أدب السجون العراقي في مرحلة البعث

روايات وقصص وذكريات ومذكرات وسير ذاتية

(أدب السجون خلال سنوات الحكم الديكتاتوري في العراق (2003 - 1963) (دراسة نقدية تطبيقية) - المؤلف: عدنان حسين أحمد - الناشر: دار الحكمة بدعم - من المركز الثقافي العراقي، لندن
(أدب السجون خلال سنوات الحكم الديكتاتوري في العراق (2003 - 1963) (دراسة نقدية تطبيقية) - المؤلف: عدنان حسين أحمد - الناشر: دار الحكمة بدعم - من المركز الثقافي العراقي، لندن
TT

أدب السجون العراقي في مرحلة البعث

(أدب السجون خلال سنوات الحكم الديكتاتوري في العراق (2003 - 1963) (دراسة نقدية تطبيقية) - المؤلف: عدنان حسين أحمد - الناشر: دار الحكمة بدعم - من المركز الثقافي العراقي، لندن
(أدب السجون خلال سنوات الحكم الديكتاتوري في العراق (2003 - 1963) (دراسة نقدية تطبيقية) - المؤلف: عدنان حسين أحمد - الناشر: دار الحكمة بدعم - من المركز الثقافي العراقي، لندن

عانى الشعب العراقي بكل مكوناته القومية والدينية والمذهبية، وانتماءاته السياسية والفكرية على مدى أربعة عقود من ديكتاتورية حزب البعث العربي الاشتراكي منذ انقلابه الدموي بالغ الوحشية في الثامن من فبراير (شباط) 1963 حتى سقوطه المخزي في التاسع من أبريل (نيسان) 2003 من بشاعات وسلوك همجي ضد كل من يختلف معه ويرفض نهجه الوحشي، وخصوصاً في ظل حكم صدام حسين، سواء كان ذلك قبل تفرده بالحكم بعد إزاحته لأحمد حسن البكر أو بعد ذلك منذ يوليو (تموز) 1979.
ورغم غزارة ما أنتجه المثقفون العراقيون من أدباء وروائيين وقصّاصين ورجال سياسة، من روايات وقصص وذكريات ومذكرات وسير ذاتية توثق ما عانوه هم، أو ما اطلعوا عليه من بشاعات قل نظيرها في العصر الراهن، فإن هذه الإبداعات الأدبية لم تنل ما تستحقه، كما أشار إلى ذلك مؤلف الكتاب الذي نحن بصدد الحديث عنه، من توثيق من قبل الكتاب والنقاد ورجال الفكر من عراقيين وعرب وغيرهم، قبل أن يتصدى لهذه المهمة الناقد العراقي عدنان حسين أحمد في سفره الغني الموسوم «أدب السجون خلال سنوات الحكم الديكتاتوري في العراق (2003 - 1963) - دراسة نقدية تطبيقية»، الذي صدر عن دار الحكمة في لندن بدعم من المركز الثقافي العراقي الذي دعم الكثير من النتاجات الثقافية لمؤلفين عراقيين.
يقع السفر الذي كتبه أحمد في ما يقرب من 400 صفحة من الحجم المتوسط، وزعها على سبعة فصول وخاتمة ضمّنها النتائج التي توصل إليها، وهي حصيلة البحث الجاد الذي قام به.
كرّس المؤلف الفصل الأول للتعريف بمفردتي السجن والمعتقل لغة واصطلاحاً مع نبذة عن أدب السجون، غنية رغم كونها مختصرة. وحلل الخطاب القمعي لحزب البعث، وفضح الطابع القمعي لفكره، وما سببه من كوارث على الشعب العراقي في جميع المجالات. وفي الفصل الثاني جاء على ذكر نموذج غني لأدب السجون هو روايتا الأديب السعودي عبد الرحمن منيف الذي عاش ردحاً ليس بالقصير في العراق وغادره محتجاً على سياسة حزبه، حزب البعث الحاكم يوم ذاك والروايتان هما: «شرق المتوسط» و«الآن.. هنا أو شرق المتوسط مرة أخرى».
