خلاف الدين الإيطالي يفاقم التوتر بين روما وبروكسل

ردود فعل إيطالية غاضبة من تقرير المفوضية الأوروبية

نائب رئيس الوزراء الايطالي لويغي دي مايو في مؤتمر صحافي في روما (أ.ب)
نائب رئيس الوزراء الايطالي لويغي دي مايو في مؤتمر صحافي في روما (أ.ب)
TT

خلاف الدين الإيطالي يفاقم التوتر بين روما وبروكسل

نائب رئيس الوزراء الايطالي لويغي دي مايو في مؤتمر صحافي في روما (أ.ب)
نائب رئيس الوزراء الايطالي لويغي دي مايو في مؤتمر صحافي في روما (أ.ب)

رفضت المفوضية الأوروبية في بروكسل، التعليق على ردود أفعال صدرت من روما في أعقاب الإعلان في تقرير فصل الربيع بشأن السياسات الاقتصادية وموازنات الدول الأعضاء، عن نية المفوضية اتباع مسار لإجراءات تأديبية ضد إيطاليا بسبب ارتفاع الدين الحكومي.
وخلال مؤتمر صحافي يومي بمقر المفوضية، وفي إجابته على سؤال حول تصريحات من روما تشير إلى أن هناك أرقاما سيتم الإعلان عنها في أواخر يوليو (تموز) القادم تقطع الطريق أمام أي إجراءات عقابية من بروكسل، قال المتحدث باسم المفوضية ألكسندر وينترستاين إنه لا يمكن أن يضيف أي شيء أكثر مما سبق أن جرى الإعلان عنه الأربعاء؛ ولكن بشكل إجمالي فهو يأمل أن تكون هناك دائما أخبار جيدة.
وجاء ذلك فيما قال نائب رئيس الوزراء وزير العمل والتنمية الاقتصادية في الحكومة الإيطالية، لويغي دي مايو إن تصريحات صدرت مؤخراً عن رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر تحدث فيها عن قساوة السياسات التقشفية المفروضة على دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، كاليونان: «كانت زائفة وأملتها الانتخابات البرلمانية الأوروبية التي جرت في الأسبوع الأخير من شهر مايو الماضي».
وقال دي مايو الخميس: «لقد أعربت عن تقديري لرئيس المفوضية عندما قال إن سياسات التقشف المفروضة على دول الاتحاد الأوروبي كانت قاسية للغاية. ولكن الرسالة التي أرسلوها إلى إيطاليا بشأن خرق القواعد المالية الأوروبية أظهرت أنه كان تصرفاً أملته دواع انتخابية، بدلاً من إعادة نظر حقيقية في سياسات التقشف». وأضاف: «تظهر تلك الرسالة أن أوروبا لم تتعلم من أخطائها، وتواصل القول إنه في وقت الانكماش الاقتصادي يتعين إجراء المزيد من الاستقطاعات. إنهم بذلك يضعفون الاقتصاد».
بينما وصف رئيس الوزراء الإيطالي السابق، باولو جينتيلوني رسالة المفوضية الأوروبية للجهاز التنفيذي الحالي في بلاده بشأن خرق قواعد الاتحاد الأوروبي للمالية العامة بـ«التحذير المهم»، لأنه «يصور موقفاً مدعاة للقلق».
وقال جينتيلوني، رئيس الحزب الديمقراطي المعارض في تصريحات إذاعية الخميس إن «المشكلة لا تكمن في الإجراء العقابي في حد ذاته، بل في معدلات النمو الضعيفة للاقتصاد، وزيادة الديون، وقلة فرص العمل، وزيادة العبء الضريبي. هذا ما يدعونا للقلق».
