الحرب تجبر أكثر من 122 ألف طالب ليبي على تأجيل دراستهم

مع دخول الحرب أسبوعها الثامن، يبدو مصير العام الدراسي لأكثر من 122 ألف طالب في ليبيا في مهب الريح، بعد أن أجبرتهم المعارك على الفرار مع ذويهم من مدنهم والمناطق التي يقطنونها؛ خصوصاً جنوب العاصمة طرابلس.
تقول ميار مصطفى، وهي طالبة في الثانوية العامة لوكالة الصحافة الفرنسية: «هُجِّرنا من بيوتنا مع بدء الاشتباكات، ونحن في سنة دراسية حساسة، كوننا سننتقل إلى الجامعة نهاية العام... على المستوى النفسي نحن مضطربون ولا نعرف مصيرنا».
ميار التي كانت تقطن مع عائلتها في منطقة وادي الربيع، استيقظت ذات يوم على أصوات المدافع والأسلحة الرشاشة، مع اندلاع اشتباكات عنيفة خلال محاولة قوات المشير خليفة حفتر التقدم صوب العاصمة طرابلس، ففرّت مع عائلتها، تاركة على عجل مدرستها التي طالها القصف، وكتبها وقرطاسيتها.
ويؤكد رشاد بشر، رئيس لجنة الأزمة بوزارة التعليم بحكومة الوفاق، أن هناك مناطق كثيرة توقفت فيها الدراسة نظراً لوقوعها في مناطق الاشتباكات، وقال بهذا الخصوص: «لم تتوقف الدراسة في معظم مدارس طرابلس، لكن بلديتي عين زارة وأبو سليم استثناء، كونهما الأكثر تضرراً جراء الأعمال العسكرية، وقد تجاوز عدد المدارس المغلقة فيهما 100 مدرسة».
وبخصوص احتمال إيجاد حل لهذه المشكلة، قال بشر: «نأمل انتهاء الحرب قريباً، لكن في حال استمرارها نتوقع وضع خطة بديلة لمعالجة أوضاع الطلبة النازحين، وضمان عدم ضياع العام الدراسي عليهم».
وأصدرت وزارة التعليم في حكومة الوفاق نهاية الشهر الماضي، قرارات بسبب استمرار المعارك جنوب طرابلس وفي غرب البلاد، فحددت عطلة للمعلمين، وعلقت الدراسة بشكل مؤقت طيلة شهر رمضان. كما أكدت الوزارة استمـرار منح السلـطة التقديرية لمـراقبي التعليم فيما يتعلق باستمرار الدراسة بمناطقهم من عدمها، أو استمـرار الـدراسة في بعض المـدارس، ووقفهـا فـي مـدارس أخرى نتيجة للظروف الأمنية الراهنة.
وكغيرها من الطلبة النازحين، سُرَّت ميار مصطفى بعدما أطلقت مدارس عدة في المناطق الآمنة بالعاصمة طرابلس مبادرة تطوعية، تبناها معلمون لتقديم دروس منهجية تعوض الطلبة ما فاتهم في مدارسهم. وقالت بفرح خلال مشاركتها داخل مدرسة «سوق الجمعة» خلال حصة الرياضيات، التي تحضرها مع 25 طالبة، أخريات: «مبادرة المعملين طيبة. فقد قطعوا إجازة رمضان ليقدموا لنا دروساً منهجية... نحن ممتنون للطفهم، ووقوفهم مع أبنائهم الطلبة في هذا الوقت العصيب». لكنها مع ذلك تبدي قلقها إزاء الامتحان بقولها: «نحن الطلبة النازحين تأخرنا في استكمال المنهج المقرر، ومدرستي مغلقة جراء الحرب... فأين سأقدم امتحاناتي النهائية؟ وكيف سيتم احتساب الأعمال السنوية؟».
لذلك عبّرت ميار عن أملها في تحديد وزارة التعليم نظاماً خاصاً للطلبة النازحين، لكنها أضافت مستدركة: «ليس المهم تحديد موعد الامتحان النهائي، بل مدى جاهزيتنا من الناحية النفسية والعلمية لأداء الامتحان في ظل آثار الحرب».
من جهتها، تشير غفران بن عياد، معلمة اللغة الإنجليزية، إلى أن المبادرة تمثل أهمية خاصة للطلبة الذين لديهم رغبة في مقارعة الظروف لاستكمال تعليمهم. وتقول: «اللافت أن معظم الطلبة متفوقون، وأظهروا حرصاً كبيراً على التحصيل العلمي، رغم الآثار النفسية لنزوحهم القسري».
بدوره، يبدي الطالب أحمد بشير مخاوفه، رغم أهمية المبادرة، على مصير العام الدراسي، ويقول: «تفاعلت مع المبادرة عن طريق الإنترنت، وإعلان فرصة الالتحاق بالمدارس، التي يقطن فيها النازحون. توجهت مباشرة إلى مدرسة سوق الجمعة (بنين) لتعويض ما فاتني من دروس».
وبحسب بيانات مكتب اليونيسف في ليبيا، فإن أكثر من 122 ألف طالب لا يمكنهم الالتحاق بمدارسهم في طرابلس بسبب المعارك الدائرة، التي أسفرت عن مقتل 510 أشخاص، وإصابة 2467 آخرين بجروح، ونزوح نحو 60 ألف من مناطق الاشتباكات، وفق آخر حصيلة لمنظمة الصحة العالمية.
وفي ظل هذا الوضع المتفاقم، يعبر أحمد عن أمله بوضع وزارة التعليم حلاً جذرياً، يراعي خصوصية أوضاع الطلاب لتفادي ظلمهم في الامتحان النهائي، مقارنة مع طلاب لم تتوقف الدراسة في مدنهم. ويتساءل، وعلامات الحيرة تعلو وجهه: «كيف سيكون المستقبل بعد أكثر من شهر ونصف على الحرب؟».