تقلبات الأسهم والسندات تنعش أسواق السلع

الذهب يرتفع على وقع إجراءات الفيدرالي... والنفط يتحفز لصعود إضافي

استفاد الذهب من توجهات البنك المركزي الأميركي في دعم منحناه التصاعدي (رويترز)
استفاد الذهب من توجهات البنك المركزي الأميركي في دعم منحناه التصاعدي (رويترز)
TT

تقلبات الأسهم والسندات تنعش أسواق السلع

استفاد الذهب من توجهات البنك المركزي الأميركي في دعم منحناه التصاعدي (رويترز)
استفاد الذهب من توجهات البنك المركزي الأميركي في دعم منحناه التصاعدي (رويترز)

ارتفعت تداولات السلع للأسبوع الثاني على التوالي، وإن كان ذلك بوتيرة بطيئة، وجاءت مكاسبها مدعومة بأسعار المعادن الثمينة، إلى جانب السلع الزراعية. وتلقت المعادن الثمينة زخماً قوياً نتيجة للهبوط الحاد الذي طال عائدات السندات بعد إعلان بنك الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأميركي) عن وقف رفع أسعار الفائدة مجدداً خلال هذا العام، فضلاً عن التمهل في خفض ميزانيته العمومية.
وقال تقرير صادر عن «ساكسو بنك» أمس إن الدولار الأميركي تراجع في البداية على وقع هذه الأخبار، قبل أن يعاود ارتفاعه يوم الجمعة نتيجة للدعم الذي تلقاه بعد صدور بيانات مخيبة للآمال عن «مؤشر مديري المشتريات» (PMI) حول ألمانيا وفرنسا. بينما شهدت أسعار الأسهم، التي استفادت من رغبة المستثمرين بالمجازفة، ارتفاعاً مبدئياً قبل أن تستقر نتيجة للمخاوف المتعلقة بتوقعات النمو الاقتصادي.
وشهد قطاع الطاقة محاولة لرفع أسعار برنت وخام غرب تكساس الوسيط بعد قيام دول منظمة «أوبك» والمنتجين المستقلّين بخفض الإنتاج، ما أتاح لهم استعادة نصف خسائرهم في الفترة بين شهري أكتوبر (تشرين الأول) وديسمبر (كانون الأول) الماضيين، قبل أن تستقر الأسعار عند نحو 60 إلى 70 دولاراً للبرميل على التوالي. وساهم التراجع الموسمي الضخم في مخزونات النفط الخام الأميركية والبالغ 10 ملايين برميل في خفض هوامش الفارق بين النقطتين المرجعيتين العالميتين.
- المعادن الصناعية
ووصل مؤشر المعادن الصناعية بقيادة الزنك إلى أعلى مستوى له على مدى 24 أسبوعاً، وذلك قبل بروز مخاوف تتعلق بالنمو وتراجع الدولار، ما أدى إلى ظهور مؤشرات فنية يمكن أن تفضي إلى حدوث تصحيح أعمق خلال الأسابيع المقبلة. وتجلى ذلك في معدن النحاس، الذي تراجع إلى أدنى مستوياته خلال شهر واحد نتيجة للانخفاض الحاد في النشاط الصناعي الألماني.
- السلع الزراعية
وارتفع مؤشر «بلومبرغ» الفرعي للسلع الزراعية للأسبوع الثاني بعد الوصول إلى أقل مستوياته مؤخراً. وساهمت العوامل المرتبطة بالأحوال الجوية في الولايات المتحدة بدعم أسعار الحبوب، في حين أدى انتشار مرض حمى الخنازير في الصين إلى زيادة الطلب على الإمدادات الأميركية.
وحتى تاريخ 12 مارس (آذار) الجاري، جمعت شركات إدارة الأموال، التي تسعى لحشد الزخم، صفقات بيع مضاربة بلغت أكثر من 600 ألف لوت في 14 سلعة زراعية. ومع البدء بتحسن التوقعات الأساسية، يتم تقليص حجم هذه الصفقات حالياً. ونتيجة لذلك، يؤكد التقرير أنه من المحتمل أن نشهد اتجاهاً تصاعدياً للقطاع خلال الفترة القادمة. ومن هنا، يجري التركيز على السلع قصيرة الأجل والتي تشمل فول الصويا، والذرة، والقمح، والقطن.
- الغاز الطبيعي
وأضاف التقرير أن هناك قطاعا آخر رزح تحت ضغوطات سعرية خلال الأشهر الماضية وهو قطاع الغاز العالمي. فإلى جانب فصل الشتاء المعتدل في أوروبا وآسيا وتزايد مخزوناته، فإن الزيادة المستمرة في صادرات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي المسال ساهمت في دعم الانخفاض الحاد لأسعار الغاز في كل من أوروبا وآسيا خلال الشتاء الماضي. فقد أغرقت الإمدادات الأميركية من الغاز الطبيعي المسال السوق الأوروبية منذ شهر أكتوبر من العام الماضي، عندما أدت مخزونات الغاز الضخمة في آسيا إلى تحويل الإمدادات الأميركية نحو القارة الأوروبية.
وشعرت شركة «غازبروم» الروسية العملاقة، التي تجاهلت حتى الآن المخاوف المرتبطة باستحواذ الغاز الأميركي المسال على حصتها السوقية، بتأثيرات الإمدادات الأميركية عليها لدرجة أنها أشارت إلى أن الصادرات الأميركية من الغاز قد أصبحت المنافس الأكبر لها في الأسواق، بحسب ما أشارت إليه وكالة «رويترز». وبعد تحوله لاستخدام «الدولار الأميركي-وحدة حرارية» لأسباب تتعلق بالمقارنة، انخفض مرجع التداول الافتراضي «داتش غاز» (تي تي إف) إلى أدنى مستوياته في عامين، ليبلغ 4.8 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانيّة. أما في آسيا، فقد سجل مرجع «بلاتس» انخفاض تداولات الغاز الطبيعي المسال في اليابان وكوريا الجنوبية من 11 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانيّة خلال شهر أكتوبر الماضي لتبلغ 4.7 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانيّة.
ورغم ذلك، فمن المتوقع أن تتوقف عمليات البيع الأميركية عاجلاً وليس آجلاً، نظراً للنفقات الكبيرة التي يتكبدها المنتجون الأميركيون عند إضافة تكاليف تسييل الغاز ونقله وإعادة تحويله إلى غاز طبيعي.
- أسعار النفط
من ناحية ثانية، ترك الاجتماع الذي عقدته دول منظمة «أوبك» والمنتجون المستقلون مؤخراً في العاصمة الأذرية باكو انطباعاً قوياً في الأسواق بأن أسعار النفط الخام ستواصل ارتفاعها. ويحتاج عدد من المنتجين في منظمة «أوبك»، إلى استعادة أسعار النفط لتستقر فوق 80 دولاراً للبرميل بغية الإيفاء بالتزاماتها المالية، ولذلك فهي غير راضية على الأرجح بأن يبقى سعر برميل النفط الخام أقل من 70 دولارا.
واستناداً إلى ذلك، تشير التوقعات في الأسواق إلى خفض معدلات إنتاج النفط حتى شهر يونيو (حزيران) المقبل لدعم ارتفاع أسعاره. ويمكن لهذه الاستراتيجية أن تنجح في عالم يشهد نمواً قوياً ومعدلات طلب مرتفعة، ولكنها على الأرجح لن تحرز النجاح المطلوب في ظل هبوط منحنى عوائد السندات الأميركية وارتفاع مخاطر الركود الاقتصادي إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2008. وبينما تمتلك دول منظمة «أوبك»، إلى جانب روسيا، القدرة على التحكم في الإنتاج، إلا أنها تبقى عاجزة عن السيطرة على معدلات الطلب. ومع ارتفاع أسعار النفط؛ فإن الأعباء الضريبية ستزداد ولن تستثني أحداً من تأثيراتها.
ويضيف التقرير أنه «علاوة على ذلك، نلاحظ أنه رغم توالي الأخبار الداعمة للأسعار خلال الأسابيع والأشهر الماضية، فإن صافي الربح المسجل لإجمالي العقود الآجلة لخام برنت وخام غرب تكساس الوسيط قد وصل إلى 450 ألف لوت فقط، وهو رقم يقل كثيراً عن 830 ألف لوت الذي شهدناه في شهر أكتوبر الماضي قبل انهيار الأسعار. ويعود ذلك على الأرجح إلى إحجام صناديق الاقتصاد الكلي عن المجازفة بالشراء في ظل تصاعد أجواء من التشاؤم الذي يكتنف مستقبل الاقتصاد».
واستناداً إلى هذه الملاحظات، تشير توقعات «ساكسو بنك» إلى أن أسعار النفط ستسجل مزيداً من الارتفاع خلال الربع الثاني من هذا العام. أما بالنسبة للوقت الراهن، فيعتقد أن النفط سيتخذ منحنى هبوطياً على المدى القصير، حيث سيسجل 60 دولارا للبرميل (بالنسبة لخام غرب تكساس الوسيط) و70 دولارا للبرميل (بالنسبة لخام برنت) بشكل مؤقت ولفترة وجيزة.
وسيسهم انتعاش أسواق الأسهم في تقديم إشارة مهمة حول ما إذا كانت مخاوف نمو الطلب ستعاود ظهورها باعتبارها محور تركيز يعوض عن التركيز على دعم الأسعار عبر خفض الإمدادات.
- الذهب والمعادن الثمينة
من جانب آخر، ساهم التحول الهائل الذي شهدناه خلال الأشهر القليلة الماضية من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي في دعم المنحنى التصاعدي للذهب، حيث تسلط التوجهات الحذرة الضوء على مخاطر الركود الذي يدعم أسعار الذهب خلال 12 شهراً المقبلة. إلا أنه من غير المرجح أن يحصل الذهب على الدعم الذي يحتاجه لكسر عتبة مقاومته القوية في المستقبل القريب. ومع ذلك، يتوقع ظهور تحديات هائلة خلال وقت لاحق من هذا العام نتيجة لضعف الدولار، واستقرار عائدات السندات عند مستويات منخفضة، والمخاوف المتعلقة بالقدرة على زيادة المخزونات العالمية في ظل تصاعد المخاوف المتعلقة بالنمو. وإلى جانب النظرة المتفائلة تجاه الذهب، يرى الخبراء ضرورة أخذ الفضة بعين الاعتبار، والذي بقي أحد المعادن المنسية بنسبة تداول تقل بمقدار 12 في المائة عن متوسط تداوله لفترة 5 أعوام بالنسبة للذهب. ويشكل البلاتين أحد المعادن الأخرى التي تستحق الدعم نظراً لسعره الذي يقل بأكثر من 700 دولار عن معدن البلاديوم، وما يزيد عن 400 دولار أميركي بالنسبة إلى الذهب.
ويشير خبراء الأسواق إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار بأن الكثير من المستثمرين يقومون بشراء الذهب كتأمين في مواجهة الأجواء المعاكسة لاستثماراتهم الأخرى، كما هو الحال بالنسبة للأسهم. وبناءً على ذلك، ينبغي مراقبة التدفقات داخل وخارج السلع المتداولة في البورصة، والتي غالباً ما يتم استخدامها من قبل المستثمرين على المدى الطويل. وطالما تحافظ أسواق الأسهم على مرونتها الحالية، فمن غير المرجح للذهب أن يكون قادراً على تخطي التحدي الذي تمثله منطقة المقاومة التي تتراوح بين 1360 - 1380 دولارا.
وقد يطرأ أي تغيير على الدعم لأسعار الذهب التي ستستقر عند 1275 دولارا للأونصة (الأوقية)، قبل أن يصل إلى عتبة المعدل المتحرك لفترة 200 يوم والبالغة 1247 دولاراً للأونصة.


