ظريف يعرض من بغداد اتفاقية عدم اعتداء مع دول الخليج

في وقت أعلن العراق على لسان وزير خارجيته محمد علي الحكيم رفضه لما أسماه الإجراءات الأميركية أحادية الجانب ضد إيران فإنه أبدى استعداده للعب دور الوساطة بين الطرفين فيما اعترفت طهران ولأول مرة بتأثير العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قبل واشنطن.
وفي مؤتمر صحافي مشترك عقده الحكيم مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف الذي وصل إلى بغداد مساء أول من أمس، أعلن الحكيم أن «العراق يسعى للوقوف مع إيران بأي شكل من الأشكال»، مؤكدا رفضه للإجراءات الأميركية تجاهها. وأضاف أن «الاتصالات مستمرة مع دول المنطقة لإيجاد حل مرض لجميع الأطراف»، مبينا أن «العراق سيحضر القمتين العربية والإسلامية» في مكة المكرمة.
من جانبه، أكد وزير الخارجية الإيراني خلال المؤتمر أن «طهران لم تقم بأي خرق لاتفاقية البرنامج النووي»، مؤكدا أن «بلاده ستواجه بقوة أي جهة تحاول التعدي عليها». وقال إن الإيرانيين قدموا «عدة مقترحات لتوقيع معاهدة عدم الاعتداء مع جميع دول الخليج العربي، والتي لا تزال على الطاولة»، مبينا في الوقت نفسه أن «إيران تريد أفضل العلاقات مع دول الخليج، وترحب بجميع مقترحات الحوار وخفض التوتر».
وانتقد ظريف الدول الأوروبية لفشلها في الامتثال لالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي قائلا بأن «الدول الأوروبية قد خالفت التطبيع العملي والعلاقات الاقتصادية مع إيران على مدى السنوات الثلاث الماضية، وأن الانتهاك قد زاد أكثر خلال العام الماضي».
وكان ظريف التقى خلال زيارته إلى بغداد رؤساء الجمهورية برهم صالح والوزراء عادل عبد المهدي والبرلمان محمد الحلبوسي. وبينما أعلن وزير الخارجية محمد علي الحكيم وقوف العراق إلى جانب إيران فإن رئيس الجمهورية جدد رغبة العراق في لعب دور التهدئة بين الطرفين في حين أكد رئيس البرلمان وقوف بلاده على الحياد في هذه الأزمة. وفي بيان لمكتب رئيس البرلمان فإن الحلبوسي أكد خلال اللقاء حرص العراق على الحفاظ على علاقته بإيران وجميع دول المنطقة، مشيرا إلى «خطورة التصعيد في المنطقة، وضرورة الحوار والمبادرات السلمية؛ لبناء الثقة بين كل الأطراف». وأكد الحلبوسي أن «العراق سيلعبُ دورا محوريا؛ لخفض التصعيد بين طهران وواشنطن، ولن يكون في أي محور، معرباً عن حرصه على سلامة جيرانه والعمل على كل المستويات؛ لتجنب مخاطر التصعيد في المنطقة».
بدوره، أكد زير الخارجية الإيراني أن بلاده لا ترغب في أي تصعيد عسكري وأنها على استعداد لتلقي أي مبادرة تساعد على خفض التصعيد وتكوين علاقات بنَّاءة مع جميع دول الجوار.
وفي هذا السياق، يرى أستاذ الأمن الوطني في جامعة النهرين الدكتور حسين علاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمور تتجه إلى التصعيد نتيجة فقدان الثقة بين الطرفين الأميركي والإيراني حيث إن الولايات المتحدة الأميركية تتجه نحو سياسة الإذعان المر باتجاه إيران بينما إيران تتجه نحو استراتيجية التزام الصمت الهادف ولدى كل طرف فرضية حيث إنه لا بد في النهاية من أن يبرز طرف لكي يضع طاولة الحوار الأخير». وبشأن موقف الحكومة العراقية من هذه الأزمة، يقول علاوي إن «موقف الدولة العراقية الرسمي واضح إنه يتجه إلى الحياد الإيجابي بينما الموقف غير الرسمي يتجه نحو التعاطف الحذر». وأوضح أنه «يتعين على الإيرانيين أن يلغوا فرضية أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب لن يفوز في انتخابات 2020 من أجل الدخول في مفاوضات شاملة».
أما عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي ظافر العاني فيرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «العراق لا يصلح وسيطا في هذه الأزمة لكنه يشجع على الوساطة من خلال التأثير على دول إقليمية صديقة وربما يكون دوره حامل رسائل بين الطرفين وهو دور عملي ومفيد أكثر من الوساطة». وأضاف أن «العراق يهمه أن تنتهي الأزمة بالوسائل السلمية ومن مصلحته أن يتجنب الحرب».
بدوره، يقول رئيس مركز التفكير السياسي الدكتور، إحسان الشمري، لـ«الشرق الأوسط» إن «العراق تواصل في الآونة الأخيرة مع دول عربية عبر لقاءات رسمية مباشرة وكذلك مع دول أوروبية عن طريق سفاراتها في بغداد من أجل تنسيق الجهود في هذا المجال ودوره لا يتعدى حتى الآن حدود نقل الرسائل».