تنطلق مساء غد الحفلة السادسة والستون لجوائز «إيمي» السنوية، تلك التي تعد بمثابة الأوسكار في قيمتها، لكنها لا تغطي الأفلام السينمائية بل تنحصر في الأعمال التلفزيونية. رغم هذا «الانحصار» فإن المساحة التي تغطيها هذه الجوائز واسعة وتشمل كل جانب العمل التلفزيوني، وهي، كالأوسكار، هدية أهل التلفزيون لأنفسهم.. مكافأة أعضاء أكاديمية الفنون والعلوم التلفزيونية لفناني الصنعة، وفي واجهاتها المتعددة، وتُمنح في مجالات تشمل الكتابة والتمثيل والإخراج والإنتاج وتصاميم الملابس والأزياء والشعر والنواحي الإنتاجية، وتغطّي فوق ذلك التصوير والتوليف وتصميم المقدّمات وتوليف الصوت، وكل ذلك في مختلف أنواع البرامج: دراما وكوميديا وبرامج مسجلة وأخرى حيّة ومسلسلات قصيرة وطويلة وأفلام مصنوعة تحديدا للتلفزيون سواء أكانت تسجيلية أو روائية أو أنيميشن.
* منافسة بين اثنين
بطبيعة الحال، فإن المنافسة مرتفعة، نجح المتنافسون في التعتيم عليها أو لم ينجح، خصوصا أن هناك عددا من الممثلين المشتركين في برنامج واحد مرشّحين على القدر ذاته من المساواة. مثلا كاتي بايتس وأنجيلا باسيت وفرنسيس كونروي مرشّحات متساويات في مسابقة أفضل الممثلات المساندات في مسلسل درامي قصير، وهو «اجتماع الساحرات». لكن المسألة ليس بضع ممثلات في برنامج واحد، بل نرى التنافس قائما في أكثر من مسلسل وبرنامج ومسابقة.
المثال الأوضح لذلك هو التنافس بين ممثلين كلاهما رائع في دوره وله أسلوبه وبصمته: وودي هارلسون وماثيو ماكونوفي يؤديان، في مسلسل «تحر حقيقي»، دور تحريين يشتركان معا في حل الألغاز، لكن هذا هو الشيء الوحيد الذي يجمع بينهما. أما مفهوم كل منهما للحياة وللجريمة فمختلف، كذلك طريقته في التمثيل. وكلاهما مرشّح لـ«إيمي» أفضل ممثل في هذا القسم. لكن السؤال هو: كيف سيستطيع المحلّفون، من أعضاء الأكاديمية، تفضيل هذا الممثل على ذاك؟ هل هارلسون بظهوره الجاد في دور التحري الذي يميل إلى المنطق والوجودية أفضل في أدائه من ماكونوفي الذي يسمح لنفسه بشيء من العبث الفكري في تحليلاته؟
فوز هارلسون هو فرصة رائعة لمنح هذا الممثل الجيّد حظّه من الجوائز، لكن ماكونوفي هو النجم الألمع بينهما، خصوصا بعد فوزه بالأوسكار في مطلع هذه السنة عن «دالاس بايرز كلوب». كلاهما يقود المنافسة (الأشبه بالمباراة) ليس في ما بينهما فحسب بل بينهما وبين المرشّحين الآخرين عن مسلسلات أخرى.
هناك جون هام عن دوره في «رجال غاضبين» (Mad Men) الذي سبق ترشيحه ست مرّات عن البرنامج الدرامي الحاد نفسه، وكيفن سبايسي عن دوره في «منزل من الورق» (المرة الثانية التي يرشح فيها عن هذا المسلسل)، وجف دانيال عن «غرفة الأخبار» من دون أن ننسى «برايان كرانستون» الذي سبق له أن فاز عن «انهيار سيئ» ويعاود الحضور هذا العام أيضا.
عن هذا المسلسل يدخل الممثل آرون بول مباراة أفضل ممثل مساند في مسلسل درامي، وهو فاز بالجائزة في القسم نفسه وعن المسلسل ذاته مرّتين من قبل، الأولى سنة 2010 والثانية سنة 2012.
* صف درامي
في القسم ذاته (أفضل ممثل مساند في مسلسل درامي) هناك جيم كارتر عن «داوتن أبي»، وهو رشّح مرتين من قبل عن هذا البرنامج. بجانبه كذلك جوش تشارلز عن «الزوجة الجيدة» وجون فويت عن «راي دونوفان» وبيتر دينكلايغ عن «لعبة العروش». وهناك مسابقة تحت المظلة الدرامية أيضا لـ«أفضل ظهور شرف لممثل» ومن بين أبرز الموهوبين فيها بول جياماتي عن «داوتن أبي» وبو بردجز عن «أسياد الجنس» وجو مورتون عن «فضيحة».
بين ممثلات الشرف نجد دايانا ريغ عن «لعبة العروش» وكيت مارا عن «منزل من ورق» وجين فوندا عن «غرفة الأخبار».
لكن الحضور الدرامي الأقوى للممثلات كامن في الأدوار الرئيسة ضمن ستة مسلسلات متنافسة. لدينا هذا العام ميشيل دوكيري عن «داوتن أبي» وكلير دانس عن «هوملاند» وليزي كابلان عن «أسياد الجنس« وروبن رايت عن «منزل من ورق» وكيري واشنطن عن «فضيحة» وجوليانا مارغوليس عن «الزوجة الجيدة». وحدها كلير دانس فازت بهذا الجائزة في هذا القسم من قبل. فعن المسلسل التشويقي ذي الخلفية السياسية «هوملاند» فازت بـ«إيمي» أفضل ممثلة دراما في السنوات 2010 و2012 و2013. لكن يمكن اعتبار جوليانا مارغوليس فائزة أخرى، ولو أن فوزها حدث قبل تسع سنوات عندما التقطت الجائزة كأفضل ممثلة مساندة عن مسلسل «ER»، وفي كل الأحوال هي الأعلى بالنسبة لعدد الترشيحات، إذ إنها تخوض المسابقة للمرة العاشرة منذ سنة 1995.
ممثلات الصف المساند في قسم الدراما يتشكلن من القديم والحديث. في مقابل ماغي سميث المرشّحة أيضا عن «داوتن أبي» هناك الوجه الجديد (ولو نسبيا) كريستينا هندريكس عن «رجال غاضبون» وجوانا فروغات عن «داوتن أبي». الباقيات في هذا القسم هن آنا غَن عن «انهيار سيئ» ولينا هيدي عن «لعبة العروش» وكريستين بارانسكي عن «الزوجة الجيدة». تعدد عناوين بعض المسلسلات يدلف بنا للملاحظة أعلاه من وجود المنافسة بين الممثلين والممثلات ضمن البرنامج الواحد.
كذلك التكرار واضح بالنسبة للبرامج المرشّحة لجائزة أفضل «إيمي» لمسلسل درامي، إذ نجد حلقتين من «انهيار سيئ» لجانب حلقات «تحر حقيقي» و«لعبة العروش» و«منزل من ورق»، وهي جميعا رشّحت ممثلين (كما ورد) وترشّح أيضا كتابا وممثلين ومنتجين.
* غير معروفين
ويكاد لا يختلف الوضع كثيرا حين الغوص في قسم المسلسلات الكوميدية لا من حيث تكرار الأسماء ولا من حيث تكرار البرامج المتنافسة: لينا دونهام عن «فتيات» وميليسيا مكارثي عن «مايك وهولي» وإيدي فالكو عن «الممرضة جاكي» وتايلور شيلينغ عن «البرتقال جديد السواد» ثم إيمي بولر عن «باركس والإبداع» ثم جوليا لويس درايفوس عن «فيب» (وهي التي فازت عنه في العامين السابقين). وكلهن مندمجات في سباق أفضل تمثيل نسائي أول في مسلسل كوميدي.
على الجانب الذكوري من الجائزة ذاتها نجد ريكي جرفيس عن «ديريك» (إذا ما فاز ستكون مرته الأولى من عام 2007 عندما رشح عن Extras)، ونجد مات لابلانك عن «فصول»، ودون شيدل عن «منزل من الأكاذيب»، كما لويس س. ك. عن «لُوي»، وويليام مايسي عن «بلا حياء» ثم جيم باسون عن «نظرية الانفجار الكبير».
في مسابقة الممثلات المساندات في المسلسلات الكوميدية هناك جولي باون عن «عائلة حديثة» وأليسون جيني عن «ماما» وكيت مكينون عن «سترداي نايت لايف» وكيت ملغرو عن «البرتقال هو جديد السواد» وماييم بياليك عن «نظرية الانفجار الكبير» وأنا شلومسكي عن «فيب».
المقابل الرجالي في هذا القسم الكوميدي المساند مؤلف من مجموعة من الممثلين غير المعروفين، مثل أندريه بروغر عن «بروكلين ناين ناين»، وأدام درايفر عن «فتيات»، وتاي بوريل وجسي تايلر فرغوسن عن «أسرة حديثة»، وفرد أرميسون عن «لورتلانديا»، ثم توني هايل عن «فيب».