وأضاف جينتيلوني أن «بروكسل تقول إن فوائد الديون زادت، والنمو بنسبة الصفر، والديون آخذة في الارتفاع والإصلاحات توقفت... ماذا عليها (المفوضية) أن تكتب أكثر من ذلك لكي يدرك دي مايو أن المسؤولية تقع على عاتق حكومته؟». وتابع: «أخشى من موقف حكومي متذبذب بين من يقول: لن نكترث، سنمضي قدماً، وآخر نقيض يقول: نريد التفاوض». وأردف أن «عدم الاكتراث سيكون أمرا خطيرا، والتفاوض يتطلب ألا نكون معزولين، كما نحن الآن في أوروبا… لا يمكنني التنبؤ بما سيحدث، ولكن منذ عدة أسابيع ليس لدينا حكومة قادرة على اتخاذ القرارات الضرورية».
ويتعين على الدول الأعضاء في الاتحاد، بموجب ميثاق النمو والاستقرار الحفاظ على معدلات عجز الموازنة أقل من 3 في المائة من الناتج المحلي، وعلى دين عام لا يتجاوز 60 في المائة من هذا الناتج. وفي حال لم تحترم الدول الأعضاء هذه المعايير يتم اتخاذ إجراءات متدرجة الشدة بحقها قد تنتهي إلى عقوبات اقتصادية ومالية.
ولتفادي هذا الوضع، يجب أن تقدم الدولة المعنية مخططاً مقبولاً من قبل بروكسل يشرح بالتفصيل كيفية العمل على إصلاح الموازنة وخفض الدين.
ومن وجهة نظر البعض من المراقبين، فإن المفوضية اكتفت بتوجيه تحذير لبلجيكا ودول أخرى، بينما قررت فتح الباب أمام إجراءات تأديبية ضد روما، هو الأمر الذي أغضب الإيطاليين الذين كانوا يتوقعون مجرد تحذير على غرار الدول الأخرى. وحذرت المفوضية الأوروبية السلطات البلجيكية من مغبة عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لخفض الدين العام. وأوضح المفوض المكلف الشؤون المالية والضريبية بيير موسكوفيتشي، أن الإجراءات التي اتخذت حتى الآن من قبل السلطات البلجيكية لم تؤد إلى تراجع ملحوظ في مستوى المديونية، ولكن الجهاز التنفيذي الأوروبي لم يتقدم بأي توصية لإطلاق إجراءات مشددة ضد بلجيكا على غرار ما فعل بالنسبة لإيطاليا.
ويأتي ذلك بينما أوصت المفوضية الأوروبية باتخاذ إجراءات مشددة ضد إيطاليا على خلفية ارتفاع حجم ديونها في العامين 2018 و2019، متوقعة أن تستمر على نفس المنوال في عام 2020 أيضاً، واعتبرت المفوضية أن عجز الموازنة الإيطالية قد تجاوز بكثير الحدود المقبولة أوروبياً، ما يستدعي إطلاق الإجراءات المنصوص عنها في المعاهدات. ومن الجدير بالذكر أن الإجراءات العقابية ضد بلد أوروبي ما تأخذ وقتاً غير قصير، وتتم بالتنسيق مع البلد المعني.
وفور نشر تقرير المفوضية أعلنت الحكومة الإيطالية أنها «أخذت علما» بتقييم المفوضية الأوروبية وتعتزم «مواصلة الحوار» من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن السبل التي سيتم بها تحقيق أهداف العام الحالي بما يمليه ميثاق الاستقرار والنمو الأوروبي، حسبما جاء في مذكرة رداً على توصية الجهاز التنفيذي الأوروبي البدء في إجراءات عقابية لمخالفتها القواعد المالية المفروضة على الدول الأعضاء.
ونوهت المذكرة بأن الحكومة الإيطالية تتوقع «مساراً تراجعياً للعجز يتماشى مع الالتزامات المقطوعة»، حيث سيكون «أقل بكثير» من تقديرات المفوضية الأوروبية للعام الحالي 2019، مشيرة إلى أن معدل العجز إلى الناتج المحلي الإجمالي سيكون عند 2.1 في المائة. ووفق المذكرة، فإن أحدث رصد للعائدات أظهر إيرادات ضريبية وإيرادات مساهمة أعلى من المتوقع بما يعادل 0.17 نقطة من الناتج المحلي الإجمالي وإيرادات غير ضريبية أعلى بمقدار 0.13 نقطة.



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.