مقالات ذات صلة

الذهب قُرب أعلى مستوى في أسبوعين وسط تركيز على بيانات التضخم الأميركي

الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع ببيت الذهب «برو أوره» بميونيخ (رويترز)

الذهب قُرب أعلى مستوى في أسبوعين وسط تركيز على بيانات التضخم الأميركي

ظلت أسعار الذهب قُرب ذروة أسبوعين، بدعم من تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتوقعات إقدام مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» على خفض آخر لأسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك ذهبية معروضة في مكتب «غولد سيلفر سنترال» بسنغافورة (رويترز)

توقعات باستمرار تألق الذهب حتى 2025 ليصل إلى 2950 دولاراً

مع عودة دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، من المحتمل أن يكون هناك مزيد من عدم اليقين بشأن التجارة والتعريفات الجمركية، مما سيدعم أيضاً سعر الذهب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك ذهبية في مصنع «أويغوسا» لفصل الذهب والفضة في فيينا (رويترز)

ارتفاع طفيف لأسعار الذهب مع ترقب بيانات تضخم أميركية

ارتفعت أسعار الذهب يوم الاثنين مع ترقب المستثمرين بيانات تضخم أميركية هذا الأسبوع، تلمساً لمؤشرات على السياسة النقدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مقر بنك الشعب الصيني في بكين (رويترز)

بعد توقف لـ6 أشهر... الصين تستأنف شراء الذهب في نوفمبر

استأنف البنك المركزي الصيني شراء الذهب للاحتياطيات النقدية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد توقف استمر 6 أشهر.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد سبائك ذهبية في أحد البنوك بزيوريخ في سويسرا (رويترز)

الذهب يتجه نحو الانخفاض بانتظار تقرير الوظائف الأميركي

ارتفعت أسعار الذهب قليلاً، يوم الجمعة، لكنها تواصل التوجه نحو ثاني انخفاض أسبوعي على التوالي، في وقت يترقب فيه المستثمرون بيانات الوظائف الأميركية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)
يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)
TT

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)
يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)

في حدث استثنائي شهدته مدينة جدة، جرى تدشين مشروع برج ترمب، بحضور إريك ترمب، نائب رئيس منظمة ترمب، والذي عَدَّ أن هذا المشروع سيكون إضافة نوعية لسوق العقارات الفاخرة في السعودية.

وعبّر إريك ترمب، في كلمة له، عن فخره وسعادته بإطلاق هذا المشروع، وقال: «نحن متحمسون جداً لتقديم مشروع يجسد معايير الفخامة والابتكار، ويعكس التزام منظمة ترمب بالجودة العالمية».

برج ترمب جدة هو مشروع سكني فاخر يقع في منطقة استثنائية على كورنيش جدة، ويتميز بإطلالات مباشرة على البحر الأحمر، مع قربه من أبرز معالم المدينة مثل النافورة الملكية، والمارينا، وحلبة سباق الـ«فورمولا 1».

ويضم البرج، وهو بارتفاع يصل إلى 200 متر على 47 طابقاً، 350 وحدة سكنية تتنوع بين شقق فاخرة من غرفة إلى أربع غرف نوم، إضافة إلى بنتهاوس فاخر بثلاث وأربع غرف نوم.

وجرى تصميمه بلمسات تجمع بين الأناقة العصرية والرقيّ الكلاسيكي، حيث جرت مراعاة أدق التفاصيل لتوفير تجربة سكنية فاخرة بإطلالات ساحرة على البحر الأحمر، مما يجعله أحد أبرز معالم جدة المستقبلية.

تبدأ أسعار الوحدات السكنية في برج ترمب جدة من مليونيْ ريال، وتصل إلى 15 مليوناً. وقد بِيعت جميع الوحدات التي بلغت قيمتها 15 مليون ريال، مع بقاء عدد محدود من الوحدات بأسعار تبدأ من 12 مليوناً.

إريك ترمب ابن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ومن بين أبرز مبيعات البرج، جرى بيع وحدة سكنية مميزة تحتل مساحة كامل الدور، بسعر قياسي بلغ 50 مليون ريال، ما يعكس الطلب الكبير على العقارات الفاخرة في السوق السعودية وجاذبيتها للمستثمرين المحليين والدوليين.

جرى تنفيذ هذا المشروع بالشراكة بين منظمة ترمب وشركة «دار غلوبال» للتطوير العقاري، المُدرجة في بورصة لندن.

تُعد «دار غلوبال» من الشركات الرائدة عالمياً في مجال العقارات الفاخرة، حيث تدير مشاريع بقيمة إجمالية تتجاوز 5.9 مليار دولار في 6 بلدان تشمل الإمارات، وعمان، وقطر، وبريطانيا، وإسبانيا، والبوسنة.

يأتي هذا المشروع ضمن طفرة عقارية تشهدها المملكة، حيث جرى الإعلان عن مشاريع بقيمة 1.3 تريليون دولار في السنوات الثماني الماضية.

ويُعدّ برج ترمب جدة جزءاً من «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز قطاع السياحة والترفيه، وجذب الاستثمارات الأجنبية.