إيران وحوار الناقلات

النظام الإيراني والعبث بأمن الملاحة البحرية في الخليج العربي، وتهديد الملاحة الدولية، ليس بالأمر الجديد، بل هو مكرر لسنوات طويلة، من خلال استفزاز السفن التجارية وناقلات النفط والتعرض لها، بل وزرع ألغام بحرية تعرقل الملاحة وتهددها.
وكان الاعتداء قبل الأخير على السفن الأربع التي تعرضت للتخريب بالقرب من إمارة الفجيرة، قبالة المياه الإقليمية وفي المياه الاقتصادية لدولة الإمارات، ثم تلاه الاعتداء المباشر على سفينتين يابانيتين بطوربيدات بحرية، قال عنها مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون إنه «من الواضح أن إيران تقف وراءها»، وإن «ألغاماً بحرية على الأرجح من إيران استخدمت في الاعتداء على السفن». وكذلك قال بومبيو وزير الخارجية الأميركي إن إيران هي من يقف وراء الاعتداء، الأمر الذي لا يمكن تفسيره بمعزل عن تهديدات إيرانية سابقة تشير إلى أن نقل النفط سيكون لنا جميعاً وإلا لن يكون لأحد، في رد على العقوبات الأميركية بحظر النفط الإيراني. لذا جاءت الرسالة الإيرانية واضحة وشديدة الخطورة والضرر.
بصمات النظام الإيراني واضحة على الاعتداء على السفينتين، في ظل وجود مؤشرات عدة على ضلوع النظام الإيراني في الحادثين، حيث إنها سبق أن قامت بالعمل ذاته وبالأسلوب نفسه، كما أن الهجوم كان بحرفية عالية الدقة، مما يؤكد أن الاعتداء قامت به مجموعة مدربة تدريباً عالياً، وتحصلت على دعم لوجيستي واستخباراتي دقيق، وهذا لا يمكن أن يتم في الخليج، وعلى بعد 14 ميلاً بحرياً من إيران في الهجوم الأخير، دون علم النظام الإيراني، كما أن إيران هي المستفيد الأوحد في المنطقة من نتيجة الاعتداءين.
محاولات إيران عرقلة الملاحة وحركة ناقلات النفط هي رسالة لحلفاء واشنطن، ومحاولة استباقية إيرانية لرفع سقف المطالب الإيرانية، ومحاولة يائسة لتعزيز موقفها التفاوضي، بأنها قادرة على عرقلة الملاحة في الخليج العربي، بل وقادرة على تخريب وإعطاب السفن وناقلات النفط.
ومحاولة النظام الإيراني التهرب، وإلصاق التهمة بطرف ثالث مجهول تارة، وبإسرائيل تارة أخرى، كما قال حشمت الله فلاحت بيشه رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني: «إن (مخربين من دولة ثالثة) قد يكونون وراء الهجوم»، تعتبر أمراً سخيفاً واستخفافاً بالعقول، وغير مقنع، ومحاولة للهروب إلى الأمام.
النظام الإيراني لم يكن مستعداً للتفاوض والحوار في المرحلة الحالية، حيث إنه فضل استدراج الإدارة الأميركية إلى مستنقع طوربيدات وحرب سفن، وهذا ما أكده الرئيس ترمب بالقول: «لا إيران ولا أميركا مستعدة للحوار».
فالبيت الأبيض الأميركي «لا يرغب في ملالٍ بأسنان نووية»، كما وصفهم الرئيس الأسبق جورج بوش، وهذا يؤكد سياسة البيت الأبيض الثابتة مع النظام الإيراني، وليس كما يظن البعض أنها متغيرة.
النظام الإيراني حاول اللعب مع الكبار دون إدراك لحجم الضرر التي ستجنيه إيران وشعبها المغلوب على أمره، والمقموع بالحرس الثوري وقوات وعسس الباسيج.
النظام الإيراني المنقسم على نفسه لا يزال يتصرف كـ«ثورة وثوار» ومهووس بتصدير الثورة، لا كدولة تتحمل مسؤولياتها أمام العالم، الأمر الذي أظهر كثيراً من التناقضات في الواجهة السياسية للنظام، التي لا تعرف الكثير بالقدر الذي يعرفه رئيس الحرس الثوري والمرشد وسدنته، أصحاب القرار الحقيقي في طهران. أما وزير الخارجية جواد ظريف مثلاً، فدوره في سياسة النظام الإيراني لا يخرج عن دور ساعي البريد.
النظام الإيراني المختبئ خلف عباءة «ولاية الفقيه»، هو أول من انتهك تعاليم الإسلام، بالاعتداء على جيرانه بالتآمر وزعزعة نظام الحكم، والتدخل في شؤون جيرانه، ومنها عرقلة الملاحة في الخليج العربي.
ولهذا على المجتمع الدولي ومجلس الأمن منع إيران من المساس بأمن حركة الملاحة البحرية وسلامتها، لأن هذا يعتبر تهديداً للأمن والسلم الدوليين.