النزاع السوري يطوي عامه الثامن... أضخم مأساة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية

مظاهرة في ذكرى الثورة السورية بمدينة معرة النعمان في محافظة إدلب أمس (أ.ف.ب)
مظاهرة في ذكرى الثورة السورية بمدينة معرة النعمان في محافظة إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

النزاع السوري يطوي عامه الثامن... أضخم مأساة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية

مظاهرة في ذكرى الثورة السورية بمدينة معرة النعمان في محافظة إدلب أمس (أ.ف.ب)
مظاهرة في ذكرى الثورة السورية بمدينة معرة النعمان في محافظة إدلب أمس (أ.ف.ب)

خرج مئات السوريين أمس الجمعة إلى الشوارع في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في الذكرى الثامنة لاندلاع الثورة ضد نظام الرئيس بشار الأسد، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
ونقلت الوكالة عن نشطاء أن المحتجين، وبينهم أطفال ونساء، شاركوا في مسيرات بمحافظة إدلب، شمال غربي سوريا، وبريف حلب الشمالي، طالبوا بتنحي الأسد. وحمل متظاهرون في مدينة حارم بمحافظة إدلب لافتة كتب عليها: «ما زلنا نريد الحرية. إرحل يا بشار».
وأشارت وكالة الصحافة الفرنسية، أمس، إلى مقتل أكثر من 370 ألف شخص وهجرة أكثر من نصف الشعب وتعرض مناطق كاملة للدمار، في أضخم مأساة إنسانية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، بحسب الأمم المتحدة، بسبب النزاع والحرب المستمرة في سوريا منذ مارس (آذار) 2011.
وأحصى «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أكثر من 370 ألف قتيل منذ بداية الحرب التي طوت أمس الجمعة سنتها الثامنة. وبين القتلى 112 ألفاً و623 مدنياً ضمنهم 21 ألف طفل و13 ألف امرأة، بحسب حصيلة «المرصد» التي نشرها في 15 مارس الحالي.
ووفق تقديرات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، فإن «2.9 مليون شخص باتوا يعيشون مع إعاقة دائمة».
ولفتت الوكالة الفرنسية إلى أن دراسة لمنظمة «هانديكاب إنترناشيونال» بين عامي 2017 و2018، أظهرت أن «أكثر من 60 في المائة من أُسَر اللاجئين السوريين تضمّ معاقاً، وخُمس اللاجئين السوريين في لبنان والأردن يعانون إعاقة». وبحسب مديرة الشرق الأوسط في منظمة «كير»، تسبب النزاع السوري «في أكبر عملية نزوح للسكان منذ الحرب العالمية الثانية». وعانى نحو 13 مليون سوري النزوح أو اللجوء في بلدان أخرى، علماً أن تعداد الشعب السوري قبل 2011 كان 23 مليون نسمة. ونزح نحو 6.2 ملايين سوري داخل بلادهم. ولجأ نحو 5.6 ملايين سوري إلى دول مجاورة، بحسب المفوضية العليا للاجئين.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية، في تقريرها، أن سلطات لبنان تقدر عدد السوريين على أراضيها بـ1.5 مليون شخص، أقل من مليون منهم مسجلون لدى مفوضية اللاجئين. ويعيش معظم اللاجئين في ظروف الفقر ويعولون على المساعدات الدولية. ويقيم في الأردن، بحسب السلطات، 1.3 مليون سوري، في حين تقول مفوضية اللاجئين إن عدد المسجلين لديها منهم 657 ألفاً. ويقيم في العراق أكثر من 246 ألف لاجئ سوري، وفي مصر أكثر من 130 ألف سوري.
وتدفق مئات آلاف السوريين على أوروبا، خصوصاً ألمانيا، حيث يوجد العدد الأكبر بين طالبي اللجوء.
ومنذ بداية النزاع، اتهمت السلطات السورية بانتهاكات لحقوق الإنسان، وفي حالات كثيرة، بالتعذيب والاغتصاب والإعدامات الجماعية. وبحسب «المرصد السوري»، قضى نحو 60 ألف شخص تحت التعذيب أو بسبب ظروف اعتقال بالغة السوء في السجون السورية. ووفق المصدر ذاته، مرّ نصف مليون شخص بالسجن منذ بداية الحرب. واتهمت منظمة العفو الدولية في 2017 النظام السوري بإعدام نحو 13 ألف شخص بين 2011 و2015 في سجن صيدنايا قرب دمشق، منددة ما سمته «سياسة إبادة». وقالت إن تلك الإعدامات تضاف إلى 17700 قتيل في السجون سبق للمنظمة أن أحصتهم. وقتل «آلاف» الأشخاص في سجون تنظيمات معارضة ومتشددة، بحسب «المرصد».
كما وُلِد نحو خمسة ملايين سوري منذ 2011، بحسب صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف)، بينهم نحو مليون وُلِدوا لاجئين. وحُرِم أكثر من 2.1 مليون طفل سوري من الدراسة. وتدمرت أو تضررت مدرسة من كل ثلاث مدارس في سوريا. وبحسب مكتب تنسيق المساعدة الإنسانية الأممي، يحتاج أكثر من 13 مليون سوري داخل البلاد إلى مساعدة غذائية. وقال برنامج الغذاء العالمي (بام) إن سوريا تشهد حالة «انعدام أمن غذائي معمم»، ويعجز 6.5 مليون شخص عن تلبية حاجاتهم الغذائية.
وتقول الأمم المتحدة إن الغالبية العظمى من السوريين تعيش تحت عتبة الفقر وسط البطالة وانقطاع التيار الكهربائي ونقص الغاز المنزلي.
وقدرت السلطات السورية خسائر قطاع النفط والغاز منذ 2011 بـ74 مليار دولار، وتواجه البلاد حالياً نقصاً في المحروقات. ولئن كان قطاع الطاقة الأكثر تضرراً، فإن كل مجالات النشاط الاقتصادي تعرضت لدمار بسبب النزاع، بحسب السلطات.
وقدرت الأمم المتحدة قيمة ما دُمّر بسبب الحرب بنحو 400 مليار دولار في بلد باتت مدن وقرى بأكملها فيه مجرد أنقاض وركام.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.