أما الفصل الثالث فقد عالج فيه ثنائي القامع والمقموع من خلال روايتي الشاعر والروائي العراقي فاضل العزاوي «رواية من رماد» و«القلعة الخامسة» باعتبارهما نموذجاً لثنائية الجلاد والضحية.
أما قانون المطبوعات وسلطة الرقيب في ظل الماكينة الإعلامية لحزب البعث التي جعلت انتهاك التابو السياسي في العراق أمراً مستحيلاً، فقد كرّس له الباحث الفصل الرابع، متناولاً تجربة القاص والروائي عبد الستار ناصر، الذي سبق له أن امتدح النظام وصدام حسين مما جعله «كاتبا سلطويا» ثم تراجع عن ذلك، مسجلاً سابقة خطيرة فريدة، إذ اعتذر عن كل كتاباته في مدح النظام، والتبرؤ منها علنا. وركز الباحث في هذا الفصل على ثلاث روايات ومجموعة قصصية لعبد الستار ناصر هي «نصف الأحزان» و«أبو الريش» و«صندوق الأخطاء» و«سيدنا الخليفة».
وتناول المؤلف في الفصل الخامس مفهوم «ثقافة العنف» عن طريق قراءة متفحصة لإشكالية المثقف العراقي والسلطة القمعية، وذلك من خلال أربعة أعمال روائية هي «دابادا» لحسن مطلك و«الفتيت المبعثر» لمحسن الرملي و«إعجام» لسنان أنطون و«غراب آدم» لفرات ياسين.
وفي الفصل السادس تفحص الباحث «ثقافة العنف في العراق» من خلال كتاب «مذكرات سجينة» الغني، الذي يتناول قصص عشر سجينات عراقيات تعرضن للموت في سجون صدام، والذي كتب من قبل كل من فاطمة العراقي وعلي العراقي، وكتاب «الفضيلة عذراء أبداً» لعلي الأنصاري، لأن الضحايا في هذين الكتابين قد أعدموا أو قتلوا أو سمموا من قبل جلاوزة النظام البعثي المقبور.
كما ركز الفصل على دور المرأة المؤمنة في مقارعة الطغاة في كل العصور. وتحدث عن مأثرة السيدة الفاضلة بنت الهدى وكثير من زميلاتها المؤمنات باعتبارهن رمزاً للبطولة والإيمان.
وتناول الفصل أيضا إشكالية العنف الجنسي الذي عالجته الروائية هيفاء زنكنة في روايتها «في أروقة الذاكرة».
وتحدث الكاتب في الفصل السابع والأخير من بحثه القيم عن «أدب السيرة الذاتية» وتناول فيه أربع سير ذاتية وهي «ليلة الهرير في قصر النهاية» لأحمد الحبوبي «وجدار بين ظلمتين» وهو مثال للسيرة المزدوجة بقلم بلقيس شرارة وزوجها الدكتور رفعت الجادرجي و«في ضيافة الوحش»، وفي «الهروب إلى الحرية» للدكتور حسين الشهرستاني.
وعلى أية حال، فإن هذا العرض السريع غير المتكامل للكتاب لا يغني أبداً عن قراءته للاستفادة من غناه بالمعلومات، والتعريف ببشاعة نظام البعث وانحطاط فكره الذي كان وراء ما ارتكبه من جرائم بحق الشعب والوطن والإنسانية جمعاء، ولتعزيز العمل الجاد من أجل الوقوف بوجه المساعي الشريرة التي تريد العودة بنا إلى نظام البعث البربري وأشباهه كنظام «داعش» الذي يرتكب الفظائع البشعة باسم الدين الإسلامي والإسلام بريء منها كل البراءة.



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.