الأسرى الفلسطينيون يمهلون مصلحة السجون إلى اليوم قبل الشروع في إضراب عن الطعام

TT

الأسرى الفلسطينيون يمهلون مصلحة السجون إلى اليوم قبل الشروع في إضراب عن الطعام

أعلن رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، قدري أبو بكر، أمس عن تمديد فترة الحوار بين الأسرى وإدارة سجون الاحتلال حتى ظهر اليوم الأحد، في محاولة لاتفاق يحول دون تنفيذ إضراب عن الطعام داخل السجون. وقال أبو بكر للإذاعة الفلسطينية الرسمية إن مطالب الأسرى تتمثل في إزالة أجهزة التشويش التي وضعتها إدارة السجون ورفع العقوبات عن الأسرى المعزولين والمنقولين من السجون والأقسام.
وينوي الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلية، البدء اليوم بإضراب مفتوح عن الطعام، إذا لم تلب مطالبهم. ويفترض بحسب خطة مسبقة أن تبدأ اليوم المجموعة الأولى من المعتقلين بالإضراب المفتوح عن الطعام، على أن تلحق بهم مجموعة ثانية يوم 17 من الشهر الجاري. ويطالب الأسرى بوقف التصعيد الإسرائيلي بحقهم، وتحديداً إزالة أجهزة التشويش على الهواتف النقالة، التي ركبتها مصلحة السجون قبل نحو شهر ونصف. ويقول المعتقلون إن «الأجهزة المركّبة غير مسبوقة في نوعها وحجمها وقوتها، وأنها تطلق إشعاعات تؤدي إلى صداع في الرأس وآلام في الأذن». كما أكدت هيئة شؤون الأسرى أن أجهزة التشويش تشكل خطراً كبيراً على حياة السجناء وقد تسبب أمراضا خطيرة. ولا يوجد دليل طبي حتى الآن على الاتهامات الفلسطينية، لكن ثمة تخوفات طبية.
واعترض الأسرى عدة مرات على تركيب أجهزة التشويش، وتسبب ذلك في مواجهات عنيفة بين المعتقلين والسجانين في عدد من الحالات. وأخذت إدارة مصلحة السجون قرار التضييق على الأسرى بعد أوامر من وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، جلعاد أردان، بفرض أمر واقع جديد في السجون. وأكد ممثلون عن الأسرى أن المجموعة الأولى منهم ستبدأ إضراباً عن الطعام اعتباراً من اليوم، إذا لم تلب مطالبهم. وهدد الأسرى أنه إذا لم تتم تلبية مطالبهم خلال أسبوع من الإضراب، فسيتوقفون عن شرب الماء. وقالت مصادر إسرائيلية إنه تم استدعاء أطباء احتياط لتولي التعامل مع تداعيات الموقف من أجل تجنب ضرورة نقل الأسرى إلى المستشفيات. ومطلب الأسرى بحجب النطاق عن الهواتف المحمولة، هو جزء من مطالب أخرى، من بينها فتح باب زيارات السجناء من غزة، وإلغاء الأحكام الصادرة بحق السجناء.
وقالت صحيفة «هآرتس» العبرية إن اجتماعاً تم مساء الجمعة بين قادة أسرى حركة «حماس» ومصلحة السجون الإسرائيلية، أفضى إلى تقدم وليس اتفاقا. ونقلت عن ممثلي «حماس» تأكيدهم أن مصلحة السجون أجرت معهم مفاوضات لإزالة أجهزة حجب نطاق الاتصالات في السجون، في محاولة لمنع الإضراب عن الطعام وإنهاء حالة الاحتقان داخل السجون. واقترحت خلالها مصلحة السجون تركيب هواتف عامة في الأجنحة الأمنية من السجون، وإلغاء العقوبات المفروضة على الأسرى في سجني النقب ورامون.
وقالت مصادر في «حماس» إنه إذا كانت هناك استجابة من مصلحة السجون لطلب وضع الهواتف العامة داخل الأجنحة، فإن مسألة رفع حجب النطاق الهاتفي ليس لها صلة بالأمر، وما زال المطلب الرئيسي. واقترحت إدارة السجون تجديد الاتصالات بعد الانتخابات لمناقشة مطالب أخرى للأسرى تشمل الزيارات العائلية من غزة وإضافة إعادة القنوات التلفزيونية إلى الأجنحة حيث وافق ممثلو الأسرى على مناقشة الاقتراح مع فصائلهم واتخاذ قرار بحلول مساء السبت. ورسمت مصلحة السجون قبل أسبوع صورة للوضع المتوقع، تضمنت عدداً من خيارات التعامل مع الوضع الذي قد ينجم، بما في ذلك التغذية القسرية، وهو الإجراء الذي لم يوافق عليه الأطباء في المرة السابقة التي أضرب فيها السجناء.
وكان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، جلعاد أردان، أجرى تقييماً للوضع بمشاركة العديد من الأطراف المعنية، التي من بينها القائم بأعمال المفوض العام لمصلحة السجون الإسرائيلية، المدير العام لوزارة الصحة وممثلو وزارة القضاء وممثلون عن شبكة الإسعاف الطبي الأولي وغيرهم. وتم التوافق على اتخاذ تدابير لمعاقبة المضربين عن الطعام من الأسرى بما يشمل عزل سجناء ونقل آخرين إلى أجنحة أخرى ومنعهم من الالتقاء مع محاميهم. وتريد مصلحة السجون من خلال ذلك ضمان العلاج الطبي للسجناء داخل السجن، لكن وزير الأمن الداخلي توجه إلى وزارة القضاء لبحث إمكانية معاملة المستشفيات - عند الضرورة - كسجون، وذلك بغرض تمكين موظفي مصلحة السجون من الوجود فيها أيضاً.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».