عروض بصرية تكشف خبايا علاقة جدة مع البحر

تجتذب العروض البصرية أمام بناية «باب البنط» بجدة التاريخية حضوراً جماهيرياً كل مساء للاستمتاع والتأمل في العمل الفني الشاهد على جدران المبنى التاريخي والمعنون بـ«البنط» والذي تقدمه الفوتوغرافية مروة المقيط ضمن مبادرة المجلس الفني السعودي وبدعم من وزارة الثقافة.
وأوضحت المقيط أنها استحضرت علاقة بناية «باب البنط» بالبحر، حيث كان المبنى قريبا من البحر وأصبح فيما بعد مركزا صحياً، تقدم فيه الخدمات الصحية للحجاج قبل أن يتم نقلهم إلى مكة المكرمة، وهو ما أكسبه مكانة وحيوية هامة.
وبينت المقيط أن العمل عبارة عن تكوين بصري يجسد تجريدياً القيمة المعنوية والتاريخية لبناية «باب البنط»، التي تحولت لمتحف، وهي تتمتع بموقع جغرافي واستراتيجي هام بالنسبة لمدينة جدة، وذلك من خلال قصة مصورة، تروي امتداد البحر قبل أكثر من مائة عام إلى عمق مدينة جدة حيث كان البنط هو الميناء والجمرك والمرسى لسفن التجارة.
وقالت المقيط بأن العمل يسلّط الضوء على جمال تصميم مبنى البنط وعمارته العثمانية العريقة، التي ما زالت صامدة على مر السنين، حيث يعتبر من أقدم المباني في مدينة جدة. ويبرز العمل خطوط التباين والتقاطع التي تشكّل الهيكل العام للمبنى، وتبرز جمال جدرانه الخارجية ومشربياته الخشبية، إضافة إلى انعكاس التصميم الداخلي للبهو والحجرات المتعددة.
وبينت أن البنط يشغل مساحة قرابة الألف متر مربع، في الدور الأرضي منها توجد صالات واسعة وعلى الجانب غرف الموظفين والأطباء وعددها اثنتا عشرة غرفة تختلف مساحاتها من غرفة إلى أخرى، والدور العلوي مكون من مجموعة من ست عشرة غرفة.
كما زينت جدران المبنى من الداخل ببعض النقوش الإسلامية والآيات القرآنية... وزينت المداخل والصالات بالأقواس والأعمدة التي تتوزع في جميع المداخل والممرات في المبنى.
وتعرض في المتحف جميع وسائل النقل البحري القديمة مثل السواعي والمعديات والهواري والسنابيك والسفن الشراعية وغيرها بالإضافة إلى النشاطات البحرية القديمة التي كان يعمل فيها أهل جدة.
وعن استخدام تقنيات العرض والإسقاط الضوئي الرقمي، أشارت المقيط إلى أن هذه التقنيات تحاول المزج الفني لإعادة إحياء ذكرى البنط ومغامرات البحر والأسفار، كما تستعيد مشهدية انتظار وصول وفود الحجاج، وتسهيل وصولهم لمكة المكرمة، وكذلك إعادة إحياء قصص الحجيج بما فيها من مشقة الطريق لأداء الفريضة المقدسة.
وختمت المقيط بالقول «هذه المعطيات مجتمعة جعلتني أبني تصورا بصريا يعكس كل هذه العلاقات المتعددة الأوجه في مشهد فني واحد، بحيث يتم عرضه على الجدران الخارجية للمبنى نفسه والتي يعكسها العمل بواسطة «البروجكشن»، ليتيح حرية التعامل مع جميع طبقات المجتمع بخلفياتهم الثقافية والعلمية المختلفة. فيما يختم العمل قصته المصورة بقصيدة للشاعر أبي نواس عندما أدى فريضة الحج قبل مئات السنين.