الميليشيات تصعّد في الحديدة وتهدّد بتفريغ مليون برميل نفط في البحر

الجماعة الانقلابية فجّرت جسراً استراتيجياً يربط ميناء عدن بصنعاء وإب

يمني يحمل طفلته المصابة بالكوليرا فيما تغسل امرأة يديها خارج مركز صحي بصنعاء في ظل عودة تفشي المرض (إ.ب.أ)
يمني يحمل طفلته المصابة بالكوليرا فيما تغسل امرأة يديها خارج مركز صحي بصنعاء في ظل عودة تفشي المرض (إ.ب.أ)
TT

الميليشيات تصعّد في الحديدة وتهدّد بتفريغ مليون برميل نفط في البحر

يمني يحمل طفلته المصابة بالكوليرا فيما تغسل امرأة يديها خارج مركز صحي بصنعاء في ظل عودة تفشي المرض (إ.ب.أ)
يمني يحمل طفلته المصابة بالكوليرا فيما تغسل امرأة يديها خارج مركز صحي بصنعاء في ظل عودة تفشي المرض (إ.ب.أ)

صعّدت الميليشيات الحوثية في محافظة الحديدة من انتهاكاتها للهدنة ووقف إطلاق النار، مستغلة حالة الجمود في شأن استمرار المساعي الأممية لتنفيذ اتفاق السويد وانسحاب الميليشيات من الحديدة وموانئها. وفيما وسّعت الجماعة الموالية لإيران من معاركها في الضالع والبيضاء ولحج بعد توقف الضغط العسكري عليها في الحديدة، هدد القيادي الحوثي البارز رئيس ما تسمي «اللجنة الثورية العليا» محمد علي الحوثي بتفريغ نحو مليون برميل نفط خام في مياه البحر الأحمر.
وجاءت تهديدات الحوثي ضمناً في تغريدة على «تويتر» زعم خلالها أن كمية النفط المخزونة في سفينة «صافر» العائمة في ميناء رأس عيسى، بدأت في التسرب، وقال إن المسؤولية ستتحملها الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها لعدم سماحهما لجماعته ببيع النفط المخزن وتحويله إلى جزء مما يسميه «المجهود الحربي» للميليشيات. وإذا نفذت الجماعة تهديدها بتفريغ حمولة السفينة النفطية في البحر، فإن ذلك ستنجم عنه كارثة بيئية في البحر الأحمر - بحسب الخبراء - ستكون لها تبعاتها على الأحياء البحرية لسنوات بسبب التلوث الذي سينجم عن ذلك.
وحول ما يتعلق بالتصعيد الميداني المستمر، أفادت مصادر الإعلام العسكري التابع للقوات الحكومية في الحديدة بأن الجماعة الحوثية حاولت تنفيذ عملية واسعة جنوب الحديدة لاستعادة المطار شارك فيها المئات من عناصرها. وأوضحت المصادر أن القوات الحكومية المرابطة جنوب مدينة الحديدة وشرقها أحبطت المحاولة الحوثية وأجبرت المهاجمين على الانسحاب بعدما تكبدوا عشرات القتلى والجرحى في صفوفهم.
إلى ذلك، أفاد «المركز الإعلامي لألوية العمالقة»، أمس، بأن الميليشيات شنت قصفاً عنيفاً على مواقع «الألوية» الحكومية في منطقتي الجبلية والفازة التابعتين لمديرية التحيتا جنوب محافظة الحديدة نهار أمس. وبحسب ما أورده المركز نقلاً عن مصادر عسكرية ميدانية في «وحدة الرصد والمتابعة» التابعة لـ«ألوية العمالقة»، قصفت الميليشيات المواقع بالمدفعية وبالأسلحة الثقيلة والمتوسطة واستخدمت الأسلحة القناصة. وأضافت المصادر العسكرية أن الميليشيات استهدفت مواقع «ألوية العمالقة» جنوب مديرية حيس، وأدى ذلك إلى إصابة أحد الجنود برصاص قناص حوثي. ووفقاً للمركز الإعلامي نفسه، استخدمت الميليشيات مختلف الأسلحة المتوسطة والأسلحة القناصة لاستهداف مواقع القوات الحكومية في منطقة مفرق سقم جنوب مدينة حيس منذ مساء أول من أمس الأحد وحتى صباح أمس الاثنين دون توقف.
