مصر: التضخم تحت السيطرة رغم ارتفاعه في فبراير

جانب من اجتماع وزير المالية المصري محمد معيط أمس مع مستثمرين فرنسيين (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماع وزير المالية المصري محمد معيط أمس مع مستثمرين فرنسيين (الشرق الأوسط)
TT

مصر: التضخم تحت السيطرة رغم ارتفاعه في فبراير

جانب من اجتماع وزير المالية المصري محمد معيط أمس مع مستثمرين فرنسيين (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماع وزير المالية المصري محمد معيط أمس مع مستثمرين فرنسيين (الشرق الأوسط)

ارتفعت أسعار السلع الغذائية في مصر بنسبة 15.4 في المائة، خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، ما رفع معدل التضخم العام السنوي بنسبة 14.4 في المائة. الأمر الذي يؤثر على القوة الشرائية للمستهلكين، وبالتبعية على نتائج أعمال الشركات.
وقادت الفواكه والخضراوات الزيادة على أساس شهري خلال شهر فبراير، بنسبة 7.4 في المائة، بيد أنه من المتوقع استمرار الارتفاع نتيجة قرب شهر رمضان المبارك، الذي تزداد فيه شراء السلع الغذائية.
أحمد صديق المدير العام والعضو المنتدب لشركة «فارم فريتس» مصر، قال لـ«الشرق الأوسط»، إنه في حال تأثرت القوة الشرائية في البلاد، فإن التصدير هو الحل للشركات الكبرى. وقال: «ننتج حالياً أكثر من 100 ألف طن من البطاطس، ونقوم بتصدير 50 في المائة من إنتاجنا سنوياً إلى أكثر من 20 دولة في الشرق الأوسط وأفريقيا وبعض الدول الأوروبية، فضلاً عن الأسواق الناشئة في اليابان وشرق آسيا».
وأمس، أقرّت الحكومة برنامجاً جديداً لدعم الصادرات، يتمثل في تقديم دعم نقدي بنحو 40 في المائة، ونحو 30 في المائة خصم من الالتزامات الضريبية والجمركية، ونحو 30 في المائة دعماً فنياً ولوجستياً للمعارض وللبعثات التجارية. ويستهدف المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، زيادة الصادرات من 2.2 مليار دولار حالياً، إلى 3.5 مليار دولار، في فترة تتراوح من 5 إلى 7 سنوات.
ويقول عبد الحميد دمرداش، رئيس المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، إنه يمكن تحقيق المستهدف في حالة تذليل بعض العقبات، ومنها الانضمام إلى اتفاقية اليوبوف، وتفعيل دور هيئة سلامة الغذاء في الأسواق المحلية، خاصة أن بعض المصدرين يقومون بالشراء من السوق المحلية للتصدير، بجانب القيام بالإرشاد السليم ومكافحة الآفات والتوعية باستخدام المبيدات والرقابة عليها، وتكويد المزارع، وغيرها من مطالب مصدري القطاع الزراعي.
ومصر تطبق حالياً برنامجاً للإصلاح الاقتصادي، أثّر بالتبعية على القوة الشرائية للمستهلكين، وزير المالية المصري محمد معيط قال في هذا الصدد، إن «برنامج الإصلاح الاقتصادي مستمر في التنفيذ من أجل توفير موارد حقيقية لتحسين مستويات معيشة المواطنين»، وهو الذي يعود بالتبعية على القوة الشرائية للمستهلكين. إلى جانب إرساء مناخ جاذب لممارسة الأعمال.
وأشار الوزير، في بيان صحافي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى استقرار الوضع الاقتصادي لمصر، ما ساهم في زيادة معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي واستعادة عافية الاقتصاد، مع إرساء بيئة جاذبة للاستثمار في مصر، وهو ما أشادت به المؤسسات الدولية، وكان وراء ارتفاع مستوى التصنيف السيادي لمصر من قبل مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية.
وشهد التضخم العام السنوي ارتفاعاً بنسبة 14.4 في المائة، في فبراير، مقارنة بارتفاعه بنسبة 12.7 في المائة في يناير (كانون الثاني) 2019، ومتجاوزاً التوقعات عند 13.5 في المائة. وذلك نتيجة زيادة أسعار السلع الغذائية، بنسبة 15.4 في المائة، مقارنة بارتفاعها بنسبة 12.5 في المائة في يناير.
وترى شركة «بلتون» المالية في مذكرة بحثية، أن الزيادة ترجع إلى زيادة أسعار الفواكه والخضراوات بنسبة 7.4 في المائة على أساس شهري، ما أدى إلى زيادة سنوية بنسبة 32.7 في المائة من 23.7 في المائة مسجلة في يناير 2019.
في الوقت نفسه، ظلت جميع القطاعات الأخرى دون تغيير، باستثناء ارتفاع شهده قطاع الملابس والأحذية بنسبة 9.9 في المائة، مقابل 7.6 في المائة الشهر الماضي، نتيجة تغيير سنة الأساس. ارتفع المعدل الشهري للتضخم بنسبة 1.7 في المائة من 0.6 في المائة في يناير، بارتفاع عن توقعاتنا عند 1 في المائة. وارتفع التضخم الأساسي بنسبة 9.2 في المائة مقارنة بـ8.6 في المائة في يناير.
وقال صديق، خلال مؤتمر عن الاستهلاك الغذائي، يوم الأربعاء، إن الطلب على الغذاء مستمر مع استمرار الزيادة السكنية، وهو ما يضمن معدلات نمو مستدامة، لكن خضوعها للعرض والطلب يجعلها تتذبذب. مشيراً إلى استثمار أكثر من 100 مليون دولار في السوق المصرية خلال فترة وجودهم، «ونستهدف ضخ مزيد من الاستثمارات».
وأضاف: «طوال وجودنا بالسوق المصرية تمكنت (فارم فريتس) من زيادة قدرتها الإنتاجية والتصديرية بمعدلات نمو كبيرة؛ حيث بدأنا بزراعة 700 فدان حتى وصلنا الآن إلى أكثر من 17 ألف فدان». وذكرت المذكرة البحثية لـ«بلتون»، أن استمرار الظروف العالمية المواتية، في ظل الحد من السياسة النقدية التضييقية، يدعم استكمال البنك المركزي المصري لسياسته النقدية التوسعية.
«وفي ضوء غياب العوامل المساعدة، المتمثلة في تغيير سنة الأساس، كان من المتوقع ارتفاع مستويات التضخم عن معدلات ديسمبر (كانون الأول)، ما دفع البنك المركزي المصري إلى تأجيل هدف التضخم، أقل من 10 في المائة لعام 2021». وفقاً لـ«بلتون».
وتوقعت أن تظل قراءات التضخم العام رهينة المسار غير المحدد المتقلب لأسعار السلع الغذائية، الناتج عن اضطرابات السوق المختلفة، ما يمنح ارتفاعات التضخم طبيعة مؤقتة.
وتتمثل مهمة البنك المركزي في تحقيق التوازن بين النمو والتضخم، فضلاً عن دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي الحكومي، الذي يمثل خفض عبء خدمة الديون عنصراً رئيسياً فيه؛ حيث يمثل 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2017 - 2018.


مقالات ذات صلة

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

الاقتصاد منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

وقّعت مصر وشركة «إيميا باور» الإماراتية اتفاقين باستثمارات 600 مليون دولار، لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في خليج السويس.

الاقتصاد اجتماع وزير البترول  والثروة المعدنية المصري كريم بدوي بمسؤولي شركة «إكسون موبيل» (وزارة البترول والثروة المعدنية)

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

ستبدأ شركة «إكسون موبيل» المتخصصة في أعمال التنقيب عن البترول وصناعة البتروكيماويات يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بأنشطة الحفر البحري للتنقيب عن الغاز.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مصريون يلجأون للمعارض لشراء احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار (الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية)

الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»

دخلت الطبقة الوسطى في مصر مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، بعدما لم يعد تقليص الرفاهيات كافياً لاستيعاب الزيادات المستمرة في الأسعار، فتبدلت معيشتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.