أعلام النصر على النازية تعلو في «سوريا الروسية»

ضباط روس أثناء احتفالات «عيد النصر» في دمشق (روسيا اليوم)
ضباط روس أثناء احتفالات «عيد النصر» في دمشق (روسيا اليوم)
TT

أعلام النصر على النازية تعلو في «سوريا الروسية»

ضباط روس أثناء احتفالات «عيد النصر» في دمشق (روسيا اليوم)
ضباط روس أثناء احتفالات «عيد النصر» في دمشق (روسيا اليوم)

عندما كانت الأرتال العسكرية الروسية تمر أمام منصة الاحتفال في الساحة الحمراء، فاخر المعلق الذي علا صوته عبر مكبرات الصوت العملاقة بأن بعض التقنيات المعروضة ما زالت تثبت جدارتها في الحرب السورية، لكن حضور سوريا في احتفالات «عيد النصر» على النازية هذا العام لم يقتصر على عرض «العضلات العسكرية» التي مرنتها موسكو جيدا في المدن السورية. إذ كان له بعد آخر، أكثر أهمية من خلال التركيز على أن دروس التاريخ والحاضر أثبتت أن «السلاح الروسي لا يقهر» وفقا لعبارة الرئيس فلاديمير بوتين، الذي كان يتحدث عن الحرب العالمية لكنه وجه رسائل سياسية في كل عبارة عن الحاضر.
هكذا توقف بوتين في قراءة معاصرة للعبارة التي حفرها الجنود السوفيات على جدران قلعة برست قبل موتهم: «أموت ولا أستسلم»، مشيرا إلى أنها (العبارة) غدت القسم الذي «تردده الأجيال اللاحقة في المعارك» التي تخوضها روسيا.
وهكذا أيضا، تعمد الرئيس الروسي أن يذكر أمجاد روسيا في العهود السوفياتية مذكرا بـ«عواصم بلدنا التاريخية» مثل كييف وفيليكي نوفغرد. وهنا إشارة إلى الصراع الدائر حاليا مع أوكرانيا، فيها تأكيد على الرؤية الروسية للتاريخ، في مقابل رؤية الأوكرانيين الذين يرون أن لأوكرانيا فضل تاريخي على نشوء أول إمارة روسية. لكن بوتين لم يتوقف عند ذلك، فهو أشار إلى سمولنسك (المرتبطة بمواجهة عنيفة مع البولنديين العدو الأساسي حاليا لروسيا في أوروبا) وأوديسا (شرق أوكرانيا) وسيفاستوبول (القرم).
لم يكن ينقص بوتين وهو يثبت بكلماته شعاره الرئيسي «كل شيء من أجل المعركة» إلا أن يذكر سوريا، لكن الأخيرة حاضرة حتى لو لم يذكرها سيد الكرملين، برغم أن رئيسها لم يدع ليجلس على منصة الشرف في عيد النصر على النازية.
لذلك لم يكن غريبا أن تطلق روسيا نسخة مصغرة عن مراسم احتفالاتها بهذا العيد إلى سوريا، وبالتزامن مع العرض العسكري في الساحة الحمراء كانت قاعدة «حميميم» التي يحلو للمسؤولين والمعلقين في الصحافة الروسية أن يذكروا دائما بأنها «أرض روسية» تقيم عرضا عسكريا مهيبا، شارك فيه 750 عسكريا، من الجنود الروس والسوريين حملوا أعلام النصر على النازية، ونحو 20 قطعة من المعدات العسكرية.
ومرت أمام المنصة المقامة في القاعدة أرتال ضباط إدارة مجموعة القوات والمجموعة التكتيكية، وجنود فوج الدفاع الجوي الصاروخي، والمفرزة الطبية الخاصة، وكذلك رتل المجموعة المختلطة للنساء العسكريات، بالإضافة إلى وحدة الشرطة العسكرية الروسية ومجموعات من العسكريين من الجيش السوري.
أما الآليات والمعدات العسكرية، فقد ضمت عربات مدرعة من طراز «تايفون» و«تايغر» وكذلك عربات نقل جنود قتالية من طراز «بي تي أر82» وغيرها من الآليات.
ولأن الصدف شاءت أن يتم إلغاء العرض الاستعراضي الجوي في هذا العام في موسكو، بسبب تراكم الغيوم فوق العاصمة، فقد أدى «تراكم» خطر الهجمات على القاعدة الروسية خلال الشهر الأخير، إلى اتخاذ قرار بعدم تنفيذ عروض جوية، وتم عرض قدرات الطيران الحربي الروسي في سوريا من المقاتلات والمروحيات من الطرازات المختلفة وهي واقفة على مدرجات «حميميم».
لم تنته احتفالات «عيد النصر» الروسية – السورية هنا، إذ نسخت في دمشق فعالية «الفوج الخالد» التي تجرى سنويا في موسكو، وهي تشتمل على مسيرة يرفع فيها المشاركون صور أقاربهم الذين قضوا في الحرب العالمية. وشهدت دمشق مسيرة من هذا النوع شارك فيها روس وسوريون وجرت مسيرة مماثلة في حلب وأخرى في اللاذقية.
لكن السوريين الذين خرجوا يحملون صور أقاربهم الذين قتلوا في بلادهم، لم يجدوا في تصريحات العسكريين الروس انعكاسا لمغزى مشاركتهم، إذ اكتفى ممثل مركز المصالحة في «حميميم» رسلان فورونين الذي نسي أنه يحارب حاليا في سوريا وبين السوريين بإشارة إلى أن «الاحتفال يجري اليوم بهذه الذكرى (الحرب العالمية)، التي ندرك من خلالها مرة أخرى ضخامة النصر على النازية».
لم يكن هذا التجاهل مقصودا بطبيعة الحال، لكنه عكس القناعة الروسية بأن موسكو تتصرف وكأنها في مقاطعة صغيرة تابعة لأحد الأقاليم النائية في سيبيريا الشاسعة. وهو أمر وجد كثير من المؤشرات إليه خلال السنوات الماضية، برزت من خلال بيانات وزارة الدفاع المتتالية التي تقول ما يجب على دمشق أن تفعل ومتى عليها مثلا أن تصدر عفوا عن الجنود الفارين من الخدمة، أو مرسوما رئاسيا يحدد إجراءات معينة. كما انعكس في تصرفات مثل نقل مئات من الأطفال للإعداد في مدارس الفتيان العسكرية الروسية، وفي إقامة مسابقات تعليم اللغة الروسية في المدن السورية.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.