لا يعلم العم «أيمن»، الذي يمتهن مهنة قلي أقراص الطعمية (الفلافل) أن لبضاعته يوماً عالمياً، احتُفل به أمس (الثلاثاء)، لكن ما يعرفه أنها أكلة رائجة عند جميع أعمار المصريين وطبقاتهم الاجتماعية، مردداً بخفة دم المصريين مقولة دارجة: «أكل العيش (الخبز) يحب الطعمية».
وبينما يمارس الرجل الستيني مهمته اليومية في قلي أقراص الطعمية في الزيت، بما يجعل رائحتها الزكية تجتذب أعداداً من المصريين، يتزاحمون أمام عربته التقليدية لشرائها؛ احتفل محرك البحث العالمي «غوغل» باليوم العالمي لـ«الطعمية» الذي يوافق يوم 18 يونيو (حزيران) سنوياً، وقام «غوغل» باستبدال صورة متحركة تُظهر أقراص الطعمية وأيضاً ساندويتشات الفلافل المميزة بأيقونته الرئيسية.
وتعد الطعمية من أشهر الأكلات الشعبية في مصر، ويطلق عليها أهل الإسكندرية «فلافل»، ومن مكوناتها الأساسية الفول المنقوع لفترة طويلة في الماء، والذي يُطحن مع البصل والثوم والبقدونس والكزبرة، ثم تُقلى في الزيت المغلي على شكل أقراص، وتباع مع الفول في محلات الفول والفلافل الشهيرة المنتشرة في الشوارع والميادين المصرية، كما تتقن صنعها ربات البيوت داخل مطابخهن.
والطعمية ذات تاريخ قديم قد يرجع لعصور الفراعنة، ومن بعدهم اتخذها الأقباط طعاماً لهم مع دخول المسيحية مصر، نظراً إلى أنها مليئة بالبروتين النباتي وبديل جيد عن اللحوم في أيام الصيام، حيث أطلقوا عليها اسم (فا - لا فل) وهي كلمة قبطية تعني «ذات الفول الكثير»، وهذا جزء من إثبات مصرية الطعمية؛ فأصل التسمية يقول إنها من الفول وليس الحمص أو غيره كما يصنعها الشوام.
ودائماً ما يثور جدل بين مواطني الدول العربية حول أصل الطعمية وتنسب كل دولة أصل الطعمية إليها، فالسوريون مصرّون على أنها أكلة شامية أصيلة وعمرها أكثر من 4 آلاف سنة وأن أساسها الحمص وليس الفول، بينما يقول الفلسطينيون إن الفلافل فلسطينية وتُقلى في زيت الزيتون، أما في العراق فيرون أن الفلافل نشأت في أرض ما بين النهرين، واللبنانيون كذلك صنعوها من الحمص والفول معاً.
ولم يقف النزاع على ملكية الفلافل عند هذه الدول؛ إذ ادّعت إسرائيل أن الفلافل تعود إليهم، مبررين حجتهم بأن اليهود الأوائل في مصر هم من كانوا يقومون بإعدادها، ولم يكتفوا بذلك بل أصدروا طابع بريد عليه صورة الفلافل والعلم الإسرائيلي.
وعمدت مصر مع مطلع العقد الحالي إلى اعتماد وتسجيل أطعمتها الشعبية ومنها الطعمية، دولياً، لدى منظمة «الأيزو» المعنية بالجودة، وبعدها وعندما أعلنت الأمم المتحدة عام 2016 أنه عام للبقوليات، أقام الاتحاد الدولي للبقوليات مهرجاناً للفلافل في لندن حضره جمع من معدي الفلافل في العالم، فشهد المؤرخون الغذائيون أن الفلافل أصلها مصري، والمصريون هم ملوكها، وأنهم متمسكون بحقوق ملكية أكلتهم المفضلة.
الطريف أن تلك الأقراص حلوة المذاق تعدت مسميات «الطعمية» و«الفلافل» في العامين الأخيرين إلى الـ«غرين برغر»، وهو الاسم الذي أثار جدلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، حيث اعتبره روادها نوعاً من التدليل الزائد وغير المقبول للأكلة الشعبية الأولى لديهم.
ولشهرة الفلافل المصرية انتشرت في السنوات الأخيرة المطاعم التي تقدم الفلافل في أوروبا وأميركا والتي يديرها مصريون أو أجانب، كما يرشحها خبراء الطهي لأن تأخذ مكانة أكبر في تلك البلدان مع انتشار ثقافة الطعام النباتي.
اليوم العالمي لـ«الطعمية» يجدد الجدل حول أصولها
المصريون متمسكون بحقوق ملكية أكلتهم المفضلة
اليوم العالمي لـ«الطعمية» يجدد الجدل حول أصولها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة