ارتفاع البطالة بين اللبنانيين يعيد جدل تنظيم عمل السوريين

TT

ارتفاع البطالة بين اللبنانيين يعيد جدل تنظيم عمل السوريين

أعاد ارتفاع نسبة البطالة بين اللبنانيين إلى «أعلى مستوى خلال أكثر من 5 سنوات»، الجدل حول تنظيم عمل النازحين السوريين الذين يلجأ أصحاب مؤسسات لبنانية إلى توظيفهم في قطاعات حظرها القانون، سعياً إلى خفض كلفة الأعمال وزيادة الأرباح. وتوقعت دراسة للاتحاد العمالي العام تجاوز البطالة في صفوف اللبنانيين 20 في المائة، مقارنة بـ11 في المائة قبل موجة النزوح التي أعقبت اندلاع الأزمة السورية. ورأت الدراسة أن أسباب ارتفاع نسب البطالة تعود إلى «بطء النمو الاقتصادي، ومزاحمة اليد العاملة الأجنبية لليد العاملة اللبنانية، وعدم خلق فرص عمل جديدة». وأشارت إلى ارتفاع نسب التضخّم من معدل قريب إلى الصفر في عام 2016 إلى 4.5 في المائة في 2017 وإلى نحو 7 في المائة في العام الماضي.
وكانت وزارة العمل قد بدأت في عام 2006 تنظيم العمالة السورية بالتحديد، وأعلنت تأليف «دائرة تنظيم العمال السوريين في لبنان» بعد محادثات مع الجانب السوري، إلا أن هذه الدائرة الجديدة لم تتمكن، حتى اليوم، من الانطلاق في مهماتها. ويفترض أن يقتصر عمل السوريين على قطاعي البناء والزراعة، وفق القوانين اللبنانية، إلا أن العمالة السورية اكتسحت معظم القطاعات.
ويقول وزير العمل السابق سجعان قزي لـ«الشرق الأوسط»، إن «لبنان يحتاج إلى 250 ألف يد عاملة أجنبية في قطاعات الزراعة والبناء والنظافة، وتحديداً إلى عمال وليس مهندسين أو مراقبين أو ما شابه. ويمكن أيضاً أن تتوسع القطاعات حسب النقص في اليد العاملة اللبنانية، كقيادة شاحنات النقل عبر الحدود، فعدد السائقين اللبنانيين غير كافٍ في هذا القطاع، ما يستوجب الاستعانة بسائقين سوريين».
وأشار إلى أن «الحرب السورية غيرت واقع العمالة لجهة التمييز بين النازح والعامل. ففي السابق كان لبنان يستوعب عمالاً سوريين تعيش عائلاتهم في بلدها، أما اليوم فالعمال نازحون اصطحبوا عائلاتهم للإقامة في لبنان. وفي حين لا ينص القانون على منع اليد العاملة السورية في لبنان، فإن السوريين بحكم نزوحهم وحاجتهم إلى المال اكتسحوا كل قطاعات العمل بمعزل عن القوانين».
ويؤكد قزي «عجز الوزارة عن المراقبة مقابل جشع أصحاب العمل الذين يدفعون للسوريين رواتب أقل ومن دون تكاليف الضمان الاجتماعي، هذا بالإضافة إلى إحجام اللبنانيين عن العمل في بعض المهن». وأضاف أن «الاكتساح أخذ طابع الهيمنة المهنية. ففي البقاع وحده 380 مطعماً سورياً، وفي كل مستشفيات لبنان أطباء ومساعدو أطباء سوريون. وفي قطاع البناء، وحده صاحب المشروع لبناني، في حين أن المهندسين ومساعديهم ورؤساء الورش ومراقبي العمال والعمال كلهم سوريون».
وأوضح أنه أنجز لدى توليه وزارة العمل من 2014 إلى 2016 «قانوناً حدد بموجبه نوعية الأعمال والقطاعات التي يجب أن يعمل فيها اللبناني دون سواه، وتلك التي تسمح بالعمالة الأجنبية، لكنه لم يطبق»، مشيراً إلى أن «العمالة السورية بلغت ذروتها في زمن الوصاية السورية على لبنان، وتجاوزت 800 ألف عامل سوري، وهي اليوم تقارب 750 ألف عامل. لكن لا أحد يستطيع إعطاء رقم دقيق».
وأشار إلى «التحايل على القانون الذي يتقنه من يستقدم اليد العاملة الأجنبية، إذ يقدم طلب الترخيص لعمال تنظيفات، وعندما يحصل على الموافقة، نجد أن الأجانب المستقدمين يعملون في قطاعات أخرى ممنوعة عليهم». وتعاني وزارة العمل من نقص يبلغ 57 في المائة في كوادرها. وهي لا تستطيع تنظيم العمالة الأجنبية. إذ يقتصر جهازها الرقابي على 11 مفتشاً لا يستطيعون تغطية ساعة عمل واحدة في منطقة معينة. ويؤكد قزي أنه «لا تطبيق لقانون العمل اللبناني، لا سيما تنظيم العمالة الأجنبية. ناهيك بالرشوة المتفشية، بحيث يتم تبليغ من ستبادر الوزارة إلى مداهمة عمله قبل يوم من المداهمة فيرتب أموره». ويضيف أن «التحايل على القانون يبدأ من اعتبار كفالة الأمن العام المطلوبة لإقامة السوريين كفالة لإجازة العمل، وبتغطية من مسؤولين كبار». وأشار إلى أنه لم يوقع أكثر من 3800 إجازة عمل سنوياً خلال الأعوام الثلاثة التي تولى فيها الوزارة، «في حين أن العمالة السورية من دون إجازات تشمل مئات الآلاف من العمال في السوق السوداء».
أما الخبير في السياسات العامة واللاجئين زياد الصائغ فيقر بأن «النازحين العمال فاقموا أزمة البطالة»، إلا أنه يدعو إلى «وقف استغباء عقول الاختصاصيين تحديداً في مجال سوق العمل بالعودة إلى القواعد العلمية للنقاش بعيداً عن الشعبوية والديماغوجيا والارتجال». وتساءل: «هل ميزت الدولة اللبنانية من خلال أي سياسة عامة للعمل بين العامل السوري والنازح السوري؟ وهل تعلم أن بين العمال السوريين السابقين من سجلوا أنفسهم مع عائلاتهم نازحين، وبين النازحين الحاليين من وجدوا عملاً في القطاعات المسموحة لهم ما جعلهم خارج تصنيف النزوح؟».
وأضاف الصائغ لـ«الشرق الأوسط» أنه يأمل بـ«إطلاق آلية تصنيف تحدد العامل من النازح، وتؤمن للعامل السوري أو غيره مسار ضمانات على ما تعتبره منظمة العمل الدولية معايير العمل اللائق، وتفعيل التفتيش الذي يحمي حقوق العامل اللبناني أيضاً، على أن تعتمد مكننة هادفة ومقاربة جديدة بعيداً عن التقارير والتدابير والقرارات غير الفاعلة».
وتساءل: «هل يفرز الاقتصاد اللبناني أساساً 30 ألف فرصة عمل نحتاجها سنوياً؟ ثم من يشغِل السوريين النازحين وغير النازحين؟ أليس صاحب العمل اللبناني لتخفيف الكلفة والإنتاجية أو بسبب تراجع القدرة الشرائية ما يحتم تخفيض كلفة الإنتاج؟».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.