ويأتي التصعيد الحوثي في ظل استمرار الجماعة في استقدام التعزيزات العسكرية وشن الهجمات على مواقع القوات الحكومية رغم الهدنة الأممية المعلنة في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ويعتقد عسكريون ومسؤولون يمنيون أن الميليشيات الحوثية تناور لكسب الوقت وليست في وارد الانصياع لتنفيذ اتفاق السويد رغم تصريحات المبعوث الأممي إلى اليمن بشأن تنفيذ الاتفاق خلال الأسابيع المقبلة، خصوصاً ما يتعلق بالمرحلة الأولى من إعادة الانتشار.
ويؤكد سكان الحديدة أن الجماعة لا تزال تمارس الاعتقالات بحق المدنيين، وتستغل المساعدات الأممية لتجنيد أبناء الأسر الفقيرة في صفوفها، فضلاً عن استمرارها في تعزيز قدراتها العسكرية وحفر الخنادق وزرع مزيد من الألغام.
على صعيد ميداني متصل، أقدمت الميليشيات الحوثية على تفجير جسر استراتيجي على الطريق التي تربط محافظتي الضالع وإب المجاورة، أملاً في عدم استغلاله من قبل القوات الحكومية والمقاومة الجنوبية لاستقدام تعزيزات جديدة في هذه الجبهة المشتعلة. وشوهد آلاف السيارات والناقلات المتنوعة متوقفة بامتداد كيلومترات على الطريق بعد أن عجزت عن مواصلة سيرها جراء تفجير الجسر على الطريق الوحيدة المتبقية التي تربط بين ميناء عدن ومدن صنعاء وإب وذمار وبقية مناطق الشمال. وقال ناشطون يمنيون إن ملايين السكان في المناطق الشمالية الخاضعة للميليشيات الحوثية يتضررون من تفجير الجسر على هذه الطريق التي باتت منذ توقف الطريق بين الضالع ودمت باتجاه ذمار هي الوحيدة لمرور المسافرين ونقل البضائع والمؤن.
ويقع الجسر، الذي فجرته الميليشيات الحوثية في منطقة الوطيف ويحمل اسم المنطقة ذاته، بجوار جبل حمك حيث تشهد المنطقة تصعيداً حوثياً باتجاه مديرية قعطبة شمال مدينة الضالع، على وقع مقاومة شرسة من أبناء المنطقة والقوات الحكومية المشتركة.
وأفادت مصادر ميدانية في المنطقة نفسها بأن قوات المقاومة أعادت ترتيب صفوفها مجدداً بعد التقدم الحوثي في منطقة العود - جبهة حمك، وشنت هجوماً معاكساً، أمس، تمكنت عبره من استعادة عدد من المواقع. وأوضحت المصادر أن قوات المقاومة تمكنت من تطهير منطقة بيت الشرجي وتقدمت إلى منطقة سائلة حطب وصولاً إلى نقيل قبون، كما أنها تواصل التقدم لتطهير مناطق بيت الشوكي وعزاب من عناصر الميليشيات.
وكانت الجماعة الحوثية استغلت توقف المعارك في جبهة الحديدة لتعزيز جبهاتها القتالية الأخرى في البيضاء والضالع ولحج، في سياق مساع للميليشيات يرجح المراقبون أنها تستهدف تحقيق مكاسب ميدانية في هذه المناطق والاستمرار في تهديد المحافظات الجنوبية.
وفي شأن ميداني متصل، كان طيران تحالف دعم الشرعية استهدف، أمس، معسكراً تدريبياً للجماعة الحوثية جنوب صنعاء في سياق دوره المستمر في تحجيم قدرات الجماعة وتحييد قدرتها على الحشد والتعزيز. وذكرت مصادر عسكرية وشهود أن الضربات استهدفت معسكر جربان الواقع في مديرية سنحان جنوب العاصمة صنعاء، ما أدى إلى تكبيد الميليشيات قتلى وجرحى وتدمير عربات عسكرية وأسلحة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».