«شباك وحيد متنقل لخدمة مغاربة العالم» لتقريب الخدمات الإدارية

أطلقت وزارة الهجرة مرحلته الأولى من قنصليات المغرب في إسبانيا

عبد الكريم بنعتيق الوزير المنتدب المكلف المغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة
عبد الكريم بنعتيق الوزير المنتدب المكلف المغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة
TT

«شباك وحيد متنقل لخدمة مغاربة العالم» لتقريب الخدمات الإدارية

عبد الكريم بنعتيق الوزير المنتدب المكلف المغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة
عبد الكريم بنعتيق الوزير المنتدب المكلف المغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة

تنظّم الوزارة المكلفة المغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة، ما بين 2 و5 مايو (أيار) المقبل، برنامج «شباك وحيد متنقل لخدمة مغاربة العالم»، بمختلف الدّوائر القنصلية للمغرب في إسبانيا، بحيث تشمل مالقا وألميريا وبرشلونة وبلباو وجيرونا ولاس بالماس ومدريد ومايوركا وإشبيلية وتاراغونا وفالينسيا؛ على أساس تعميمه مستقبلا ليشمل دولا أخرى.
وتأتي هذه الفعالية، حسب ورقة تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها: «استلهاما من الأهمية التي تجسّدها مختلف المبادرات التي يقوم بها مختلف الفاعلين في تقريب الإدارة من المواطنين خاصة مغاربة العالم، وكذا ما تقوم به القنصليات المغربية بالخارج من مبادرات في هذا الإطار، كالقنصليات المتنقلة والأبواب المفتوحة».
- استراتيجية وطنية
وأكدت ذات الورقة التقديمية أن الوزارة تقوم، في إطار «النهوض بأوضاع وشؤون مغاربة العالم»، و«التجاوب مع مختلف حاجياتهم وانتظاراتهم، خاصة في ظل التطورات المتلاحقة التي طرأت على هذه الفئة من المواطنين المغاربة»، وكذا «التحولات العميقة التي عرفتها دول الاستقبال، على مختلف المستويات السياسية والاجتماعية - الاقتصادية والثقافية»، بتنفيذ استراتيجية وطنية، تقوم على ثلاثة محاور أساسية، تتجلى في «المحافظة على الهوية المغربية لمغاربة العالم» وحماية حقوقهم ومصالحهم»، و«تعزيز مساهمتهم في تنمية بلدهم الأصلي، المغرب».
وأبرزت ذات الورقة التقديمية أنّ «المواكبة الاجتماعية والإدارية لمغاربة العالم تشكّل إحدى الدّعائم الأساسية لتنفيذ هذه الاستراتيجية»، وذلك من خلال «تنظيم الكثير من الزيارات واللقاءات التحسيسية»، مع مغاربة في بلدان الاستقبال وبأرض الوطن، وكذا «تعزيز حضور الوزارة على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، وبثّ وصلات إشهارية (إعلانية) وبرامج إذاعية وتلفزيونية حول مختلف البرامج الحكومية الموجهة لمغاربة العالم ومختلف القضايا التي تهمهم سواء في أرض الوطن أو خارجه، إلى غير ذلك من الأنشطة والبرامج ذات الصلة».
- مرحلة أولى
يهدف برنامج «شباك وحيد متنقل لخدمة مغاربة العالم»، الذي سيُنفّذ في مرحلة أولى بإسبانيا، على أساس تعميمه مستقبلا ليشمل دولا أخرى، إلى «مواكبة وتتبع أوضاع مغاربة إسبانيا عن قرب».
ويشكل مغاربة إسبانيا نسبة مهمة من مغاربة العالم، بعدد يقدر بحوالي 850 ألفا، حسب السجلات القنصلية.
كما يروم البرنامج «تحسيس مغاربة العالم بالقضايا التي تهمهم سواء الاجتماعية أو الثّقافية أو الاقتصادية أو الإدارية»، وذلك عن طريق «تعبئة مختلف المؤسسات التي تعنى بشؤون مغاربة العالم»، حيث سيعرف مشاركة التمثيليات الدبلوماسية والقنصلية للمملكة المغربية بإسبانيا، ووزارة العدل ووزارة التجهيز والنّقل واللوجستيك والماء (قطاع النقل)، والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، والمديرية العامة لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، والمديرية العامة للضرائب، وصندوق الضمان المركزي، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
- مقاربة تشاركية
أكّدت الورقة التقديمية للوزارة أنّ برنامج «شباك وحيد متنقل لخدمة مغاربة العالم» يندرج في إطار العناية التي يوليها العاهل المغربي الملك محمد السادس لقضايا وشؤون مغاربة العالم، خاصة ما يتعلق بتحسين مختلف الخدمات الإدارية المقدمة لهم.
وبالنظر لتزامن تنظيم البرنامج بإسبانيا مع اقتراب عودة مغاربة العالم لقضاء عطلتهم الصيفية بأرض الوطن، فإنّ هذا الحدث سيشكّل «مناسبة للتّفاعل معهم عن قرب حول مختلف الخدمات التي تخصّهم كخلايا المداومة وبرامج المواكبة الصيفية خلال مقامهم في المغرب، وكذا الشباك الخاص بالمغاربة المقيمين في الخارج الذي جرى إحداثه بمختلف الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية التي تعرف توافدا كبيرا على خدماتها من طرف مغاربة العالم»، و«فرصة للتّعريف بمختلف الخدمات الجديدة الموجهة إلى هذه الفئة من قبل القطاعات والمؤسسات العمومية المعنية بشؤون مغاربة العالم، خاصة بعد ملاءمتها مع حاجيات ورغبات هذه الفئة، حيث وُفّرت آليات جديدة للتّعاطي مع مختلف التحديات المرتبطة بالخدمات المقدّمة لهذه الفئة من المرتفقين».
وسيجري تأطير هذه اللقاءات، التي «تترجم نهجا منظورا استراتيجيا جديدا ومقاربة تشاركية في التعامل مع مغاربة العالم»، من قبل مسؤولين في الوزارة ومسؤولي عدد من القطاعات والمؤسسات الوطنية المعنية بشؤون المغاربة المقيمين في الخارج، وذلك بحضور أفراد الجالية المغربية وممثلي جمعيات المجتمع المدني الموجودة في هذا البلد.
- أهداف البرنامج
تتجلّى أهداف هذا البرنامج في «تقريب الخدمات الإدارية من مغاربة إسبانيا وتسهيل الحصول عليها»، والإنصات والتوجيه وتقديم الاستشارة حول مختلف الإشكالات والقضايا المطروحة على المواطنين المغاربة بإسبانيا»، و«دراسة مختلف الملفات والقضايا المثارة من طرف المغاربة المقيمين في إسبانيا على المصالح المختصّة بالقطاعات المعنية خلال اللقاءات»، وكذا «التعريف بالمساطر القانونية والقضائية المتّصلة بالمشاكل المثارة في شكايات مغاربة إسبانيا»، و«التفاعل مع مغاربة العالم بخصوص مختلف البرامج الموجهة لفائدتهم، وكذا المستجدات الإدارية والقانونية التي تهمّ أفراد الجالية المغربية بالخارج»، و«تحسيس مغاربة العالم حول مختلف الخدمات الخاصة بعملية «مرحبا» وبرامج المواكبة الصيفية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».