شلّ الجامعة اللبنانية يهدد أكثر من 80 ألف طالب

أساتذتها مضربون منذ 6 أسابيع

من اجتماع أمس لبحث مطالب أساتذة الجامعة اللبنانية شارك فيه وزيرا المال والتربية علي حسن خليل وأكرم شهيب (الوكالة الوطنية)
من اجتماع أمس لبحث مطالب أساتذة الجامعة اللبنانية شارك فيه وزيرا المال والتربية علي حسن خليل وأكرم شهيب (الوكالة الوطنية)
TT

شلّ الجامعة اللبنانية يهدد أكثر من 80 ألف طالب

من اجتماع أمس لبحث مطالب أساتذة الجامعة اللبنانية شارك فيه وزيرا المال والتربية علي حسن خليل وأكرم شهيب (الوكالة الوطنية)
من اجتماع أمس لبحث مطالب أساتذة الجامعة اللبنانية شارك فيه وزيرا المال والتربية علي حسن خليل وأكرم شهيب (الوكالة الوطنية)

وصل النزاع المستمر بين أساتذة الجامعة اللبنانية والحكومة إلى مستويات غير مسبوقة مع دخول الإضراب الذي ينفذه الأساتذة ويدفع ثمنه أكثر من 80 ألف طالب أسبوعه السادس. ورغم المفاوضات التي نشطت قبل أقل من أسبوع ويتولاها وزير التربية أكرم شهيب، فإن نقمة الطلبة تعاظمت أخيراً بعدما كان من المفترض أن يكونوا قد أنهوا سنتهم الدراسية ليلتفتوا للاستعداد للعام الدراسي المقبل من خلال تقديم طلباتهم إلى جامعات خارج لبنان، أو لينصرفوا لتأمين عمل صيفي؛ خصوصاً أن القسم الأكبر منهم ينتمي لعائلات محدودة الدخل.
ويعدّ أحد الطلاب في كلية الهندسة بمنطقة رومية أن ما يحصل لم يعد يمكن السكوت عنه، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «اعتقدنا أن الأمور ستنتهي كما العادة خلال أسبوع أو اثنين في حد أقصى، فإذا بها تدخل الأسبوع السادس، ما سيضطرنا في حال وصلوا إلى تفاهم ما إلى تمضية شهر أو شهرين إضافيين من أشهر العطلة الصيفية ونحن نحاول أن نأخذ ما فاتنا من دروس، علماً بأنني ممن ينتظرون أشهر الصيف لتأمين عمل لمساعدة عائلتي بالمصاريف».
ويدعم عدد كبير من الطلاب، خصوصاً المستقلين منهم، مطالب الأساتذة، لكن معظم المنتمين إلى أحزاب يعارضون الإضراب انسجاماً مع مواقف قياداتهم السياسية. وكان رئيس الحكومة سعد الحريري انتقد بشدة يوم الأربعاء الماضي تحرك الأساتذة، عادّاً أن ما يحدث «غير مقبول»، وأن الأساتذة لا يملكون الحق بالإضراب. وذهب أبعد من ذلك بوصف التظاهر الذي يقومون به بـ«المعيب بحقهم».
من جهته، رأى عضو تكتل «لبنان القوي» النائب سليم عون أن «رابطة الأساتذة المتفرغين» أظهرت أنها «دون المسؤولية وفاقدة الإحساس بعد أن رهنت مستقبل أكثر من 80 ألف طالب؛ وأولادي الأربعة منهم، واستمرت بتعنتها في إقفال الجامعة اللبنانية». وأضاف عون: «صدق الرئيس سعد الحريري عندما وصف هذا العمل الارتجالي بالمعيب».
ورغم تأكيد رئيس الحكومة بأن لا بنود في الموازنة تطال أساتذة الجامعة اللبنانية، أكد رئيس «رابطة الأساتذة المتفرغين» في الجامعة يوسف ضاهر أن أكثر من بند في الموازنة سيطال أساتذة الجامعة بشكل التفافي غير مباشر، خصوصاً من خلال ضريبة الدخل على المعاش التقاعدي ووقف التقديمات الاجتماعية المرتبطة بصندوق التعاضد، لافتاً إلى أنه «في لائحة المطالب التي تقدم بها الأساتذة قبل نحو أسبوع إلى وزير التربية والتي جال بها على الرؤساء الثلاثة، مجموعة مطالب تهدف بشكل أساسي لضمان استمرارية الجامعة، لأن الاستمرار في السياسة الحالية يعني أنها ذاهبة للزوال». وقال ضاهر لـ«الشرق الأوسط»: «مساهمة الدولة في موازنة الجامعة لا تزال نفسها منذ سنوات، لكننا نطالب بزيادتها، لأن الميزانية الحالية لا يمكن أن تتلاءم مع المستحقات التي تم إقرارها في سلسلة الرتب والرواتب، مما دفع برئيس الجامعة لتأمين المستحقات من اعتمادات كانت تخصص أصلاً للمختبرات ولغيرها في كثير من المجالات لتطوير الجامعة والنهوض بها».
