عمالقة الصناعة الصينية يعانون تراجعاً بالغاً في الأرباح

أظهرت بيانات رسمية صينية أمس أن أرباح الشركات الصناعية الكبرى تراجعت في شهرين بأكبر وتيرة خلال عقد كامل (رويترز)
أظهرت بيانات رسمية صينية أمس أن أرباح الشركات الصناعية الكبرى تراجعت في شهرين بأكبر وتيرة خلال عقد كامل (رويترز)
TT

عمالقة الصناعة الصينية يعانون تراجعاً بالغاً في الأرباح

أظهرت بيانات رسمية صينية أمس أن أرباح الشركات الصناعية الكبرى تراجعت في شهرين بأكبر وتيرة خلال عقد كامل (رويترز)
أظهرت بيانات رسمية صينية أمس أن أرباح الشركات الصناعية الكبرى تراجعت في شهرين بأكبر وتيرة خلال عقد كامل (رويترز)

قبل ساعات من زيارة مرتقبة لوفد أميركي رفيع لبكين، لاستئناف المباحثات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، أظهر تقرير لمكتب الإحصاء الوطني الصيني، أمس، انخفاض أرباح الشركات الصناعية الكبرى في الصين خلال أول شهرين من العام الجاري بنسبة 14% مع تراجع الأسعار وتباطؤ المبيعات، وهي أعلى وتيرة تراجع للأرباح الصناعية منذ عشر سنوات.
وتترقب الأسواق بدء جولة أخرى من المفاوضات التجارية في بكين، فيما يسعى الجانبان الأميركي والصيني للتوصل إلى اتفاق يُنهي النزاع الدائر بينهما منذ نحو عام، والذي تسبب في تعديل البنك وصندوق النقد الدوليين نظرتيهما للنمو العالمي بالخفض.
وأوضحت بيانات مكتب الإحصاءات الوطني الصادرة أمس (الأربعاء)، أن الأرباح الصناعية الصينية تراجعت بنسبة 14% خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط)، لتصل إلى 708.01 مليار يوان (105.48 مليار دولار)، وذلك بعد هبوط نسبته 1.9% في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ويأتي التراجع على الرغم من أن بكين قد قدمت سلسلة من إجراءات التحفيز المالي والنقدي منذ يوليو (تموز) الماضي، في محاولة لدعم النمو. وكان النمو الاقتصادي في الصين قد انخفض إلى أبطأ معدل سنوي له منذ ثلاثة عقود تقريباً في عام 2018 بسبب آثار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وقمع إنفاق الشركات الذي تغذيه الديون، حسب «سي إن بي سي» الأميركية.
وقال مكتب الإحصاء إن انخفاض الأرباح يرجع جزئياً إلى تأثير عطلة العام القمري الجديد التي وقعت في فبراير من هذا العام، لكنّ المكتب قام منذ فترة طويلة بدمج القراءة على الأرباح للشهرين الأولين من العام من أجل تخفيف تأثير تلك العطلة الوطنية المتجولة التي استمرت أسبوعاً.
ومن بين أكبر المساهمين في الهبوط الأعلى للأرباح كان قطاع صناعة السيارات الذي هبط بنسبة 42%، في حين تراجعت أرباح شركات إنتاج المعادن الحديدية بنسبة 34.5%، حيث تراجعت أرباح الصناعة الكيميائية بنسبة 27.2%، كما أظهرت أرقام مكتب الإحصاء أن أرباح قطاع الصناعات التحويلية الأوسع تراجعت بنسبة 15.7%.
على جانب آخر، ارتفع مؤشر أسعار المنتجين في البلاد بنسبة 0.1% خلال الشهرين الأولين من العام الحالي على أساس سنوي، وفقاً للبيانات الرسمية.
وقبل أسبوع، أظهرت نتائج انخفاض نمو ناتج الصناعات التحويلية في الصين إلى أدنى مستوى في 17 عاماً في أول شهرين من العام، بما يشير إلى ضعف يشهده ثاني أكبر اقتصاد في العالم من المرجح أن يؤدي إلى إطلاق المزيد من إجراءات الدعم من جانب بكين. وتكثف الصين مساندة الاقتصاد في الوقت الذي يبدو فيه أن النمو يتجه إلى الانخفاض في 2019 إلى أدنى مستوى في 29 عاماً، لكن إجراءات الدعم تستغرق وقتاً في التطبيق. ويعتقد معظم المحللين أن النشاط ربما لن يستقر بشكل مقنع حتى منتصف العام.
وزاد الإنتاج الصناعي 5.3% في يناير وفبراير، بما يقل عن التوقعات، مسجلاً أبطأ وتيرة منذ أوائل 2002، وكان من المتوقع أن يتباطأ النمو إلى 5.5% مقارنةً مع النسبة البالغة 5.7% المسجلة في ديسمبر.
وتسارع نمو الاستثمار في الأصول الثابتة، وهو محرك رئيسي للنمو في السابق، إلى 6.1% في أول شهرين من العام الجاري، وهو ما يزيد قليلاً على توقعات المحللين، ويرتفع على نحو هامشي على النسبة البالغة 5.9% المسجلة في 2018.
ويبدو أن معظم المكاسب ترجع إلى انتعاش في الاستثمار العقاري، الذي تسارع لأعلى مستوى في خمس سنوات عند 11.6% على الرغم من انخفاض مبيعات المنازل.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي خلال لقاء جمعهما على غداء عمل في باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات غزة ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي جان نويل، الجمعة، التطورات في قطاع غزة وعلى الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»