سوريا: توتر ومواجهات بين دروز السويداء والبدو على خلفية عمليات الخطف المستمرة في المنطقة

الاشتباكات أدّت إلى مقتل رجلي دين من طائفة الموحدين

سوريا: توتر ومواجهات بين دروز السويداء والبدو على خلفية عمليات الخطف المستمرة في المنطقة
TT

سوريا: توتر ومواجهات بين دروز السويداء والبدو على خلفية عمليات الخطف المستمرة في المنطقة

سوريا: توتر ومواجهات بين دروز السويداء والبدو على خلفية عمليات الخطف المستمرة في المنطقة

عادت المواجهات بين البدو وسكان قرية «داما» الواقعة شمال غربي السويداء إلى الواجهة، مما ينذر باحتمال تفاقم الوضع الأمني إذا لم تنجح الجهود في الحد منها.
وقد أقدمت أمس مجموعات من المسلحين على استهداف «القرية» الواقعة في منطقة اللجاة الوعرة على تخوم محافظة درعا بقذائف الهاون وقطع الطريق الذي يصل بين قريتي «داما» و«عريقة»، الأمر الذي أدى إلى حشد أعضاء «اللجان الشعبية» و«قوات جيش الدفاع الوطني» واستقدامهم إلى المنطقة، لفك الحصار عن القرية.
وبينما ذكر مصدر من قرية عريقة أن المواجهات خلال الساعات الأولى أسفرت عن سقوط عدد من القتلى من كلا الطرفين، عرف منهم عشرة من أبناء قرى السويداء وإصابة أكثر من عشرين جريحا، أفادت «الهيئة السورية للإعلام» بأن المواجهات جاءت على خلفية العثور على جثة مدني من البدو على الطريق الواصل بين قريتي عريقة ونجران، مشيرة إلى مقتل ثلاثة أشخاص وجرح 15 آخرين في اشتباكات. وأوضح ناشطون أن اثنين من القتلى هم رجلا دين من الموحدين الدروز قُتلا خلال التصدي لهجوم شنه مسلحو البدو على قرية داما، فيما قتل عنصر من «اللجان الشعبية».
واستمر التوتر في المنطقة الغربية من قرى اللجاة ليشمل قريتي «صميد» و«الخرسا» اللتين شهدتا إطلاق نار متفرقا بين بدو المنطقة وأفراد من اللجان الشعبية. وتجمع مئات من المشايخ والمدنيين أمام مبنى السرايا الحكومي وسط مدينة السويداء، ورددوا هتافات منددة بالنظام، قبل أن يتوجهوا إلى قريتي عريقة وداما، وفق ما أفادت «الهيئة السورية للإعلام».
وذكر رئيس تحرير جريدة «الحقيقة»، أسامة أبو ديكار، لـ«الشرق الأوسط»، أن حالة من التوتر الشديد تشهدها المنطقة الغربية في السويداء منذ مدة، سببها الأساسي كان عمليات الخطف التي زادت على 180، واستفحالها منذ بدايات شهر يونيو (حزيران) الماضي حين خطف ثمانية مدنيين من ضمنهم الدكتور «مشور نصر» المعروف بمعارضته للنظام، وقد تحرر بعضهم لاحقا بدفع أموال طائلة لمجموعات الخاطفين الذين يعتقد أنهم من البدو.
وأشار «أبو ديكار» إلى أن ردود الفعل على حوادث الخطف توالت بين كلا الطرفين، مما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا في حوادث يومية متفرقة، كان آخرها استهداف سيارة على طريق «لبين داما» ليل الخميس، كانت تقل خمسة مدنيين بينهم امرأة أصيبوا جميعهم إصابات بالغة دخلوا على أثرها المستشفى الوطني في السويداء.
ويرى «أبو ديكار» أن هناك من يعمل جاهدا لإشعال الفتنة، بين أهالي السويداء من جهة، وبين البدو أو أهل درعا من جهة ثانية، مشيرا إلى تصاعد الاحتقان بشكل ملحوظ مما يصعّب مهمة العقلاء من كلا الطرفين لتطويقها. ويرى أبو ديكار أن أهل السويداء باتوا يشعرون بالخطر عليهم، حيث يوجد المسلحون بكل المناطق المحيطة بحدود محافظة السويداء، ويزداد استياؤهم وخوفهم بعدم وجود أي سلاح متوسط أو فوق المتوسط بين أيديهم، مع خوفهم من عدم قدرة السلطة على حمايتهم، من أي هجوم محتمل، يقدم عليه تنظيم «داعش» أو «جبهة النصرة».
وأضاف أبو ديكار أنه «في ظل هذه الأوضاع المحتقنة لا بد من العمل الجاد من كلا الطرفين على إخماد هذه الأزمة في مهدها والعمل على عدم توسعها نظرا لما يحمله هذا التوسع من مخاطر تطال سلامة العيش المشترك في الجنوب السوري. كما أن هذه الأزمة في حال نجح تطويقها لا بد أن تكون نقطة ننتقل منها إلى إنجاز تفاهم شامل مع عشائر اللجاة وقوات المعارضة المسلحة، من أجل ضبط الأوضاع الأمنية في منطقة اللجاة وتحريم كل أشكال العنف التي تمارس ضد المدنيين من خطف وقتل وقصف، أسوة باتفاقات أخرى أنجزت بين أهالي السويداء وبين قادة المعارضة في مناطق أخرى متاخمة لحدود محافظة درعا».
وكان طيران النظام قد أقدم ظهر أمس على استهداف تجمعات البدو في قرى «جدل» و«الشياح» و«الشومرة» المجاورة لقرى الدروز ويقطنها سكان من البدو. ونقلت أنباء عن صفحات مؤيدة للنظام السوري خبر انفجار طائرة حربية في مطار خلخلة بمحافظة السويداء، مما أدى إلى مقتل الطيار وأربعة جنود كانوا إلى جوار الطيارة أثناء إعدادها للإقلاع وقصف مواقع البدو في المنطقة الغربية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.