«قوى الحرية والتغيير» السودانية تعلن العصيان والإضراب السياسي المفتوح

«العسكري» يشن حملة اعتقالات للقادة والنشطاء ويعلن انفتاحه على التفاوض

القيادي في «التغيير» عمر الدقير (إ.ب.أ)
الموفد الافريقي إلى السودان محمد حسن لابات خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم (إ.ب.أ)
القيادي في «التغيير» عمر الدقير (إ.ب.أ) الموفد الافريقي إلى السودان محمد حسن لابات خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم (إ.ب.أ)
TT

«قوى الحرية والتغيير» السودانية تعلن العصيان والإضراب السياسي المفتوح

القيادي في «التغيير» عمر الدقير (إ.ب.أ)
الموفد الافريقي إلى السودان محمد حسن لابات خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم (إ.ب.أ)
القيادي في «التغيير» عمر الدقير (إ.ب.أ) الموفد الافريقي إلى السودان محمد حسن لابات خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم (إ.ب.أ)

أعلنت قوى الحرية والتغيير، التي تقود حراك الشارع السوداني، بدء العصيان المدني والإضراب السياسي «المفتوح»، ابتداء من اليوم، واستمراره حتى تسليم المجلس العسكري الانتقالي السلطة لحكومة مدنية، فيما أعلن الأخير حرصه وانفتاحه على المفاوضات لتحقيق التداول السلمي للسلطة. وسرت حملة مكثفة لقوى المعارضة، على مواقع التواصل الاجتماعي، للتعريف بالخطوة، فيما شرع سكان العاصمة والمدن المختلفة منذ أمس، في شراء وتخزين المواد التموينية استعدادا لأيام الاعتصام. وذكرت مصادر غير رسمية أن المجلس العسكري وضع خطة لمواجهة عواقب هذا الإجراء.
وقالت قوى إعلان الحرية والتغيير، في بيان أمس، إن العصيان المدني والإضراب السياسي سيستمران ابتداء من اليوم حتى تسليم السلطة، لحكومة مدنية. ويأتي هذا التصعيد الخطير، بعد يوم واحد من إعلان وساطة أفريقية يقودها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، تهدف لحث الطرفين للعودة إلى طاولة المفاوضات.
لكن قوى الحرية والتغيير اشترطت لاستئناف التفاوض مع المجلس العسكري، تشكيل لجنة دولية للتحقيق في أحداث فض الاعتصام التي راح ضحيتها أكثر من مائة قتيل ومئات الجرحى والمصابين والمفقودين من المحتجين السلميين والمدنيين العزل، فيما اعترف «العسكري» بمسؤوليته عن الأحداث التي وصفت بـ«المجزرة».
ودعت قوى الحرية والتغيير المواطنين، لإغلاق الجسور وسد الشوارع العامة والداخلية في الأحياء بالمتاريس، وشددت على عدم الاحتكاك مع قوات الدعم السريع أو أي جهات أمنية أخرى، عند محاولاتها فتح المتاريس.
ودعت لجان الأحياء والمناطق إلى الانخراط في تنفيذ وتنظيم وقيادة العصيان المدني وتوفير الحماية للمواطنين وفق خبرات «النفير والتكافل المتأصلة بين الأسر السودانية»، وأضافت: «لجان الإضراب تلعب دوراً مهماً في المتابعة اليومية والمستمرة وحجز الزاوية في إنجاح الخطوة».
ووزعت قوى الحرية جدولاً للنشاط السلمي المناوئ للمجلس العسكري طوال الأسبوع الحالي، وأطلقت على الجمعة المقبل بـ«جمعة الشهداء». وأوضح بيانها أن العصيان «فعل سلمي» قادر على تركيع أعتى ترسانة أسلحة في العالم، وأضاف: «الزم الحي، وابدأ بوضع المتاريس، وانتظر النتائج». وزادت وتيرة الناشطين والناشطات في مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» خاصة من خارج السودان بالدعوة للعصيان المدني، وأرسل تجمع المهنيين السودانيين أول من أمس 15 ألف رسالة نصية قصيرة عبر الهواتف الجوالة في محاولة لتدارك انقطاع خدمة الإنترنت داخل السودان قدم فيها موجهات العمل التصعيدي المطلوب، ويتوقع أن تصل عدد الرسائل حتى موعد العصيان لأكثر من 900 ألف رسالة نصية تحمل توقيع «تسقط بس».
وأعلن تجمع العاملين بقطاع النفط بوصفه قوة نوعية، الدخول في العصيان المدني الشامل حتى إسقاط المجلس العسكري.
ومنذ الاثنين الماضي، قطعت هيئة الاتصالات السودانية، خدمة الإنترنت بشكل كامل عن البلاد، وبحسب النشطاء فإن الهدف من قطع الخدمة هو «التعتيم على المذابح التي ارتكبتها قوات الدعم السريع» بحق المدنيين العزل، والحيلولة دون تواصل النشطاء لتنسيق وتنظيم الإضراب والعصيان، حسب تعبيرهم. بيد أن قادة المعارضة أفلحوا في توصيل رسائل ودعوات الإضراب لمعظم السودان باستخدام وسائل تقليدية.
ورصدت «الشرق الأوسط»، أمس، حركة كثيفة بين المواطنين في الأسواق وداخل الأحياء، فيما اكتظت المحال التجارية للتزود بالاحتياجات المعيشية الضرورية، استعدادا للبقاء في المنازل خلال فترة العصيان المدني غير محدد الأجل. ورغم إزالة سلطات الأمن السودانية للحواجز والمتاريس وفتح الجسور والطرق المؤدية إلى وسط العاصمة الخرطوم، بدت حركة المرور خفيفة، وخلت الطرقات إلاّ من بعض السيارات الخاصة وأعداد قليلة من المارة، فيما تواصل الإغلاق التام للأسواق في وسط المدينة وعلى الطرق الرئيسية.
ومع اعترافها بالمسؤولية عن أحداث «الاثنين» وإعلانها الاستعداد للعودة لطاولة التفاوض، فإن سلطات الأمن السودانية شنت حملة اعتقالات واسعة وسط القوى السياسية المعارضة، وقادة العصيان المدني، وألقت القبض على القيادي في قوى إعلان الحرية والتغيير محمد عصمت، أحد قيادات الإضراب في بنك السودان، عقب اللقاء الذي جمع قادة الحرية والتغيير مع الرئيس الإثيوبي مباشرة.
ومن جانبها، قالت الحركة الشعبية لتحرير السودان - جناح عقار، إن جهاز الأمن اقتحم في الساعات الأولى من صباح أول من أمس منزلاً يقيم فيه وفد الحركة الذي قدم للخرطوم بعد سقوط حكم الرئيس المخلوع، عمر البشير، واعتقال الأمين العام خميس جلاب والمتحدث الرسمي باسم الحركة مبارك أردول. وأوضحت في بيان أمس، أن جهاز الأمن اعتدى بالضرب على أعضائها في مقر إقامتهم، واقتاد قادتهم إلى جهة مجهولة، ليلحقوا بنائب رئيسها ياسر سعيد عرمان، والذي اعتقل بالطريقة نفسها، ولا يعرف مصيره بعد على رغم الوعود بإطلاق سراحه.
وقالت الحركة إن «انقلاب اللجنة الأمنية لنظام البشير، كشف عن وجهه القبيح في الاستمرار بالنهج القديم نفسه، وترهيب المناضلين وقمعهم».
وطالبت بإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين وأسرى حركات الكفاح المسلح، والسماح للأسر بزيارتهم والاطمئنان عليهم، وناشدت المنظمات الحقوقية والدبلوماسية الضغط على المجلس العسكري لإطلاق الحريات العامة وصون حقوق الإنسان.
وتعهدت الحركة ببذل كل جهد مع الهيئات الدولية والنشطاء من العالم الحر، لـ«إدانة سلوك وانتهاكات المجلس»، وتابعت: «ثقتنا كبيرة في شعبنا العظيم في تحقيق النصر، واستعادة النظام الديمقراطي، وإعلاء قيم العدالة والمساواة، في دولة مدنية قوية».
من جانبه، حمّل حزب الأمة القومي المجلس العسكري الانتقالي المسؤولية عن الانسداد السياسي، وقال: «تعيش بلادنا انسداداً سياسياً شديداً، سببه والمسؤول عنه المجلس العسكري القابض بسبب أخطائه ومراوغاته، وتصرفاته القمعية الرعناء، والتي أدت إلى حالة من الانفلات الأمني غير المسبوق، مع ترويع وترهيب المواطنين، وإذلال واستهداف السياسيين».
وندد البيان باعتقال عضو مكتب الحزب السياسي الكابتن طيار عادل المفتي، والقيادي الإسلامي إبراهيم الماظ، ونائب رئيس الحركة الشعبية ياسر عرمان، والأمين العام للحركة الشعبية إسماعيل جلاب، والمتحدث باسمها مبارك أردول، والمصرفي محمد عصمت.
وحذر البيان من استمرار احتجاز السياسيين، وقال إنه «لن يؤدي إلاّ لمزيد من الانسداد»، وطالب بإطلاق سراحهم فوراً ومن دون استثناء، بما في ذلك أسرى الحركات المسلحة.
من جهته، أبدى المجلس العسكري الانتقالي في بيان نشره على صفحته على «فيسبوك» أمس، حرصه وانفتاحه على التفاوض مع القوى السياسية للعبور بالفترة الانتقالية وتحقيق التداول السلمي للسلطة في البلاد.
ورحب المجلس بالوساطة الأفريقية التي يقودها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، وأكد «انفتاحه وحرصه على التفاوض»، على الرغم من اعتقال عدد من قادة القوى السياسية والنقابية بعد لقائهم الوسيط الأفريقي مباشرة.
وكان آبي أحمد قد وصل للبلاد أول من أمس، حاملا وساطة لحل الأزمة السودانية، حث خلالها الأطراف السودانية ودعاها لما سماه «التحلي بالشجاعة لحل المأزق». وعقد أحمد عدة مباحثات مع المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية بشكل منفصل، أعلنت خلالها قوى إعلان الحرية قبولا مشروطا للمبادرة، وتضمنت الشروط اعتذار المجلس العسكري واعترافه بجريمة فض الاعتصام وقتل المحتجين السلميين، وتكوين لجنة تحقيق دولية في مقتل المدنيين العزل، ومحاسبة الذين أصدروا الأوامر، ومن نفذوا التعليمات، وإطلاق سراح المعتقلين وأسرى الحرب وإتاحة الحريات ورفع الحظر عن الإنترنت وسحب المظاهر العسكرية من الشوارع، وقالت إنها لن تدخل في أي تسوية قبل تحقيق هذه الشروط.
وقال رئيس حزب المؤتمر السوداني، القيادي في قوى الحرية والتغيير، عمر الدقير في تصريحات إن «قوى الحرية والتغيير لم تتحدث مطلقاً عن مفاوضات مع المجلس العسكري»، وأضاف: «لقد رحبنا بالوساطة التي قدمها رئيس الوزراء الإثيوبي ولم نتحدث عن مفاوضات لأن هناك شروطا واضحة لا بد من تنفيذها»، واصفاً دعوة المجلس العسكري للدخول في مفاوضات بأنها «مختلة». ويوضح: «المجلس غير جاد لأنه يقوم بحملة اعتقالات واسعة ضد الناشطين والسياسيين... ومحاولة للقفز على دم الشهداء».
من جهته، دعا السفير البريطاني في الخرطوم، عرفان صديق، المجلس العسكري للاستجابة لشروط قوى الحرية والتغيير. وقال صديق في تغريدة عبر «تويتر» إن «الحوار هو كل شيء في الدبلوماسية... وإن الشروط المسبقة للحوار ليست عموما فكرة جيدة... لكن بعد ما حدث في 3 يونيو (حزيران) (تاريخ مجزرة الميدان) فإن شروط قوى التغيير للعودة إلى المحادثات تعد معقولة إلى حد كبير». وأضاف: «نأمل بأن نرى ردا إيجابيا من المجلس العسكري قريبا».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.