وإذ أمل ضاهر ألا تؤدي المواقف التصعيدية التي أطلقها رئيس الحكومة أخيراً إلى عرقلة المفاوضات القائمة وأن يتم الأخذ بكل مطالب الأساتذة، أشار إلى أنه إذا تم الأخذ بقسم من المطالب فسيكون هناك اجتماع للمعنيين لاتخاذ القرار المناسب؛ إما بالاستمرار في الإضراب؛ أو بتعليقه.
من جهته، أشار عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب محمد نصر الله إلى أن «قرار منع التوظيف يحرم الجامعة اللبنانية من الكفاءات الشبابية، ويحولها إلى جامعة متعاقدين مسلوبي الحقوق»، موضحاً أن «المتعاقد لا يتقاضى راتباً شهرياً، بل سنوياً وزهيداً، ولا يتمتع بأي ضمانات اجتماعية وصحية، وهذا ما يؤدي إلى تفريغ الجامعة وتهميشها، وحرمان أبناء ذوي الدخل المحدود من التحصيل العلمي».
ووضع شهيب، أمس، «رابطة الأساتذة» في أجواء اجتماعه مع الحريري، وكان قد أعلن مباشرة بعد لقائه رئيس الحكومة أنه تزود بتوجيهاته للحديث مع وزير المال بالتكلفة المالية والواقع المالي لكل بند من البنود المطلوبة من قبل الأساتذة؛ «على أمل أن ألتقي مع وزير المال بعد اتصالات سيجريها الرئيس الحريري، لكي نحدد أين يمكننا أن نتقدم بأي مطلب من المطالب، وأين يجب أن نؤخر، بالتفاهم والتنسيق مع رئيسة لجنة التربية النيابية النائبة بهية الحريري».
وأفيد في وقت لاحق من أمس باجتماع عقد في وزارة المالية، مخصص لحل أزمة الجامعة اللبنانية، ضم إلى وزير المال علي حسن خليل الوزير أكرم شهيب والنائبة بهية الحريري ورئيس الجامعة فؤاد أيوب وممثلين عن الأساتذة. وبعد الاجتماع أكد وزير المال أنه تم التوصل إلى طي صفحة الإضراب وأن المجتمعين أكدوا أولوية الحفاظ على الجامعة ودعمها إلى أقصى الحدود.
من جهته، أعلن شهيب التوصل إلى قواسم مشتركة حول بعض النقاط فيما يتعلّق بإضراب الأساتذة، مشيراً إلى وعود بشأن النقاط الباقية، خصوصاً في ظلّ مناقشة الموازنة. وأكد على ضرورة أن يتخرج الطلاب بعدما شارف الموسم الدراسي على نهايته، معلنا أنّ رئيس «رابطة الأساتذة المتفرغين» في الجامعة اللبنانية يوسف ضاهر سيلتقي أعضاء الرابطة وينقل لهم الصورة الإيجابيّة والتوافق بين جميع الجهات، لفكّ الإضراب والعودة إلى التعليم، معرباً عن أمله في أن تنتهي هذه المسألة بأسرع وقت. ونوّه بأنّ «القرار الجريء اتُّخذ من قبلنا وستّتخذه الرابطة، ولا تضييع للوقت وتمييع للواقع، إنّما هناك من يعمل بشعبوية ومن يعمل بجد، ونحن نعمل بجدّ».



البرد يهدد حياة 67 ألف أسرة يمنية في مخيمات النزوح

موجة الصقيع تسببت العام الماضي في وفاة عدد من سكان المخيمات في اليمن (إعلام حكومي)
موجة الصقيع تسببت العام الماضي في وفاة عدد من سكان المخيمات في اليمن (إعلام حكومي)
TT

البرد يهدد حياة 67 ألف أسرة يمنية في مخيمات النزوح

موجة الصقيع تسببت العام الماضي في وفاة عدد من سكان المخيمات في اليمن (إعلام حكومي)
موجة الصقيع تسببت العام الماضي في وفاة عدد من سكان المخيمات في اليمن (إعلام حكومي)

أطلقت الوحدة الحكومية المعنية بمخيمات النازحين في اليمن نداءً عاجلاً للأمم المتحدة والمنظمات الدولية لإنقاذ حياة آلاف الأسر التي تعيش في مخيمات النزوح بمحافظة مأرب نتيجة البرد القارس.