* بين السينما والتلفزيون
المنطقة الواقعة بين السينما والتلفزيون، على نحو يمثّل منتصف الطريق بين الصناعتين، هي تلك التي تتنافس فيها أفلام مصنوعة سينمائيا إنما لحساب التلفزيون والتي تسمّى بـ«أفلام مصنوعة تلفزيونيا» أو «Made for Television Movies»، وهناك خمسة أفلام هذا العام وجدها ناخبو الأكاديمية صالحة للتنافس في ما بينها على الجائزة الأولى وهي:
* «قتل كيندي»
كعنوانه، يدور هذا الفيلم حول اغتيال الرئيس جون إف كيندي (عن كتاب وضعه بل أورايلي ومارتن دوغارد) مع روب لاو في دور الرئيس وول روثار في دور القاتل لي هارفي أوزوولد. هذا الفيلم أنتجته محطة «ناشيونال جيوغرافي» بأسلوب تسجيلي – روائي، جالبة إليه مجموعة كبيرة من المنتجين المنفّذين بينهم (وربما أهمّهم) المنتج والمخرج ريدلي سكوت. وهو مرشح لثلاث جوائز: أفضل فيلم وأفضل مونتاج صوتي وأفضل تصوير.
* «أعظم مباريات محمد علي» (Mohammad Ali›s Greatest Fights)
هذا من إنتاج الفضائية «HBO» وإخراج البريطاني ستيفن فريرز، المرشّح أيضا لأفضل إخراج. وهو يحتوي على صور أرشيفية للملاكم محمد علي (وأخرى للمخرج وودي ألن) لكن باقي المستعان بهم هم ممثلون لشخصيات مختلفة بينهم كريستوفر بلامر وفرانك لانجيلا وإد بيغلي جونيور وداني غلوفر.
* شيرلوك (Sherlock)
حلقات مصوّرة سينمائية أنتجتها محطة «PBS» مع إدوارد كارترايت في دور التحري الكبير شيرلوك هولمز وجيراينت هيل في دور الدكتور واتسن. الإنتاج عاد بالشخصية إلى حكاياتها الأصلية بمناخات غير قابلة للترويج المتصنّع على طريقة السلسلة السينمائية التي قاد بطولتها (وانحدارها) روبرت داوني جونيور.
* القلب الطبيعي (The Normal Heart)
الممثل الموهوب مارك روفالو يقود هذا الفيلم الدرامي حول أحداث تتعامل وبداية انتشار مرض «الإيدز» في مطلع الثمانينات، وهو في ترشيحات عدة منها أفضل فيلم وأفضل تصوير وأفضل مؤثرات وماكياج، من بين أخرى.
* الرحلة إلى باونتيفول (The Trip to Bountiful)
مسرحية هورتون فوت التي انتقلت إلى السينما عدة مرات تجد طريقها إلى التلفزيون عبر محطة «لايف تايم تشانل» مع تمثيل سيسلي تايسون وفانيسا ويليامز وكلانسي براون.
في النطاق ذاته، فإن الممثلات المرشّحات عن أدوارهن الرئيسة في قسم «الأفلام المصنوعة للتلفزيون» لا يقلّلن إثارة لاهتمام المتابعين بل وربما يثرن الاهتمام لكون معظمهن ممثلات معروفات، وينتمي عدد ملحوظ منهن إلى أفلام لم تدخل مسابقات أفضل فيلم تلفزيوني. من بين هذا الفريق جيسيكا لانغ عن «أميركان هورور ستوري» وهيلينا بونهام كارتر عن «بيرتون وتايلور» وميني درايفر عن «العودة إلى زيرو» وكريستين ويغ عن «فساد بابل». وتستكمل اللائحة كل من سارا بولسون عن «أميركان هورور ستوري» وسيسلي تايسون عن «الرحلة إلى باونتيفول».
رجاليا، ها هو شيووتل إيجيفور، بطل فيلم «اثنتا عشرة سنة عبدا» يقود الترشيحات الرجالية في قسم «أفضل فيلم تلفزيوني» عن دوره في «الرقص على الحافة» ومارك روفالو عن «القلب الطبيعي» في حين نجد مارتن فريمان وبيلي بوب ثورنتون متنافسين عن فيلم واحد هو «فارغ». إدريس ألبا عن لوثر وبندكيت كمبرباتش عن «شيرلوك: العهد الأخير».
المحيط العريض للترشيحات والجوائز يمتنع عن التأقلم مع طبيعة الموضوع الصحافي، فالكثير من الجوائز مطروح، والفائز هو من يلتقطها كل في ميدانه. إنها الليلة التي سيسهر فيها التلفزيونيون ليتابعوا برنامجا زاخرا عنهم وعلى كثرتهم في كل مجال، لكن هناك واحدا في كل سباق هو الذي سيخرج من المولد بحبة حمص.