حفتر والسراج يتفقان على طي المرحلة الانتقالية في ليبيا بإجراء انتخابات

في لقاء رعته البعثة الأممية واحتضنته الإمارات

TT

حفتر والسراج يتفقان على طي المرحلة الانتقالية في ليبيا بإجراء انتخابات

اتفق المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي، وفائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، على إجراء انتخابات عامة في البلاد، تطوي الفترة الانتقالية.
جاء الاتفاق، الذي رعته دولة الإمارات والبعثة الأممية مساء أول من أمس، بعد يومين من زيارة رسمية أجراها السراج إلى أبوظبي، أسفرت عن اتفاق مشروط مع رئيس مؤسسة النفط مصطفى صنع الله لإعادة الإنتاج من حقل «الشرارة».
وقالت البعثة الأممية لدى ليبيا عبر حسابها على موقعي التواصل أمس، إنه «بدعوة من رئيسها غسان سلامة، عقد اجتماع في أبوظبي أول من أمس، ضم رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، والقائد العام للجيش خليفة حفتر»، مشيرة إلى أن «الطرفين اتفقا على ضرورة إنهاء المرحلة الانتقالية من خلال انتخابات عامة».
وفيما أعلنت البعثة أن اجتماع الطرفين القويين في البلاد تناول «سبل الحفاظ على استقرار ليبيا وتوحيد مؤسساتها»، رأى كثير من الساسة الليبيين أن «نتيجة اللقاء لم تخرج عن بيانات الاجتماعات الدولية السابقة في باريس وباليرمو»؛ حيث لم يحدد موعداً للاستحقاق الانتخابي، خاصة في ظل الاختلاف بين الأفرقاء على كيفية إجراء استفتاء حول مسودة الدستور. وفيما لم يخرج أي تعليق من جانب حفتر، سارع محمد السلاك، الناطق باسم رئيس المجلس الرئاسي، إلى القول بأن السراج أكد «على مدنية الدولة وتقليص المرحلة الانتقالية، وتوحيد المؤسسات وعقد الانتخابات»، كما أكد «على موقفه الثابت بأنه لا حل عسكرياً للأزمة السياسية».
وانتهى السلاك إلى أن رئيس المجلس الرئاسي شدد على «ضرورة الحفاظ على حياة المدنيين والمنشآت، وإبعادهم عن أي صراعات، وعلى ضرورة وقف التصعيد الإعلامي وخطاب الكراهية». ويأتي الإعلان عن الاتفاق الجديد، الذي استقبلته إيطاليا بـ«ترحيب حذر»، في وقت يتوسع فيه الجيش الوطني، تحت قيادة حفتر، في عملياته العسكرية بالجنوب. وفي هذا السياق، قال رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي: «نحن نتابع عن كثب ما يحدث في ليبيا، وهذا ملفنا الأول فيما يتعلق بالسياسة الدولية، ونأمل حقاً أن يكون هذا هو الوقت المناسب للتوافق. لكني أقول ذلك مع كل الحذر المحيط بالمسألة».
وأضاف كونتي معلقاً على اتفاق أبوظبي بين حفتر والسراج، أن الاتفاق «يبدو عملياً، ويلقى استحساناً من قبل كل من حفتر والسراج... لكن الوضع الليبي يستوجب على هذا النحو بعض الانتظار حتى يتم قبول الاتفاق من قبل جميع أصحاب المصلحة، ومن قبل جميع الأطراف الفاعلة».
ويأتي اجتماع أبوظبي بين حفتر والسراج في إطار مساعٍ عربية وغربية لحل الخلافات العالقة بينهما، علماً بأنه سبق أن اجتمعا عدة مرات خلال العامين الماضيين في القاهرة وباريس وروما وأبوظبي. لكن دون اتفاق ملموس على الأرض.
ويعتبر اجتماع أول من أمس هو الثاني من نوعه، بعد اجتماعهما هناك للمرة الأولى مطلع مايو (أيار) 2017؛ حيث اتفقا آنذاك على «وضع استراتيجية متكاملة لتطوير وبناء الجيش الليبي الموحد، وانضواء المؤسسة العسكرية تحت السلطة المدنية».
كما التقى السراج وحفتر في باريس بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتم الاتفاق على وقف إطلاق النار في كامل ليبيا وتنظيم انتخابات، قبل أن يلتقيا للمرة الأخيرة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، خلال مؤتمر دولي حول ليبيا عقد في مدينة باليرمو الإيطالية.
في غضون ذلك، أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات أن رئيسها عماد السايح اجتمع داخل مقرها في طرابلس أول من أمس مع وفد من مجلس النواب، ترأسه فوزي النويري النائب الأول لرئيسها، موضحة أن الاجتماع استعرض استعدادات المفوضية لتنفيذ الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، والاطلاع على مدى الصعوبات والعراقيل التي تواجه عمل المفوضية وسبل تذليلها.
وقالت المفوضية، في بيان لها، إن المجتمعين اتفقوا على التواصل مع الجهات ذات العلاقة من حيث التمويل، وتأمين العملية الانتخابية، إضافة إلى التواصل مع المجلس الأعلى للقضاء لوضع قانون الاستفتاء على الدستور، الذي تسلمته المفوضية في وقت سابق، موضع التنفيذ.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.