الجزائريون يتظاهرون مجدداً استعداداً لـ«جمعة الإصرار على رحيل رموز النظام»

قائد الجيش يتدخل للإفراج عن مدير مجموعة إعلامية تحدث عن استخدام أختام الرئاسة في «أغراض مشبوهة»

TT

الجزائريون يتظاهرون مجدداً استعداداً لـ«جمعة الإصرار على رحيل رموز النظام»

تمهيدا للمليونيات المتوقعة اليوم في عدد من المدن الجزائرية، شهدت العاصمة أمس مظاهرات لعدة فئات مهنية، كعمال البلديات والإدارة الحكومية وطلبة الجامعة ومحامين، تعبيرا عن رفض الاكتفاء بمقترح عزل الرئيس عن الحكم، الذي قدمه قائد الجيش الثلاثاء الماضي.
وتزامنت هذه الاحتجاجات مع حادثة اعتقال مالك ومدير مجموعة إعلامية لساعات، وهو الأمر الذي أثار استنكارا واسعا في أوساط الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان، ورموز الحراك الشعبي، الذي أطلقوا على مظاهرات اليوم شعار «جمعة الإصرار على تنحيتكم جميعا».
وظهر علي فضيل، مدير مجموعة «الشروق» التي تضم ثلاث فضائيات وجريدة وصحيفة إلكترونية، بعد ظهر أمس في فيديو محاطا بعمال وصحافيي المجموعة بمقرها، عائدا من مكان اعتقاله صباحا. وقال فضيل إن رجال المخابرات اعترضوا طريقه، واقتادوه إلى مكاتبهم، وأن الفضل في الإفراج عنه يعود لرئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح. مؤكدا أنه سيتابع الجهة التي اعتقلته.
وبينما دانت «النقابة الوطنية للصحافيين الجزائريين»، حادثة اعتقال فضيل، قال قادة بن عمار، أحد أشهر المذيعين بالمجموعة: «إن استمرار أساليب الاعتقال يؤكد أن القوى غير الدستورية ما تزال طاغية في البلاد، وإنها غير مبالية بالتغيير السلمي».
وقال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» إن وزير العدل الطيب لوح هو من أمر قوات الدرك باعتقاله لتحذيره من تصريحات أطلقها، عُدَت خطيرة. في إشارة إلى تصريحات فضيل الليلة الماضية، قال فيها على قناته التلفزيونية إن «أختام الرئاسة سرقت، ويتم استعمالها لأغراض مشبوهة»، من دون أن يكشف عن مصدر هذه المعلومة. لكن بدا متأكدا أن أشخاصا يستعملونها بدلا عن الرئيس، خدمة لأغراض خاصة.
وتعيش الجزائر حاليا حالة من الفوضى والضبابية وتضارب الأخبار، بسبب فراغ غير مسبوق في مؤسساتها. فتقريبا لا وجود لهيئة رسمية باستثناء «الجيش الشعبي الوطني» وقائده أحمد قايد صالح.
في غضون ذلك، ذكر البرلماني الإسلامي حسن عريبي، المثير للجدل، أمس بأن رجل الأعمال البارز علي حداد، والملياردير رضا كونيناف المقرب من عائلة الرئيس، «يستعدان للهروب من البلاد بالمليارات من أموال الشعب الجزائري، المطحون تحت رحى النهب والسرقة والاختلاسات؛ ولمن لا يعرف عظيم خطر هؤلاء فقد أعطيت لكل منهما مشروعات كبيرة بآلاف المليارات، خارج الإجراءات القانونية الخاصة بالصفقات الحكومية».
وتساءل عريبي: «بأي حق استولى علي حداد على أراض واسعة حكومية في معظم الولايات؟ والأخطر من هذا أنه حصل على ثلاث قطع أراضي كبيرة في وهران (كبرى مدن غرب البلاد)، مساحة واحدة منها فقط 22 هكتارا. إنّ من كشف هذه الفضائح هو الحراك الشعبي الواسع، وعلى النائب العام تحريك دعوى قضائية حالا لتوقيف هؤلاء، وتجميد أموالهم، ومنعهم من الهروب من البلاد حتى تنظر العدالة في هذه الإشاعات وغيرها».
من جهته، قال المحامي والناشط بالحراك مقران آيت العربي: «أمام جرائم الفساد تخطط السلطة للبقاء والاستمرار. لقد صارت رؤوس الفساد معروفة عند الجميع، بعدما كشفت وسائل الإعلام عن بعض أسماء المفسدين وعن المبالغ المسروقة، وخاصة عن طريق قروض بنكية، بناء على أوامر سياسية، والتي تقدر بآلاف المليارات». مبرزا أن «هذا الفساد الثابت يعتبر من بين الأسباب التي جعلت السلطة تخطط للبقاء، بكل الطرق غير الشرعية، بما فيها انتهاك الدستور إلى درجة التضحية بولي نعمتهم، الذي كانوا يلقبونه بصاحب الفخامة قصد نيل رضاه، وما ينتج عن ذلك من مصالح شخصية. ونتيجة لذلك، فهم يخافون من المتابعات القضائية بعدما يتحرر القضاة من التعليمات».
وحذر آيت العربي «من بقاء النظام، لأنه سيملأ السجون بالمناضلين، البارزين بمواقفهم المعادية لنظام الفساد خلال هذه الثورة السلمية وقبلها. لكن المناضلين الحقيقيين النزهاء لم تخوّفهم السجون بالأمس، ولن تخيفهم اليوم ولا غدا. الشعب الذي قام بهذه الثورة السلمية، هو الذي سيسهر على احترام حريات وحقوق الجميع».
في سياق ذلك، قالت منظمة «مركز جنيف لحقوق الإنسان»، غير الحكومية، في تقرير عن الأوضاع بالجزائر، إن «الاحتجاجات السلمية والعفوية انطلقت من مبادئ وشعارات واضحة ومقنع، ة ومعبرة عن مطالب الشارع الجزائري، وكانت الحقوق الأساسية في مقدمة الشعارات المرفوعة، مما يتوجب على السلطات احترام هذه المطالب، وتحقيقها بما يضمن استقرار وتنمية وازدهار المجتمع. فجموع المواطنين المشاركين في الاحتجاجات ضد الظلم والفساد، والمطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، لن تقبل لا محالة بأنصاف الحلول، أو باستمرارية الوضع القائم، ولهذا لا بد من الاستناد إلى إرادة الشعب وتصحيح المسار، وإحداث إصلاحات اقتصادية جادة، وتغييرات جذرية على مستوى القيادات السياسية، وتوسيع المشاركة، خاصة لممثلي المجتمع المدني والكفاءات، وإقرار تدابير تشريعية، تضمن تمتع المواطنين بكامل حقوقهم».
وبحسب المنظمة، «فقد كشف رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي الوطني عن مطلب تفعيل المادة 102 من الدستور الجزائري لإعلان حالة شغور منصب رئيس الجمهورية، وما قابله من صمت في قصر الرئاسة، ينم عن صراعات حادة في دوائر السلطة، من شأنها أن تؤثر سلبا على العملية السياسية في البلاد في الوقت الراهن».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.