تركي الفيصل: السعودية تسير في الطريق الصحيحة بفضل الانفتاح على العالم

مشاركون في منتدى «مسك» دعوا إلى وضع قوانين لمعاقبة مَن يدلي بمعلومات مضللة

الأمير تركي الفيصل في منتدى مسك تحاوره مذيعة العربية ريما مكتبي
الأمير تركي الفيصل في منتدى مسك تحاوره مذيعة العربية ريما مكتبي
TT

تركي الفيصل: السعودية تسير في الطريق الصحيحة بفضل الانفتاح على العالم

الأمير تركي الفيصل في منتدى مسك تحاوره مذيعة العربية ريما مكتبي
الأمير تركي الفيصل في منتدى مسك تحاوره مذيعة العربية ريما مكتبي

شدد الأمير تركي الفيصل، رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، على أن الانفتاح الذي تعيشه بلاده حالياً على العالم، يعني أن بلاده تسير في الطريق الصحيحة.
وأضاف الفيصل، خلال مشاركته في الجلسة الأولى من منتدى «مسك» للإعلام، وحاورته المذيعة في قناة العربية ريما مكتبي، والذي انطلقت فعالياته بالرياض أمس، بمشاركة 50 متحدثاً في 30 جلسة حوارية: إن السعودية منذ نشأتها، تعاني من حروب ضدها بسبب اختلاف المنهج، والمبدأ والدين، منوهاً بأول بيان للملك المؤسس قبل 100 عام، رداً على مناهضيه.
وأشار إلى أن قادة السعودية منذ عهد الملك المؤسس حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، يسيرون وفق نهج واضح قويم، دستوره كتاب الله، والسنة النبوية.
وركز الأمير تركي الفيصل، في الجلسة التي حملت عنوان «توظيف الإعلام في التصدي للفوضى وتعزيز الاستقرار»، على خطورة التعاطي مع الإعلام، مبيناً أن الإعلام في الغرب يقوم على الإثارة بشكل أكبر.
وشدد الفيصل على أن عدم التثبت والتحقق من صدق المعلومة يشكل خطورة كبيرة، إضافة إلى الخطر الذي تسببه الحروب السيبرانية، التي تؤدي إلى ما هو أسوأ من ناحية التدمير. وذكر أن تصحيح صورة السعودية يحتاج إلى بذل المزيد من الجهد، مؤكداً في الوقت ذاته أن بلاده تتمتع بأدوات ومفاتيح نحو التواصل مع الآخر، منوهاً بجهود وزارة الإعلام في عكس الصورة الحقيقية للسعودية، مشيراً إلى أن الطريق طويلة، وتحتاج إلى بذل مزيد من الجهود لتصحيح هذه الصورة.
وقال الفيصل: «قمنا ولا نزال نوجه الدعوات للعالم قاطبة حتى يأتوا ويروا المملكة، والمجتمع على صورته الحقيقية، صورة التسامح، وبهذا الصدد أقمنا برامج مختلفة، واستضفنا الشباب من مختلف أنحاء العالم، ووجهنا الدعوات لهم، لحضور المهرجانات المختلفة التي تقام على أرض المملكة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر مهرجان شتاء طنطورة الناجح بكل المقاييس». وتابع: إن الشباب السعودي هم المستقبل، وحثهم على الدفاع عن وطنهم في منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، مؤكداً في الوقت ذاته ضرورة الحفاظ على القيم التي تميز المجتمع، والمحافظة عليه، وحماية المجتمع من الأفكار الدخيلة عليه التي لا تتناسب مع قيم المجتمع السعودي.
وتطرق الفيصل إلى صعوبة منع المعلومة في هذا العصر أياً كان مصدرها، مبيناً أن هناك تسريبات ليس في المنطقة فقط وإنما على مستوى العالم، مشيراً إلى أن مسألة السيطرة على المعلومات أمر في غاية الصعوبة، داعياً إلى وضع قوانين لمعاقبة من يدلي بمعلومات وتسريبات مضللة.
وعن رأيه في وسائط التواصل الاجتماعي، أوضح الفيصل، أن الميديا الحديثة منها ما هو مفيد وما غير مفيد، مشيراً إلى أن مستجدات الواقع الإعلامي جعلت وزارات الإعلام بلا فائدة وربما تكون عائقاً، على حد تعبيره، داعماً إغلاقها بما في ذلك وزارة الإعلام السعودية.
ولفت الفيصل إلى أن وسائل الإعلام التقليدية والحديثة في الغرب مؤثرة بشكل أوجد من ينادي بوضع قوانين لضبط «السوشيال ميديا»، بسبب خروجها على الأنظمة الحاكمة، مشيراً إلى أن الإعلام في هذا العصر، يتسم بعدم الالتزام بالقوانين، وإن كان في بعض الدول أدوات للضبط.
وطالب بوضع ضوابط ومعايير أخلاقية تعبّر عن القيم لحماية المجتمع من الأخبار الزائفة، لكنه ركز في الوقت ذاته على أنه ليس مع وضع قيود لهذه الميديا، مؤكداً ضرورة التواصل مع وسائط الإعلام، مشيراً إلى تجربته معها في بريطانيا عندما كان سفيراً لبلاده في لندن.
