هيمنت التفاصيل القوية الواضحة على مشهد الموضة هذا العام. لم تكن كلها من باب التجميل، بل تضمن بعضها رسائل نسوية تدعم قضايا، وتستحضر صيحات من حقب زمنية كانت شاهداً على مكاسب قوية حققتها على مدار التاريخ. الأكتاف البارزة واحدة من هذه الصيحات التي بدت وكأنها سلاح يجمع القوة بالأنوثة.
دار «بالمان» أكثر من ركب هذه الموجة، فقد ظهرت في عرضها لربيع وصيف 2019 مبالغاً فيها مع خصر نحيف. دار «غوتشي» أيضاً تبنته بتفاصيل أكثر نعومة، بحيث جعلته مقوساً بعض الشيء. أما علامة «مارك جاكوبس»، فضمت صيحة الأكتاف العريضة إلى تشكيلتها من خلال سترات رسمية لها طابع ذكوري لم يأخذ حدة تصاميم «بالمان» نفسها.
كذلك انضمت دار «سان لوران» إلى اتجاه الأكتاف البارزة من خلال تشكيلة خريف وشتاء 2019، لتنافس «بالمان» بتصاميم حادة. وقدم «ألكسندر ماكوين» تصاميم تحمل القوة والنعومة في أكتاف تمتد بطبقات من الساتان والجلد. أما علامة «إيزابيل مارنت»، فاعتمدت على تصميم الكسرات الممتدة للخارج، لتعطي المرأة شعوراً بالسلطة والسيطرة.
ولم يكن ظهور الأكتاف الدراماتيكية العريضة مفاجئاً لمتابعي حركة الموضة، فقد ظهرت في العام الماضي، ودخلت خزانة المرأة التي تريد تصاميم مفصلة على الجسم لتبرز رشاقته، وفي الوقت ذاته لافتة بتفاصيلها.
وبعد نجاح هذا الاتجاه، عاد هذا الموسم أكثر جرأة وإثارة، متمثلاً في أكتاف ممتدة للخارج وكأنها أجنحة.
وتقول مستشارة الموضة لمى زين الدين لـ«الشرق الأوسط» إن «اتجاهات الموضة تعيد نفسها، تقريباً كل ثلاثين أو أربعين عاماً، وصيحة الأكتاف البارزة تحديداً مستوحاة من حقبة الثمانينات التي كانت مستقاة بدورها من موضة الأربعينات، وتحديداً عندما اعتمدتها الممثلة الأميركية جوان كروفورد في تلك الحقبة».
وترى لمى أن «تقديم الأزياء الرسمية المفعمة بتفاصيل عملية مثل الأكتاف العريضة كان ردة فعل لدخول المرأة مجال العمل كبديل للرجل خلال الحرب العالمية».
وتعد حقبة الثمانينات هي الفترة التي كسرت المرأة فيها القيود لتدخل سوق العمل، وتنافس الرجل بكل قوتها. وتذكرنا لمي زين الدين بـ«المرأة الحديدية مارغريت ثاتشر، رئيسة وزراء المملكة المتحدة، التي تبنت هذا الاتجاه، كذلك أيقونة الموضة في ذلك الوقت الأميرة ديانا».
وبينما كانت مهمة الأكتاف البارزة في الصباح إضفاء القوة على المرأة، فإنها في المساء، ومن خلال فساتين الكوكتيل البراقة، والسترات المتلألئة بوميض الترتر، والشعر المنفوخ، كانت إضفاء الإثارة عليها.
وتشير لمى زين الدين إلى تأثير التغيرات الاقتصادية والسياسية على الموضة عموماً، وعلى ظهور هذه الصيحة خصوصاً، بقولها: «إن الأحداث تؤثر على المصممين، لهذا من الطبيعي أن نشهد عودة الأكتاف البارزة نظراً لقوة الحراك العالمي خلال العامين الماضيين للنساء اللواتي طالبن بالمساواة في مكان العمل، وفي الأجور، ووضع حد للتحرش».
وترى زين الدين أن «بالمان» و«سان لوران»، وغيرهما، وإن كانا هما أكثر المتبنين لهذه الصيحة، ليسا الوحيدين، فالمصمم اللبناني إيلي صعب مثلاً أدرج هذه الصيحة في تفاصيل تشكيلة ما قبل الخريف 2019، وكان ذكياً في توظيف هذه الأكتاف البارزة بسلاسة، بفضل تقنيات الخياطة الدقيقة التي أنقدتها من الوقوع في المبالغة. وتقدّر زين الدين أن هذه الصيحة لا تناسب الجميع، وأن هناك شروطاً كثيرة يجب التقيد بها، فهي مثلاً «لا تحتاج إلى جسم نحيل فقط، لكن يلزمها أكتاف نحيلة أيضاً».
وتضيف أن المبدأ في أي إطلالة «ليس جمال التصميم، أو رواج الصيحة، بل اختيار ما يناسب مقاييس الجسم، ويمنحه أبعاداً ونسباً متوازنة»، وتتابع أنه فيما تكون الأكمام المنفوخة أو المصممة بكسرات اختيارات مضمونة أكثر، فإن الأكتاف الصارمة القوية جداً تحتاج إلى دراية عالية وشخصية جريئة في الوقت ذاته.
الأكتاف البارزة... بين القوة والأنوثة
من اتجاهات الموضة
الأكتاف البارزة... بين القوة والأنوثة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة