تركيا تدخل اليوم عصر «الجيل الثاني» من حكم «العدالة والتنمية»

داود أوغلو: لن نتخلى عن أي بقعة يرفرف عليها العلم التركي

إردوغان (يمين) وزعيم حزب العدالة والتنمية الجديد رئيس الوزراء المكلف داود أوغلو خلال مؤتمر الحزب في أنقرة أمس (إ.ب.أ)
إردوغان (يمين) وزعيم حزب العدالة والتنمية الجديد رئيس الوزراء المكلف داود أوغلو خلال مؤتمر الحزب في أنقرة أمس (إ.ب.أ)
TT

تركيا تدخل اليوم عصر «الجيل الثاني» من حكم «العدالة والتنمية»

إردوغان (يمين) وزعيم حزب العدالة والتنمية الجديد رئيس الوزراء المكلف داود أوغلو خلال مؤتمر الحزب في أنقرة أمس (إ.ب.أ)
إردوغان (يمين) وزعيم حزب العدالة والتنمية الجديد رئيس الوزراء المكلف داود أوغلو خلال مؤتمر الحزب في أنقرة أمس (إ.ب.أ)

تدخل تركيا اليوم عصر «الجيل الثاني» في حزب العدالة والتنمية الحاكم، مع مغادرة رئيس الجمهورية عبد الله غل منصبه بنهاية ولايته، ورئيس الحكومة رجب طيب إردوغان رئاسة الحكومة للانتقال إلى منصب رئيس البلاد، بالإضافة إلى مغادرة نائب رئيس الوزراء بولاند أرينج منصبه وإعلانه عزمه الاستقالة لإفساح المجال أمام داود أوغلو لتشكيل فريق عمله.
وبمغادرة الثلاثة الحزب، يكون المؤسسون الثلاثة قد أصبحوا خارجه لأول مرة منذ تأسيسه في عام 2001، مفسحين المجال أمام الجيل الثاني من القادة الموالين لإردوغان الذي سيتولى منصبه اليوم وسط احتفالات ضخمة. وأفاد المتحدث الرسمي باسم الحكومة الحالية، أن نحو 73 زعيما بينهم رؤساء ورؤساء وزراء ووزراء، ووفودا وممثلين عن مؤسسات مجتمع مدني سيحضرون حفل تنصيب إردوغان.
ويعد داود أوغلو من أقرب المقربين إلى إردوغان، وهو من القادمين الجدد إلى الحزب الحاكم، لكنه صعد بسرعة سلم السلطة ليصبح من المؤثرين الأساسين في السياسة التركية، مع رئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان الذي يرجح أن يخلف داود أوغلو في منصب وزير الخارجية.
وأعلن إردوغان إنه سيكلف داود أوغلو بتشكيل الحكومة الجديدة اليوم عقب مراسم التنصيب الرسمية، مشيرا إلى أن هناك احتمالا كبيرا لأن تكون التشكيلة الوزارية جاهزة بحلول يوم غد. وقال إردوغان في كلمة ألقاها وسط المحتشدين أمام الصالة التي تشهد انعقاد المؤتمر العام الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية في أنقرة: «كونوا على ثقة أني لن أغادركم، كنت حتى اليوم بين صفوفكم بصفة الأمين العام للحزب، ورئيسا للوزراء، وإن شاء الله بعد اليوم سأكون بينكم بصفتي أول رئيس انتخبتموه». وأضاف: «خطابنا هذا ليس تغييرا في رسالتنا، وإنما مجرد تغيير في الاسم وحسب. لن يكون وداعا؛ بل سيكون فاتحة وبداية وميلادا جديدا»، معربا عن ثقته بأن المؤتمرين سيجمعون على اختيار داود أوغلو، النائب عن ولاية قونيى، أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية الحاكم.
أما داود أوغلو فقد رسم سياسة حكومته الجديدة قبل تأليفها، في كلمة ألقاها في الاجتماع الذي شارك فيه 40 ألف مندوب من الحزب، إذ قال: «لن نتخلى عن أي بقعة يرفرف عليها العلم التركي، ولن نترك أي شعب شقيق، يعقد آماله علينا، وحيدا»، مشيرا إلى أن «العدالة والتنمية» هو «التجسيد الراهن لمسيرة مباركة ستستمر حتى القيامة، وهو الأمة بحد ذاتها». وتابع: «إننا نرى حلم تركيا الجديدة، فليخجل من لا يرى هذا الحلم، ولا ينهض من أجله (...) سنحمي وحدة تاريخنا، ومصيرنا، وسيكون مبدأ حقوق المواطنة المتساوية أساسيا دائما»، مشددا على أن «حكومات (العدالة والتنمية) تضمن حريات الفكر، والمعتقد، والتعبير عن الرأي في تركيا، ولا يمكن لأحد أن ينتهك هذه الحريات».
ولفت داود أوغلو إلى أن الدولة والحكومة «تحت أمر الشعب في تركيا الجديدة، حيث الشعب يأمر والدولة تنفذ، ولا يمكن محاسبة وإدارة الدولة، إلا من جانب من يأتون إلى سدة الحكم بإرادة الشعب»، مضيفا: «أقول مجددا للذين يأملون حدوث خلاف بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، نظرا لكونهما مُنتخبين، إنه لا تبرز خلافات بين المناصب المستندة لإرادة الأمة، خاصة بين رفاق القضية».
وفي إشارة إلى خلافات في السابق بين الجهاز العسكري والحكومة، قال داود أوغلو: «لن نسمح أبدا للطغمات العسكرية، أو الكيانات الموازية، بالنفوذ إلى دولتنا عن طريق التحكم بأجهزة الدولة»، مشيرا إلى أن «تكديس عدد من الملفات، وطرحها وسط المجتمع مثل الديناميت، قبيل 3 انتخابات، لا يمكن وصفه بمكافحة الفساد، إنما هو عملية سياسية»، مؤكدا أن الحكومة لم ولن ترضخ لهذه العملية أبدا.
ووجه داود أوغلو نداء إلى «أصحاب الضمير»، ممن سيدخلون انتخابات «المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين»، بألا يسمحوا بأن يقع القضاء تحت سلطة أي محفل أو جهة، وإلا «فسيكونون هم أول الضحايا».



أفغانستان: عائلة حقاني وزير شؤون اللاجئين تعلن مقتله في انفجار كابل

خليل حقاني يلقي كلمة بعد صلاة الجمعة في كابل عام 2021... كان شخصية بارزة في صعود «طالبان» إلى السلطة (نيويورك تايمز)
خليل حقاني يلقي كلمة بعد صلاة الجمعة في كابل عام 2021... كان شخصية بارزة في صعود «طالبان» إلى السلطة (نيويورك تايمز)
TT

أفغانستان: عائلة حقاني وزير شؤون اللاجئين تعلن مقتله في انفجار كابل

خليل حقاني يلقي كلمة بعد صلاة الجمعة في كابل عام 2021... كان شخصية بارزة في صعود «طالبان» إلى السلطة (نيويورك تايمز)
خليل حقاني يلقي كلمة بعد صلاة الجمعة في كابل عام 2021... كان شخصية بارزة في صعود «طالبان» إلى السلطة (نيويورك تايمز)

قال أنس حقاني، ابن شقيق القائم بأعمال وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» بأفغانستان، خليل الرحمن حقاني، إن الوزير وستة آخرين قُتلوا في تفجير بالعاصمة كابل، الأربعاء.

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني خلال مؤتمر صحافي في كابل يوم 12 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم حركة «طالبان» في بيان إن تنظيم «داعش خراسان» هو من قتل خليل حقاني.

أحد أفراد أمن «طالبان» عند نقطة تفتيش في كابل الخميس بعد أن قُتل خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين بانفجار قنبلة (إ.ب.أ)

وتولى خليل حقاني مهامه في الحكومة الانتقالية لـ«طالبان» بعد انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان في 2021.

وتشير وزارة الخارجية الأمريكية إلى أنه كان من كبار القادة بشبكة «حقاني»، وهي جماعة مسلحة متهمة بشن هجمات كبرى خلال الحرب التي استمرت 20 عاماً.

وقال أنس حقاني لـ«رويترز»: «فقدنا مجاهداً شجاعاً للغاية... لن ننساه أبداً ولن ننسى تضحياته».

وأوضح أن الانفجار وقع فيما كان خليل حقاني يغادر المسجد بعد صلاة العصر.

تضارب الأنباء حول ظروف مقتل حقاني في العاصمة كابل (الإعلام الأفغاني)

وقبل حتى أن يعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته، سارعت سلطات «طالبان» إلى اتهام التنظيم المتطرف بالوقوف خلف هذا «الهجوم الدنيء»، الذي أفاد مصدر حكومي لوكالة الصحافة الفرنسية بأنه أودى بحياة الوزير حقّاني وعدد من معاونيه.

وأضاف المسؤول أن الانفجار، الأوّل الذي يستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في 2021، نجم عن تفجير انتحاري.

ونشر تنظيم «داعش خراسان» صورة للانتحاري الذي نفّذ الهجوم، قائلاً إنه فجَّر سترته الناسفة بعد أن «اجتاز بنجاح الحواجز الأمنية داخل المقرّ»، حسب بيان نشرته وكالة «أعماق للأنباء» ونقله موقع «سايت» الذي يرصد أنشطة الجهاديين. وندّد الناطق باسم حكومة «طالبان» ذبيح الله مجاهد، بـ«هجوم دنيء» من تدبير تنظيم «داعش»، مشيداً بذكرى «مقاتل كبير» قد «ارتقى شهيداً». ووقع الانفجار «في مقرّ وزارة اللاجئين»، وفق ما أفاد مصدر حكومي لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقال المصدر طالباً عدم نشر اسمه: «للأسف وقع انفجار في وزارة اللاجئين ويمكننا أن نؤكد أن الوزير خليل الرحمن حقاني قد (استُشهد) إلى جانب عدد من زملائه».

وضربت قوى الأمن طوقاً حول الحيّ، حيث تقع الوزارة في وسط كابل، وفق ما أفاد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية. وأورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشاً تدريبية كانت تُعقد في الأيام الأخيرة في الموقع.

وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو الدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

«إرهابي عالمي»

وخليل الرحمن الذي كان يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته، هو شقيق جلال الدين، مؤسس شبكة «حقاني» التي يُنسب إليها أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان خلال عقدين من حكم حركة «طالبان» الذي أنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001، وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني.

ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى خمسة ملايين دولار مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفةً إياه بأنه «قائد بارز في شبكة حقاني» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية». وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً».

وكان خليل الرحمن خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر. ويبدو أن شبكة «حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، حسب تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار وآخر أكثر براغماتية في كابل.

ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم الدولة الإسلامية (ولاية خراسان) لا يزال ينشط في البلاد وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان».

وسُمع في أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل.

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، قُتل طفل وأُصيب نحو عشرة أشخاص في هجوم استهدف سوقاً في وسط المدينة.

وفي سبتمبر (أيلول)، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل ستة أشخاص وجرح 13 في مقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً أن الحركة غالباً ما تعلن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددةً في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.

صدمة في باكستان

من جهته، قال وزير خارجية باكستان إسحاق دار، في بيان، إنه «صُدم» بسبب الهجوم. وأضاف: «باكستان تستنكر بوضوح جميع أشكال الإرهاب ومظاهره».

عناصر أمن من «طالبان» يتفقدون مركبة عند نقطة تفتيش في كابل الخميس (إ.ب.أ)

ووصلت «طالبان» إلى السلطة في أفغانستان في 2021 بعد انسحاب القوات الأجنبية، وتعهدت باستعادة الأمن، لكنَّ الهجمات استمرت في المناطق السكنية.

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، وفق تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل. ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان».

ووقع تفجير في 2022 بالقرب من وزارة الداخلية، التي يقودها سراج الدين حقاني، زعيم شبكة «حقاني»، أدى إلى مقتل أربعة أشخاص. وفي 2023، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن هجوم خارج مقر وزارة الخارجية التي تديرها «طالبان» تسبب في مقتل خمسة أشخاص على الأقل.

«إرهابي دولي»

وأدرجت وزارة الخزانة الأمريكية في 2011 خليل حقاني على أنه «إرهابي دولي»، وعرضت وزارة الخارجية مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار مقابل تقديم معلومات تؤدي إلى اعتقاله.

في غضون ذلك، قال مسؤولون في وزارة الداخلية الأفغانية إن تفجيراً انتحارياً وقع في العاصمة الأفغانية كابل، الأربعاء، أودى بحياة وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» واثنين آخرين. وأوضح المسؤولون أن الانفجار وقع داخل مبنى الوزارة، وأسفر عن مقتل الوزير خليل حقاني. ولم يقدم المسؤولون، الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، لأنهم غير مخولين بالتحدث إلى وسائل الإعلام، أي تفاصيل أخرى.

أفراد أمن «طالبان» عند نقطة تفتيش في كابل الخميس حيث قُتل خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين في الحكومة والعضو البارز في شبكة «حقاني» (إ.ب.أ)

وخليل حقاني هو عم القائم بأعمال وزير الداخلية الأفغاني، سراج الدين حقاني، الذي يقود شبكة قوية داخل «طالبان». ويعد حقاني أبرز شخصية تسقط ضحية تفجير في أفغانستان منذ عودة «طالبان» إلى السلطة قبل ثلاث سنوات. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجير، على الفور.

وأدان وزير الخارجية الباكستاني، إسحاق دار، مقتل حقاني. وذكر دار، وهو أيضاً نائب رئيس الوزراء، عبر منصة «إكس»، أنه «صُدم بقوة» جراء مقتل حقاني و«فقدان أرواح ثمينة نتيجة هجوم إرهابي» في كابل.

وقال دار: «نقدم تعازينا القلبية»، مضيفاً أن «باكستان تُدين على نحو قاطع الإرهاب بكل أشكاله ومظاهره».

وأوضح أن باكستان على اتصال بكابل للحصول على مزيد من التفاصيل.