يأتي هذا في وقت كشف فيه برنامج الأغذية العالمي عن مواصلته توزيع المساعدات الطارئة في مناطق سيطرة الحوثيين، واستبعاده نحو مليون شخص في مناطق سيطرة الحكومة من قوائم المستفيدين من المساعدات الغذائية نتيجة نقص التمويل، ونحو مليون طفل من التغذية المدرسية للسبب ذاته.

يعيش النازحون داخلياً في اليمن داخل مخيمات تفتقر لأبسط مقومات الحياة (إعلام حكومي)

وذكرت الوحدة المعنية بإدارة مخيمات النازحين في بيان لها أن نحو 67941 أسرة تعيش في 203 مخيمات وفي مساكن مؤقتة «غير محمية من البرد الشديد» الذي يهدد حياة آلاف الأطفال وكبار السن في ظل غياب مواد التدفئة والخدمات الأساسية. وقالت إن السنوات الماضية شهدت حالات وفاة بسبب البرد الشديد.

وإذا لم تُقدَّم مساعدات طارئة هذا العام، قالت الوحدة الحكومية إن «الخطر لا يزال قائماً»، داعية الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية إلى التحرك السريع لـ«إنقاذ النساء والأطفال وكبار السن في مخيمات مأرب» التي تضم أكثر من 60 في المائة من النازحين في اليمن.

وطالبت الوحدة المعنية بشؤون النازحين بتوفير مستلزمات الشتاء من الأغطية والملابس ووسائل التدفئة، وتحسين المساكن المؤقتة لضمان حماية النازحين الذين يعيشون في ظروف سيئة، ويواجهون مخاطر المجاعة بسبب نقص المساعدات الغذائية نتيجة نقص التمويل المقدم من المانحين لخطة الاستجابة الإنسانية.

مساعدة الأكثر احتياجاً

ذكر برنامج الأغذية العالمي أنه أكمل توزيع الدورة الأولى من برنامج المساعدات الغذائية الطارئة المستهدفة في نوفمبر (تشرين الثاني)، في مناطق سيطرة الحوثيين، وأنه يستعد لتوسيع البرنامج بشكل أكبر. وبيّن أن النقص الشديد في التمويل اضطره إلى توجيه المساعدات فقط إلى أولئك الأكثر احتياجاً؛ مما يدفع إلى استهداف صارم وتحديد الأولويات لتعظيم استخدام الموارد النادرة.

وفي المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها دولياً، بدأ البرنامج توزيع الأغذية في ديسمبر (كانون الأول) الجاري، مع إعطاء الأولوية لـ2.8 مليون شخص للحصول على المساعدات الغذائية، حيث تُظهر أحدث البيانات تدهوراً شهرياً في استهلاك الغذاء على مستوى البلاد خلال أكتوبر (تشرين الأول).

نقص التمويل حرم مليون طفل يمني من برامج التغذية المدرسية (إعلام حكومي)

وأعاد البرنامج الأممي أسباب ذلك التدهور في المقام الأول إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في المناطق الخاضعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، ونقص المساعدات الغذائية المقدمة في المناطق الخاضعة للحوثيين، بالإضافة إلى ندرة الأنشطة المدرة للدخل على مستوى البلاد.

ووفق البرنامج، تجاوزت جميع المحافظات في اليمن عتبة «عالية للغاية» (20 في المائة) لاستهلاك الغذاء السيئ في أكتوبر، مع إفادة أكثر من نصف الأسر بتبني استراتيجيات تكيّف شديدة تعتمد على الغذاء.

نقص التمويل

ذكر برنامج الغذاء العالمي أن الاستهلاك غير الكافي للغذاء كان أعلى في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، حيث وصلت تكلفة سلة الغذاء الدنيا إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، فيما يتعلق باستمرار انخفاض قيمة العملة وارتفاع أسعار الوقود.

واعتباراً من دورة توزيع الشهر الحالي، يقوم البرنامج بتقليص عدد الأشخاص المستهدفين بالمساعدات الغذائية من 3.6 مليون إلى 2.8 مليون شخص كجزء من جهود تحديد الأولويات في إطار عملية إعادة الاستهداف والتسجيل.

ونبّه البرنامج إلى الآثار المترتبة على نقص التمويل، وقال إنه يواجه نقصاً في التمويل، ويحتاج بشكل عاجل إلى مزيد من الدعم من الجهات المانحة لكي يتسنى له توسيع نطاق المساعدات الغذائية وتلبية الاحتياجات بصورة كافية.

وأكد أنه لم يكن باستطاعته استهداف سوى مليون طفل تقريباً من أصل مليونَي طفل كان من المقرر الوصول إليهم على مستوى اليمن خلال العام الدراسي 2024-2025.