يتراجع إقبال المستثمرين الألمان على شراء الفرنك السويسري الذي شهد العام الماضي إقبالا متناميا. فإلى جانب سبائك الذهب والبلاتينيوم وفئات من السندات والأسهم، كان الفرنك السويسري من جملة من تم تصنيفه ببر الأمان في عيون المستثمرين الدوليين ومن بينهم الألمان الذين بدأوا حديثا خزن سيولتهم المالية باليورو. وحسب تحليلات الخبراء الألمان في العاصمة برلين تمر الأسواق المالية الدولية بمرحلة جمود غير معلن عنها رسميا تجعل الجميع يتعطش للسيولة المالية بالعملات الصعبة لا سيما الدولار الأميركي واليورو.
يقول الخبير المصرفي الألماني هانز كنيتل من مصرف شباركاسن في مدينة كولن إن المستثمرين الدوليين باعوا أسهما وسندات بقيمة 39 مليار دولار تقريبا في شهر مارس (آذار) من عام 2019. أما حصة المستثمرين الألمان من عملية البيع هذه فكانت نحو 5.75 مليار يورو. في المقابل شهدت الصناديق النقدية، أي تلك التي تستثمر في سوق النقد تدفقا غزيرا إليها إجماليه 116.4 مليار دولار. وفيما يتعلق بالصناديق النقدية الألمانية فتدفق إليها 10.9 مليار يورو، مما يدل على جو من الشكوك تسود الأسواق المالية الأوروبية والدولية.
ويضيف أن سلوكيات المستثمرين الألمان في الآونة الأخيرة وقعت ضحية المخاوف من تراجع النمو الاقتصادي العالمي وخطر الحروب الضريبية ومصير بريطانيا في الاتحاد الأوروبي وسياسات المصارف المركزية الغامضة التي سحبت من الأسواق قسما من سيولتها المالية تاركة وراءها فراغا لم تُعرف بعد أبعاده للعام. هكذا أصبح خزن السيولة المالية الشغل الشاغل للجميع من مشغلين ومستثمرين وشركات.
ويتابع: «منذ مطلع العام تشهد السوق المالية الأميركية الخاصة بسندات الشركات التي تتميز بمردودها العالي وخطرها المرتفع على المستثمرين، شبه شلل في إصداراتها مما يعيد ذاكرة المستثمرين إلى وضع مماثل حصل العام 2008. أما عملية اقتراض الأموال بفائدة معينة وتوظيفها للحصول على عائد يفوق كلفة الاقتراض أي الفائدة، فتواجه صعوبات جمة. على سبيل المثال قادت مصارف باركليز ودويتشه بنك ويو بي إس هذه العمليات في أوروبا لصالح مجموعة من الشركات. لكنها لاقت صعوبات في العثور على المقرضين بسهولة».
ويختم القول: «منذ مطلع شهر أبريل (نيسان) من العام 2019 سحب المستثمرون الدوليون ومن ضمنهم الألمان والهولنديون من سوق السندات والأسهم الأميركية 27.7 مليار دولار عبر عمليات بيع بلغت أوجها في منتصف شهر مارس الماضي. وسيتم استثمار هذه الأموال إما عبر شراء الأسهم والسندات في الأسواق الصينية كما بورصتا هونغ كونغ أو شنغهاي، أو عبر تشغليها في الصناديق النقدية الأوروبية. وعلى الصعيد الأوروبي من المتوقع أن يتدفق إلى الصناديق النقدية 81.2 مليار يورو لغاية آخر العام مقابل موجة هروب من صناديق الأسهم لما إجماليه 46.2 مليار يورو. بالطبع ستبقى أسواق الأسهم والسندات ذات المردود العالي جذابة في عيون المستثمرين الأوروبيين. لكن الأوضاع الاقتصادية الراهنة قادرة على تفسير سلوكيات التريث المالية لديهم».
من جانبها تقول الخبيرة الألمانية سوزان غول في مصرف دويتشه بنك، إن الأسواق المالية تمر بحالة من إعادة الهيكلة الشاملة. كما أن تحديد درجة انكشافها على المخاطر باتت مسألة ملحّة مطروحة للمناقشة أمام هيئات الرقابة المالية الدولية.
وتضيف بأن صناديق الأسهم المتخصصة في الأسواق المتقدمة التي تستثمر في الأسواق اليابانية الراغبة ببيع الأصول المالية الخارجية لخزن المزيد من السيولة المالية باليورو، لم تتأثر بسلوكيات المستثمرين الألمان، بل على العكس تدفق إلى هذه الصناديق نحو 63.5 مليار يورو منذ مطلع العام 2019. وكان للألمان حصة 7.5 مليار دولار منها.
وتختم: «عادت الصناديق النقدية لتسجيل مردود لصالح المستثمرين بعد انقطاع دام أكثر 25 عاما. عادة كانت الأسهم والسندات تضمن مردودا للمستثمرين الألمان أعلى مما تدرّه عليهم الصناديق النقدية. بيد أن ما يحصل اليوم هو العكس وقد يكون مؤقتا ومشابها لما كان يفعله الألمان العام 1969 حين كان الاستثمار في أسواق النقد الوجهة الرئيسية لهم».
السيولة المالية أضحت بر الأمان للمستثمرين الألمان
السيولة المالية أضحت بر الأمان للمستثمرين الألمان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة