المهرجان الوطني للزي الليبي... تقليد تاريخي وفرحة عابرة الأجيال

احتفاليات كرنفالية في الشوارع والساحات

واحد من الأسر التي شاركت في الاحتفال (أ.ف.ب)
واحد من الأسر التي شاركت في الاحتفال (أ.ف.ب)
TT

المهرجان الوطني للزي الليبي... تقليد تاريخي وفرحة عابرة الأجيال

واحد من الأسر التي شاركت في الاحتفال (أ.ف.ب)
واحد من الأسر التي شاركت في الاحتفال (أ.ف.ب)

أمضت غالبية المدن الليبية، ليلتها في احتفالات كرنفالية، باليوم الوطني للزي الشعبي، في الشوارع والميادين العامة والحدائق والمتنزهات، وسط حضور لافت من كبار السن والأطفال، لاستعراض أجمل الملابس التي تتميز بالخصوصية في اللون والتطريز، فضلاً عن مشاركة نادرة من مقدمي برامج في وسائل الإعلام المحلية.
واحتضن قصر الملك في العاصمة طرابلس، جانباً من فعاليات المهرجان، في نسخته الخامسة، الذي استمرت لوقت متأخر من مساء أول من أمس، حيث تم عرض للزي الليبي وسط استعراض للخيول الأصيلة، فضلاً عن تخصيص مكان لإلقاء الشعر الشعبي، وصولاً إلى الحفل الختامي الذي ألقيت فيه وصلات من الموشحات الأندلسية والأهازيج القديمة.
وقال رئيس مهرجان، إبراهيم الحبيشي، أمس، إنهم «يحرصون على إحياء هذه المناسبة كل عام لأنها ترسخ قيماً تاريخية مهمة في نفوس الأجيال الشابة»، مشيراً إلى أن المهرجان «شهد حضوراً لافتاً من جميع الأعمار في أجواء غلبت عليها السعادة والتقارب».
وقبل بداية الاحتفالية حرصت جمعية الميعاد للثقافة والفنون، التي أشرفت على المهرجان، على وضع برنامج بتجمعات وتحركات المحتفلين، حيث بدأ الاحتشاد أمام «قوس ماركوس» بالعاصمة، والانطلاق عبر أزقة المدينة القديمة، وصولاً إلى ميدان الساعة، ثم التحرك إلى ميدان الشهداء مع وجود عربات الخيول المزينة، كما شاركت في الاحتفال كليات جامعة طرابلس والمعاهد والمدارس الخاصة والعامة والجهات والدوائر الحكومية، بجانب اهتمام فريق برنامج «العشية» الذي تقدمه فضائية «218»، بالمشاركة في المناسبة.
وفي هذا اليوم من كل عام يحرص الرجال على ارتداء «البدعية» بسروالها المميز، وهي أشبه بالصديري المطرز عند حوافه بخيوط بارزة داكنة اللون، لكنّه طويل، كما يلتحفون بـ«الجرد»، وهو قريب من العباءة العربية، ويختلف في طريقة ملبسه، وكان يرتديه شيخ المجاهدين الراحل عمر المختار، ويعرف في غرب البلاد بـ«الحولي» من منطلق أن الشخص يلفه حول جسمه.
وتحضر «الشنة» أو «الشاشية» في هذه المناسبة بقوة، وهي غطاء للرأس يرتديه الرجال والصبيان، ويطلق عليها أيضاً «أكمبوس» و«الطاقية التاجورية» و«الطاقية المصراتية»، حسب المنطقة الجغرافية في البلاد، وتتميز باللون الأحمر الذي يميز المنطقة الشرقية، والأسود في غرب ووسط ليبيا، وغالباً ما يظهر بها رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح في لقاءات بشيوخ وأعيان القبائل.
ولا يفوت المرأة الليبية المشاركة في يوم الزي الوطني، بمختلف أزيائها التاريخية، بداية من «الجرد» أو «الفراشية»، حيث لا يُرى منها إلا عينها اليسرى فقط، أو بفساتين وقمصان من الكتان والحرير.
ولا تقل أهمية الاحتفال باليوم الوطني للزي الليبي في طرابلس، عما سواها من مدن، ففي مدينة مصراتة، بغرب البلاد، تجمع الشيوخ والشباب والأطفال في الساحات العامة للاحتفال بالمناسبة التي يصفونها بـ«السعيدة».
وقال الناشط الليبي محمد الأسطى: إن هذه المناسبة تستهدف «تذكير الكبار وتعريف الأطفال بالموروث والتراث الشعبي»، لافتاً إلى أنهم «حرصوا على مشاركة الصغار ممن هم في مرحلة رياض الأطفال، لتعظيم قيمة الزي التاريخي لديهم».
وعلى خلاف العام الماضي، شاركت بعض مناطق الجنوب في احتفالات اليوم الوطني، حيث تزينت مدينة غات الواقعة في قلب الصحراء، بألوان الزي الوطني، بمشاركة أطفال الروضة، حيث ارتدى الكبار والصغار الأزياء الوطنية الليبية الأصيلة.
وقال فتحي متعب، مدير مكتب الثقافة والمجتمع المدني بمدينة غات، لفضائية «218» الإخبارية: إن «المغزى من الاحتفالية تعريف الأطفال بالزي الوطني والأثواب التراثية الأصيلة التي تتميز بها المدينة، بالإضافة إلى مد جسور التواصل بين الأطفال وإرثهم الثقافي الذي هو من تفاصيل الهوية لأي شعب».
وكانت كثير من مدن الجنوب، امتنعت العام الماضي عن المشاركة في المهرجان، وقال المجلس البلدي في سبها: إنه نظراً لما تعيشه المدينة من أحداث دامية واشتباكات، «أُجّل الاحتفال بيوم الزي الوطني إلى يوم آخر على أمل تحسن مجريات الأمور».



مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)
إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)
إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

وقالت وزارة الخارجية المصرية إنّ جهود استعادة القطع الأثرية من آيرلندا استمرّت طوال عام ونصف العام، وأوضحت في بيان، الجمعة، أنّ «القطع الأثرية التي استُردَّت من جامعة (كورك) الآيرلندية، هي مومياء مصرية وعدد من الأواني الفخارية والقطع الأثرية الأخرى، والجامعة أبدت تعاوناً كبيراً في تسهيل إجراءات إعادتها».

وتمثّل القطع المُستعادة حقبة مهمّة من التاريخ المصري القديم، وجزءاً من التراث الثقافي المصري الذي يحظى باهتمام الجميع، ومن المقرَّر عرضها في المتاحف المصرية، وفق بيان «الخارجية».

وأوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، الدكتور محمد إسماعيل خالد، أنّ «استرداد هذه القطع جاء وفقاً للاتفاق الثنائي الموقَّع مؤخراً بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة (كورك) الآيرلندية»، مشيراً في بيان لوزارة السياحة والآثار، إلى أنّ الجامعة كانت قد حصلت عليها بين الأعوام 1920 و1930؛ ومن بينها تابوت خشبي ملوَّن بداخله بقايا مومياء ومجموعة من الأواني الكانوبية المصنوعة من الحجر الجيري بداخلها أحشاء المتوفّى.

القطع الأثرية المُستردّة تعود إلى حقب تاريخية مهمّة (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، كشف مدير الإدارة العامة لاسترداد الآثار، المُشرف على الإدارة المركزية للمنافذ الأثرية، شعبان عبد الجواد، عن أنّ «الأواني الكانوبية التي استُردَّت لكاهن يُدعى (با ور)، من الأسرة 22 من العصر المتأخر؛ كان يحمل ألقاباً من بينها (حارس حقول الإله). أما التابوت الخشبي فهو من العصر الصاوي لشخص يُدعى (حور)، وكان يحمل لقب (حامل اللوتس)؛ وتوجد بداخله بقايا مومياء وعدد من أسنانها»، وفق بيان الوزارة.

وأعلنت مصر، في وقت سابق، استرداد أكثر من 30 ألف قطعة أثرية من 2014 حتى أغسطس (آب) 2024، كما استُردَّت أخيراً 67 قطعة أثرية من ألمانيا. وكانت وزارة الخارجية قد أعلنت في يناير (كانون الثاني) 2023 استرداد 17 قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأميركية، أبرزها «التابوت الأخضر».

في هذا السياق، يرى عالم الآثار المصري الدكتور حسين عبد البصير، أنّ «استعادة القطع الأثرية والمومياوات فرصة لإثراء بحثنا الأثري والتاريخي، إذ تساعدنا في الكشف عن جوانب جديدة من التاريخ المصري»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المقتنيات توفّر رؤى قيّمة حول أساليب الدفن والعادات الثقافية القديمة التي كانت جزءاً من الحياة اليومية للمصريين القدماء».

ويعدُّ عبد البصير هذه الاستردادات إسهاماً في تعزيز الهوية الوطنية، إذ تُساعد في الحفاظ على التراث الثقافي من أجل الأجيال القادمة، مؤكداً أنّ «وزارة الخارجية المصرية تلعب دوراً حيوياً في استرداد الآثار من خلال التفاوض مع الدول الأجنبية والتنسيق الدبلوماسي للوصول إلى حلول تفاوضية تُرضي الأطراف المعنيّة»، لافتاً إلى أنّ استرداد القطع يأتي بالتزامن مع زيارة الرئيس المصري إلى آيرلندا؛ مما يؤكد اهتمام الدولة على أعلى مستوياتها باسترداد آثار مصر المُهرَّبة من الخارج.

قطع متنوّعة من الآثار استردّتها مصر من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

«وتسهم الاتفاقات الثنائية التي تعقدها مصر مع الدول في استعادة الآثار؛ منها 5 اتفاقات لمكافحة تهريبها والاتجار في الآثار المسروقة مع سويسرا وكوبا وإيطاليا وبيرو وكينيا»، وفق عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، ورئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، الخبير الآثاري الدكتور عبد الرحيم ريحان، الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «العلاقات القوية بين مصر وآيرلندا منذ تولّي الرئيس السيسي الحُكم أسهمت في استعادة هذه الآثار»، مشيراً إلى أنّ «مصر استعادت نحو 30 ألف قطعة أثرية منذ تولّيه الرئاسة، من الولايات المتحدة الأميركية، وإنجلترا، وفرنسا، وإسبانيا، وهولندا، وكندا، وألمانيا، وبلجيكا، وإيطاليا، وسويسرا، ونيوزيلندا، وقبرص، والإمارات، والكويت، والأردن».

ويتابع: «جاء ذلك بعد جهود حثيثة من إدارة الآثار المُستردة بالمجلس الأعلى للآثار، وبمتابعة مستمرّة لكل المزادات العلنية، وكل ما يُنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر وكالات الأنباء الدولية عن الآثار المصرية المنهوبة، وعن طريق مفاوضات مثمرة، بالتعاون بين وزارات السياحة والآثار والخارجية والداخلية في مصر».