صخب في إسرائيل إثر تعرض طفلة يهودية لجريمة اغتصاب

ضجت إسرائيل في الأيام الأخيرة، بتداول الأنباء عن جريمة اغتصاب تعرضت لها طفلة يهودية في إحدى المستوطنات، إذ تم اعتقال عامل فلسطيني بشبهة تنفيذها، فيما ينكر ذلك تماما ويشكك محامي الدفاع عنه بحيثياتها.
والحديث يجري عن طفلة في السابعة من عمرها من إحدى المستوطنات الدينية في منطقة رام الله. فقد أبلغت ذويها، في مطلع شهر مايو (أيار) الماضي بأن عامل صيانة في مدرستها جرها إلى بيت قريب من مدرستها في المستوطنة وارتكب جريمة اغتصابها، بينما كان هناك رجال آخرون يضحكون ويسخرون. وقد أشارت الطفلة إلى العامل الفلسطيني، محمود قطوسة (45 عاما) من قرية دير قديس في منطقة رام الله على أنه مرتكب الجريمة. فاعتقلته الشرطة على الفور. وأجرت معه تحقيقا ثم قدمته إلى المحاكمة العسكرية في مستوطنة عطروت.
وقد اعتبرت الشرطة الحادث جريمة جنائية، لكن السياسيين في اليمين اعتبروها «جريمة جنائية وسياسية»، ما كان المجرم لينفذها لو كانت الطفلة فلسطينية. واعتبرها وزير الدفاع السابق، أفيغدور ليبرمان، «جريمة إرهاب». ودعا رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، الجهاز القضائي إلى إيقاع العقوبة القصوى على المجرم. وقال وزير الأمن الداخلي، جلعاد إردان إنه يجب التحقيق فيها كونها «جريمة ارتكبت على خلفية تطرف قومي أيضا». وأضاف: «إذا تمت إدانة المتهم محمود قطوسة وكل من ساعده، فعندها لن يساورنا أدنى شك في أنهم تأثروا بالكراهية والتحريض اللذين تغذيهما السلطة الفلسطينية». وطالب الشرطة وجهاز الأمن العام والنيابة العامة بـ«ممارسة كافة وسائل التحقيق لفحص ما إذا كان المتهم سيقوم بفعلته بحق الطفلة لو كانت فلسطينية لا سمح الله». ونشرت وسائل الإعلام تسريبا من التحقيق يبين أن المتهم كذب في التحقيق وكشفته ماكينة كشف الكذب.
ولكن وسائل إعلام إسرائيلية أخرى، نشرت على لسان «مصادر مطلعة على مجريات التحقيق»، أنه لا توجد أدلة على أن عملية الاغتصاب ارتكبت لدوافع قومية. وأشارت إلى وجود صعوبة في هذا الملف بسبب تقديم شكوى إلى الشرطة بعد شهر من وقوع الجريمة والاعتماد فقط على شهادة الطفلة. وأكدت أن المتهم ينفي تماما التهمة. وقال ذوو المتهم وأقاربه في القرية إنهم فوجئوا بنشر الأنباء عن ابنهم من الصحافة الإسرائيلية، ويعتبرون الاغتصاب جريمة بشعة وحقيرة ولكنهم لا يصدقون أن ابنهم هو فاعلها.
ويقول محامي الدفاع عن المتهم، ناشف درويش، إنه بادر إلى عقد جلسة مع القاضي بحضور ممثل النيابة وطلب الإسراع في بحث القضية لأنه واثق من أنها اتخذت أبعادا خطيرة ضد متهم بريء. وتقرر أن تبدأ المداولات، غدا الأربعاء.
وقال درويش، اليوم الثلاثاء، إن هناك خللا كبيرا في ملفات التحقيق ولائحة الاتهام. فالإفادة التي أدلت بها الطفلة تتضمن أمورا غير مؤكدة ولا ترقى إلى مستوى الأدلة. فهي لم تعط إشارة واثقة مائة في المائة أن هذا الرجل هو الذي اغتصبها. والشرطة لم توفر تقريرا طبيا حول الاغتصاب يربط المتهم بالجريمة. وليس صحيحا أن هناك دليلا قاطعا على أنه المتهم، إذ تم إجراء فحصين اثنين له بماكينة كشف الكذب، أحدهما دل على أنه صادق والثاني دل على أنه كاذب، وفي هذه الحالة لا يعتمد تقرير الماكينة في المحكمة. وتساءل: هل يعقل أن يستطيع مواطن فلسطيني أن يجر طفلة يهودية في السابعة من عمرها بعكس إرادتها لمدة 14 دقيقة داخل مستوطنة يهودية ولا أحد ينتبه أو يعترض، وأن يتمكن من إدخالها، أيضا، إلى بيت آخر من بيوت المستوطنة!
وأضاف المحامي: «أنا لا أشكك في وقوع جريمة ولا أريد أن يفلت أي مجرم ارتكب هذه الجريمة من العقاب، لكن الشبهات ضد موكلي غير ثابتة، وأخشى أن يكون هناك مجرم آخر ارتكب الجريمة ويسير حرا طليقا اليوم، بينما موكلي البريء هو الذي يدفع الثمن، سوية مع عائلته وأهالي قريته وشعبه الفلسطيني كله، الذي يرفض هذه الجرائم دينيا وسياسيا وأخلاقيا، ولا يمكنه قبول تنفيذها باسم نضاله لأجل حريته».