبي، هو التوقف عن هذا التهييج الانتخابي. فمن الممكن بكل صراحة استيعاب الأعداد القادمة إلى أوروبا».
الروهينغا
ودعا ائتلاف لأقلية الروهينغا الأربعاء إلى استقالة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بعد أن خلص تحقيق للأمم المتحدة إلى «إخفاق منهجي» في سلوك المنظمة في ميانمار.
وخلص التقرير، الذي أعده وزير خارجية غواتيمالا السابق جيرت روزنتال وتم إصداره الاثنين، إلى أن هناك «أخطاء جسيمة قد ارتكبت وهناك فرص قد ضاعت» قبل إجراءات عسكرية صارمة اتخذها الجيش في عام 2017 وأدت إلى فرار مئات الآلاف من مسلمي الروهينغا من البلاد.
ودعا «ائتلاف الروهينغا الحر» اليوم الأربعاء إلى استقالة «كبار قادة الأمم المتحدة الذين تقع بين أيديهم مسؤولية إدارة نظام الأمم المتحدة بالكامل» بعد أن «خذلت» قيادتهم وإدارتهم «الآلاف من الروهينغا الذين تم ذبحهم جماعيا أو تشويههم أو اغتصابهم أو ترحيلهم بعنف».
ووصف روزنتال في تقريره انعدام الاستعداد داخل مكتب الأمم المتحدة في ميانمار للرد على اضطهاد الحكومة للروهينغا في ولاية راخين. وأكد التقرير الاتهامات بأن ريناتا لوك - ديسالين، المنسقة المقيمة السابقة للأمم المتحدة في ميانمار: «تعمدت إخفاء الصفة الدرامية للأحداث في تقاريرها» من أجل تجنب تهديد علاقة مكتبها مع الجيش.
ومع ذلك، خلص جيرت روزنتال إلى أن المسؤولية عن ذلك مسؤولية جماعية، ولم يشر إلى مسؤولية أي فرد على أداء المكتب «الذي اتسم بالخلل الوظيفي بشكل واضح».
وقال ائتلاف الروهينغا الحر في بيان: «يشير أي تقرير يتعلق بالتقييم الداخلي إلى إخفاقات منهجية مع عدم توزيع المسؤولية... يتجنب تماما مواجهة قضية المساءلة والإفلات من العقاب فيما يتعلق بسلوك مسؤولي الأمم المتحدة».
وتابع البيان أنه «ينبغي محاسبة الأمين العام ونوابه الإداريين على الإخفاقات التي شجعت حتى الآن استمرار ميانمار في الاضطهاد والإبادة الجماعية للروهينغا».
ووفقا لائتلاف الروهينغا الحر، يتحمل غوتيريش مسؤولية شخصية عن الفظائع التي ترتكب ضد الروهينغا؛ لأنه بصفته المفوض السامي لشؤون اللاجئين في عام 2012 التقى رئيس ميانمار آنذاك ثين سين، الذي أطلع غوتيريش بشأن خطط لحبس المدنيين الروهينغا في مخيمات منفصلة وطلب مساعدة الأمم المتحدة في نقل الروهينغا إلى بلد ثالث.
ورغم أن مكتب غوتيريش في ذلك الوقت رفض الطلب، يقول ائتلاف الروهينغا إنه كان ينبغي عليه فعل المزيد لمنع نقل الروهينغا.
وجاء في بيان الائتلاف أنه «بناء على ذلك فإن نية ميانمار لارتكاب جرائم دولية قد وضحت على أعلى المستويات في الأمم المتحدة، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء».
ووجه فيل روبرتسون، نائب مدير قسم آسيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، انتقادات مماثلة لما جاء في تقرير روزنتال، قائلا لوكالة الأنباء الألمانية: «بالنظر إلى حجم الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة ضد الروهينغا في ولاية راخين، والتي أنشأت أكبر مخيم للاجئين في العالم في بنغلاديش في غضون أسابيع، لا يمكن وصف هذا التقرير إلا بأنه انتقاد لاذع كئيب وخيبة أمل كاملة».
وقال: «كان ينبغي فصل أشخاص بسبب هذه الإخفاقات، بدءا من ريناتا لوك - ديسالين، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة (سابقا) التي ترأست هذه الفوضى وقللت باستمرار من حدة الأزمة حتى فوات الأوان».
وأضاف: «يبدو التقرير الآن بشكل متزايد وكأنه تمرين تمهيدي من جانب غوتيريش، بهدف إظهار الالتزام بالمساءلة، بينما في الواقع يحدث عكس ذلك تماما». وقال إن «شعب ميانمار يستحق تفسيرا أفضل بكثير من هذا من الأمم المتحدة».