موقف ترمب من الجولان يضغط على الديمقراطيين في اجتماع «أيباك»

TT

موقف ترمب من الجولان يضغط على الديمقراطيين في اجتماع «أيباك»

طغى إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب نيته الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، على النقاشات والتحضيرات الجارية لعقد المؤتمر السنوي للجنة الشؤون الأميركية - الإسرائيلية (أيباك) في واشنطن، الذي ينعقد الأحد ويستمر 3 أيام.
وفيما كان الحزبان الجمهوري والديمقراطي يسعيان كل على طريقته لإظهار مدى تأييده وانحيازه لإسرائيل، لكن عبر التزامهما بتقليد يبعدهما عن الانحياز إلى أي طرف إسرائيلي، جاء إعلان ترمب وتبنيه رسمياً أجندة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الانتخابات العامة المقبلة، ليكسر هذا التقليد ويشكل هدية لا تعوض لنتنياهو الذي يواجه تحديات جدية قد تهدد فوزه.
إعلان الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان من المتوقع أن يترك أثراً على العلاقات الأميركية - الإسرائيلية وعلى علاقة الحزبين بإسرائيل، وكذلك على المنطقة، في ظل الحديث عن احتمال إعلان واشنطن عن مشروعها للسلام.
ترمب كان صعد من هجماته على الديمقراطيين وكرر اتهامه لهم أمس، خلال توجهه إلى منتجعه في فلوريدا بأن حزبهم أصبح حزباً معادياً للسامية ومعادياً لليهود وطارداً لهم.
جاء ذلك إثر اتهام النائبة الديمقراطية عن ولاين مينيسوتا إلهان عمر بالتحريض ضد اليهود ومعاداة السامية، وقيام مجلس النواب بإصدار قرار يشمل؛ ليس فقط إدانة معاداة السامية، بل ويدين كل جرائم الكراهية ومعاداة المسلمين.
ويشن الجمهوريون هجمات تستهدف قيادات ورموز الحزب الديمقراطي عبر اتهامهم بمعاداة اليهود، فيما بات يعتبر بأكثر الحملات تركيزاً لاستمالة أكبر لوبي سياسي ومالي في الولايات المتحدة إلى جانبهم، ودعم جهود ترمب لتجديد انتخابه عام 2020.
ويرد الديمقراطيون على تلك الاتهامات عبر إظهار حزبهم بأنه الحزب المفضل لليهود، في ظل استطلاعات رأي قديمة تشير إلى نسبة 1 إلى 2 أو أكثر يؤيدون الحزب الديمقراطي.
وقدم نائبان يهوديان من الديمقراطيين في مجلس النواب مشروع قرار الخميس، يدين حركة المقاطعة ضد إسرائيل، ويؤكد مجدداً دعمهم لحل الدولتين للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، في خطوة للرد على الادعاءات بأن الحزب منقسم في دعمه إسرائيل. غير أن تأييد ترمب للسيطرة الإسرائيلية الدائمة على مرتفعات الجولان طغى عليه.
في المقابل، يظهر المرشحون الديمقراطيون للرئاسة ثباتاً في تحدي سياسات الحكومة الإسرائيلية في عهد نتنياهو، وعلى رأسهم بيرني ساندرز اليهودي الأصل، الذي «انتقد التعصب الأعمى ومعارضي حل الدولتين». وأعلن غالبيتهم مقاطعة اجتماع «أيباك» بسبب وجود نتنياهو، معتبرين أن مشاركته محاولة لاستخدام المؤتمر في حملته الانتخابية وإظهار نفسه بأنه الشخصية المفضلة في واشنطن.
وبحسب تقارير واستطلاعات نشرتها الصحافة الأميركية، يعتقد عدد قليل من قادة الديمقراطيين بأن الحزب في خطر انشقاق جماعي لليهود، كما يروج له الجمهوريون، وعلى رأسهم ترمب. لكن الكثيرين يقولون إنهم يحتاجون إلى مضاعفة جهودهم للرقابة على الخطاب المعادي للسامية ومنع مزيد من تآكل الدعم لإسرائيل.
وقال النائب جوش غوتهايمر وهو ديمقراطي يهودي معتدل، إن البعض يتساءل عما إذا كانت لدينا مشكلة أم لا، وجوابي أن لدينا بعض الأشخاص على الهامش ولا يمثلون غالبية الحزب، وعلينا العمل لتأكيد ذلك.
وسيحضر اجتماع «أيباك» آلاف الأميركيين اليهود والحلفاء السياسيين لإسرائيل، وعلى رأسهم رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشارلز شومر وزعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب ستيني هويير. ويتوقع أن يتولى الديمقراطيون شرح أسباب الاستقطاب والانقسام الذي تطور منذ عام 2015، عندما تحدى نتنياهو علانية الرئيس السابق باراك أوباما بشأن الاتفاق النووي مع إيران. وسيؤكدون أهمية الحفاظ على العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل من الحزبين. وسعى نواب ديمقراطيون إلى إصدار قرار يدين حملة المقاطعة الدولية لإسرائيل والدعوة لسحب الاستثمارات وفرض عقوبات عليها، بهدف الضغط لإجبارها على تغيير سياستها تجاه الفلسطينيين. وقالوا إن تلك السياسات ستنهي عملياً هوية إسرائيل وطناً لليهود، وهو ما يؤيده مؤتمر «أيباك»، بحسب ما نقلت وسائل إعلام عن مسؤولين فيه.
ويتهم قادة الحزب الديمقراطي الرئيس ترمب بمحاولة إحداث اختراق داخل الحزب وبأنه أحد أكبر المساهمين في صعود معاداة السامية في الولايات المتحدة.
وقالت المتحدثة باسم بيلوسي درو هاميل إن رسالة دعمها القوية للعلاقة الأميركية - الإسرائيلية الحيوية ستتحدث عن نفسها، وإن السياسيين الذين يسعون إلى استغلال هذه العلاقة وتحويلها إلى إسفين ليسوا أصدقاء لإسرائيل. في حين قال تشوك شومر إن خطاب ترمب بعد مسيرة المتفوقين البيض في شارلوتسفيل عام 2017 يوضح أن الرئيس مهتم فقط بسياسة الانقسام.
لكن انتخاب ترمب واحتضانه نتنياهو وإلغاءه الاتفاق النووي مع إيران ومن ثم إعلانه نقل السفارة الأميركية إلى القدس ثم تغريدته بشأن سيادة إسرائيل على هضبة الجولان، ستصعب المهمة على الديمقراطيين خلال المؤتمر.
ورغم أن الجمهوريين يصعدون من ادعاءاتهم بأن حزبهم هو الأكثر تأييداً لإسرائيل ويستغلون الجدل الذي أثارته تعليقات النائبة إلهان عمر، فإن استطلاعات الرأي أظهرت أن 16 في المائة فقط من اليهود صوتوا للجمهوريين العام الماضي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.