وتحدث الفيصل عن علاقته «الوجدانية» مع الصحافة التقليدية، مبيناً أن أول ما يفعله في بداية عمله اليومي هو الاطلاع على الصحافة الورقية، مقراً بافتتانه بحبرها، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه يُطالع أخبار «تويتر» بشكل كبير ليتعرف على الأخبار العاجلة وما تحمله، والاستفادة مما يصدر في هذه المنصة المفيدة - على حسب وصفه - في مختلف المجالات، وما ترصده من أحداث في العالم.
ولفت الفيصل إلى أن المنظمات الإرهابية بما في ذلك «داعش» و«القاعدة» وظفت وسائل الميديا الحديثة بشكل مؤذٍ في سبيل التدمير بوحشية.
إلى ذلك، أكد علي الرميحي، وزير شؤون الإعلام البحريني رئيس مجلس أمناء معهد البحرين للتنمية السياسية، خلال مشاركته في الجلسة الحوارية «مَن يصنع الرأي العام، الحقيقة أم وهج الدعاية؟» ضمن فعاليات منتدى «مسك» للإعلام، أن التعاطي مع وسائل الإعلام الرقمي بشفافية ووضوح يمهد الطريق للحكومات والمسؤولين لتوجيه الرأي العام.
وقال الرميحي: «كان شعار (حرية التعبير) ينقل عبر الفضائيات العربية، وعندما وصلت المنافسة إلى مرحلة الانتشار، كان الهدف منها (سوّق لنفسك عبر الإساءة للآخر فقط)، خصوصاً ممن لا يملك تاريخاً». وأضاف: إن وسائل التواصل الاجتماعي قادرة على قيادة الرأي العام، مبيناً أهمية تعاطي المسؤولين مع الإعلام.
وشدد الرميحي على أن السعودية، أكثر بلاد العالم التي تعرضت لهجوم إعلامي بهدف تشويه صورتها، لافتاً إلى أن الوطن العربي يخلو من مؤسسات تقيس الرأي العام، وتتجه البلاد العربية في غالبية الأحيان إلى مراكز دراسات أجنبية لذلك الغرض، مشيراً إلى أن تعزيز ثقافة التقاضي تنظم الفوضى الإعلامية.
وتطرق الرميحي إلى وجود مؤسسات تهدف إلى تقويض الأمن وتستخدم وسائل التواصل الاجتماعي. وقال: «في حالة الرغبة في توجيه الرأي العام، تبرز الحاجة إلى الاستثمار في مراكز الدراسات»، مشيراً إلى أن عدد الفضائيات العربية يبلغ نحو 1200 فضائية عربية، 86 في المائة منها قنوات خاصة.
في السياق ذاته، أقر الإعلامي المصري عماد الدين أديب، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «جود نيوز ميديا»، بوجود أزمة حقيقية في مسألة صناعة الرأي العام، بسبب وجود مسافة كبيرة بين الحقيقة والانطباع، مشيراً إلى أن الواقع الحالي يؤكد أن المجتمعات تعيش في عالم الانطباع لا الحقيقة.
وأكد أديب، أن أزمة العالم العربي تكمن في ضعف التسويق السياسي على منصات التواصل الاجتماعي؛ إذ لم يعد بالإمكان مراقبة العقول وصنع الرأي العام، مشيراً إلى أن 64 في المائة من المجتمع العربي هم من الشباب الموجودين على هذه المنصات، وبعض المسؤولين بطيؤون في التعاطي مع الإعلام. وشدد على ضرورة التعامل مع الفكر بدلاً من فرض العقوبات، معتبراً أن عدم التصدي للهجمات في لحظتها الأولى ستفسح المجال لأن يأتي مَن يستغل الوقت ضد الآخر، مشيراً إلى أن هناك مشكلة طمس الهوية، في وقت انبرى آخرون لاستلاب الدين.
إلى ذلك، ذكر جميل الذيابي، رئيس تحرير صحيفة «عكاظ»، خلال إدارته جلسة «مَن يصنع الرأي العام؟»، أن الإعلام الرقمي هيأ للجيل الجديد أدوات فاعلة ومؤثرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وأضاف: إن «صحافة المواطن» أصبحت السائدة حالياً بفعل الـ«موبايل» الذي أتاح لمستخدمه الكتابة والتعبير والانتقاد والنشر في الوقت ذاته، معتبراً أن كل شخص اليوم أصبح وزير إعلام، مشيراً إلى أن الفارق في الإعلام الجديد هو السرعة، والقوة والتأثير لمَن يسبق أولاً.
وحسب إحصاءات كشف عنها منتدى «مسك» للإعلام، فإن في السعودية أعلى عدد من مستخدمي «تويتر» النشيطين في العالم العربي؛ إذ يبلغ عددهم 11 مليون مستخدم نشط، منهم 64 في المائة من الذكور و36 في المائة من الإناث، كما أن 41 في المائة من مستخدمي الإنترنت في السعودية يستخدمون «تويتر»، وهي النسبة الأعلى في العالم.
وقد رُصد 7.6 مليون مستخدم «إنستغرام» في السعودية شهرياً، كما أن أعلى عدد من مستخدمي «إنستغرام» النشطين في الشرق الأوسط موجود في السعودية نحو 2.1 مليون، في حين أن أكثر من 85 في المائة من مستخدمي «إنستغرام» الذين يقيمون في السعودية تتراوح أعمارهم بين 18 و44 سنة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».