إذا كان هناك جماليات للعبة مثل كرة القدم فهي مفاجآتها وتقلباتها والدراما والإثارة التي تكتنفها لدرجة أن بعض المباريات تصلح لأفلام الرعب أو الأكشن، ولو شاهدنا أحداثها الحقيقية في السينما لقلنا إنها مبالغات غير واردة في الحياة العادية.
بالتأكيد هناك آلاف الأمثلة على مباريات دراماتيكية في تاريخ كرة القدم ولكني سأتحدث عن تلك التي شاهدتها بأم عيني، فأنا أتذكر مثلاً أنني كنت أشاهد نهائي دوري أبطال أوروبا عام 1999 في برشلونة بين بايرن ميونيخ الألماني ومانشستر يونايتد الإنجليزي الذي كان خاسراً بهدف حتى ما قبل النهاية بثلاث دقائق، وتوقعنا أن الأمر بات محسوماً قبل أن يحدث المستحيل ويسجل المان هدفي التعادل والفوز بتوقيع تيدي شيرينغهام وأولي جونار سوشليار الذي كان أفضل بديل في التاريخ وهو الذي يتسلم اليوم قيادة المان مدربا (مؤقتا) خلفا للمقال مورينيو، فصنع ريمونتادا تاريخية بالفوز على باريس سان جيرمان في باريس بثلاثة أهداف لهدف بعد خسارته على أرضه بهدفين نظيفين وتأهل للربع نهائي ليواجه عملاقاً جديداً هو برشلونة في واحدة من أقوى المواجهات في هذا الدور إن لم تكن أقواها على الإطلاق.
الأمر نفسه حدث مع ريال مدريد الذي فاز على أياكس الهولندي خارج الديار بهدفين لهدف ثم خسر في البيرنابيو بأربعة أهداف لهدف في آخر حلقات السقوط التاريخي للملكي، ورب ضارة نافعة، إذ كان ثمن السقوط هو عودة الملهم زيدان إلى الريال بشروطه التي فرضها عليهم وبراتبه الذي وصل لمليون يورو شهرياً، إضافة للمكافآت، ولكن مسلسل الإثارة لم ينته بعد، إذ فعلها يوفنتوس الإيطالي الخاسر ذهاباً بهدفين أمام أتلتيكو مدريد الإسباني ولكن الدون كريستيانو رونالدو أثبت أنه ما زال الرقم الأصعب في عالم كرة القدم (إلى جانب ميسي)، وسجل «هاتريك» تاريخياً، وأكد أن كرة القدم لعبة (كل شيء وارد) وأنها تعطي من يعطيها ومن يؤمن بحظوظه فيها ومن يقاتل في كل ثوانيها حتى لو كان يبدو للآخرين خلاف ذلك.
نعم لهذا نحب كرة القدم لأنها لعبة الإثارة والدراما ولهذا أنا شخصياً ضد دخول التكنولوجيا إليها، لأننا أحببناها بعيوبها ومن أبرز هذه العيوب أخطاؤها التحكيمية، ومن كان يعتقد أن (الفار) قد زاد من نسبة العدالة في قرارات الحكام فعليه أن يتابع الكوارث التي نشاهدها في كل مكان على أخطاء نراها (بالإعادة التلفزيونية) ولكن صاحب القرار لا يراها أو يراها ويركب رأسه ويقرر التغاضي عنها حتى لا يقال إن صافرته ضعيفة أو مهزوزة.
جمال كرة القدم في بساطتها وإثارتها، وسحرها في تقلباتها وجنونها، وأتمنى أن تبقى كذلك.
لهذا نحبها
لهذا نحبها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة