زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

سوق عكاظ وملابس السلطان

أعتقد أن أهم أهداف سوق عكاظ، كما قال لي الأمير سلطان بن سلمان عندما كان رئيساً للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، هو إعادة الماضي العظيم إلى أذهان الناس وجعلهم على دراية بعظمة الأجداد ومساعدتهم على التمسك بالقيم والمبادئ القديمة. ولم يكن الهدف فقط إعادة هذه الأمجاد، بل القيام بمسابقات كي يتنافس الشباب في الكثير من الموضوعات المتصلة بالماضي التي يجب أن تظل حية مستمرة إلى الآن.
وهناك مسابقات كثيرة، أهمها مسابقة سوق عكاظ. وهي جائزة وطنية تستهدف المبتكرين في المملكة العربية السعودية ممن نجحوا في تحويل أفكارهم الإبداعية والابتكارية إلى منتجات أو خدمات ذات عوائد مالية بهدف تشجيع الابتكار والمبتكرين، وبث روح المنافسة بينهم للتميز وتقديم الأفضل، والإسهام في دعم الاقتصاد المحلي والوطني. وهناك مسابقة شاعر شباب سوق عكاظ، وتهدف هذه المسابقة إلى تشجيع الشباب وبث روح التنافس الإبداعي بينهم من خلال الشعر العربي العظيم.
وهناك مسابقة أشبال سوق عكاظ للفنون الشعبية؛ وهي تظاهرة ثقافية وطنية وفرصة لتحقيق التواصل بين فرق الفنون الشعبية السعودية في مجال الفنون التراثية، ومناسبة لعرض إبداعاتهم الشعبية. أيضاً هناك مسابقة سوق عكاظ للنشء التي تعد نشاطاً ثقافياً وطنياً وفرصة لتحقيق التواصل بين نشء المملكة المتمكنين في الخطابة باللغة العربية العظيمة. وهي مخصصة فقط للخطابة عن كل ما يتعلق بسوق عكاظ، سواء في مجال الآداب أو الفنون الإنسانية. وتستهدف هذه المسابقة الفئات العمرية من 7 سنوات إلى 15 سنة.
وهناك الكثير من المسابقات الأخرى للأدب والفن والفنون الشعبية. ولكن أهم ما استوقفني هو الخيمة التاريخية، التي يُطلق عليها أيضاً استوديو عكاظ التاريخي. وقد طلب مني عبد الله السواط، مدير عام سوق عكاظ، أن أزور هذه الخيمة، وقال: «أود أن أرى من تود أن تكون من مشاهير الزمان». وقلت له إن الكاتبة آمال عثمان قامت بعمل تحقيق صحافي بعنون «نجوم هذا الزمان في سابق العصر والأوان» وقلت لها إنني «أتمنى أن أكون الملك خوفو؛ لأعرف كل أسرار الهرم». وقام برسمي الفنان العظيم الراحل مصطفى حسين على هيئة الملك خوفو. وعندما ذهبت إلى الخيمة التاريخية وجدت أن الكثير من المواطنين يزورون هذه الخيمة كي يرتدوا الملابس الخاصة بأي شخصية يعشقونها في التاريخ. والخيمة عبارة عن خيمة بدوية، وهناك ملابس للشعراء والفارس والأمير والسلطان والتاجر. وداخل الخيمة، هناك استوديو للتصوير. وعندما دخلت طلبت منهم أن أتقمص شخصية أمير من الجزيرة العربية، فارتديت العباءة الطويلة ذات الألوان الجميلة، ووضعت الشال على كتفي والعمة فوق رأسي، وأمسكت بالسيف في يدي، وتم تصويري في هذا الشكل. ونُشرت هذه الصورة على صفحات التواصل الاجتماعي. وقد وصلت إلى صديقي الكاتب عصام عمران رئيس تحرير مجلة «حريتي» وقام بتصميم الصورة كغلاف للمجلة، وبعد ذلك اعتقد أن نشرها لن يرضيني، ومن منطلق الصداقة التي بيننا لم ينشر الصورة.
ولكن سوف أظل فخوراً بالخيمة وفخوراً أكثر بالزيارة.