فنزويلا: بيان «ليما» يفشل في طمأنة مخاوف الأوروبيين من تدخل عسكري

مادورو يتهم واشنطن بـ«فبركة» الأزمة... وغوايدو يواجه القضاء

رجل ينظف الشارع بينما يمنع جنود اختراق الحدود البرازيلية - الفنزويلية أمس (رويترز)
رجل ينظف الشارع بينما يمنع جنود اختراق الحدود البرازيلية - الفنزويلية أمس (رويترز)
TT

فنزويلا: بيان «ليما» يفشل في طمأنة مخاوف الأوروبيين من تدخل عسكري

رجل ينظف الشارع بينما يمنع جنود اختراق الحدود البرازيلية - الفنزويلية أمس (رويترز)
رجل ينظف الشارع بينما يمنع جنود اختراق الحدود البرازيلية - الفنزويلية أمس (رويترز)

لم يقتنع الاتحاد الأوروبي بمضمون البيان الختامي الذي صدر عن اجتماع «مجموعة ليما» في العاصمة الكولومبية أمس، والذي أكدت من خلاله الدول الـ12؛ بما فيها الولايات المتحدة، أن الانتقال إلى الديمقراطية في فنزويلا يجب أن يتمّ «بواسطة الفنزويليين أنفسهم وبالطرق السلمية وفي إطار الدستور والقانون الدولي، ومن غير اللجوء إلى القوة». ويخشى الأوروبيون من أن واشنطن تتجّه إلى ترجيح الحل العسكري، وتنتظر الذريعة اللازمة والوقت المناسب.
وأعلنت «مجموعة ليما» بالإضافة إلى ذلك، أنها «قرّرت اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية لكي تأخذ في الاعتبار الوضع الإنساني الخطر في فنزويلا، والعنف الإجرامي الذي يمارسه مادورو ضد السكان المدنيين ورفضه إدخال المساعدات الدوليّة». وأضاف البيان الختامي الذي تلاه وزير الخارجية الكولومبي كارلوس هولميس تروخيلو، أنّ هذه الممارسات «أفعال تشكّل جريمة ضدّ الإنسانية».
وقبل الاجتماع اتفق نائب الرئيس الأميركي مايك بنس وزعيم المعارضة الفنزويلية على استراتيجية لإحكام الطوق حول الرئيس مادورو. وأعلن بنس عن مزيد من العقوبات ضد فنزويلا ومساعدات بقيمة 56 مليون دولار للدول المجاورة لها لمواجهة تدفق الفارين من هذا البلد الذي يعاني من أزمة اقتصادية حادة.
وتقول أوساط قريبة من المندوبة الأوروبية للعلاقات الخارجية فيديريكا موغيريني، إن الاعتقاد السائد في بروكسل هو أن الولايات المتحدة باتت مقتنعة بأن الضغط الدبلوماسي والعقوبات الاقتصادية وحدهما لن يكفيا لإسقاط نظام نيكولاس مادورو، وأن التدخّل العسكري الذي تلوّح به واشنطن منذ فترة والذي أكّد عليه نائب الرئيس مايك بنس مجدداً في بوغوتا، إلى جانب الرئيس الفنزويلي بالوكالة خوان غوايدو، «أصبح أكثر من مجرّد خيار في الأيام الأخيرة».
وبعد المواجهات العنيفة التي حدثت يوم السبت الماضي على الحدود الفنزويلية مع كولومبيا والبرازيل، وأوقعت 4 قتلى ومئات الجرحى، يضاعف الاتحاد الأوروبي ضغوطه على النظام الفنزويلي لعدم استخدام العنف ضد المدنيين، ويؤكّد رفضه فكرة التدخل العسكري الذي تهدّد به الإدارة الأميركية.
وجاء في بيان صدر عن مكتب موغيريني أن «موقف الاتحاد الأوروبي واضح من حيث الحيلولة دون التدخل العسكري الخارجي، وأن فنزويلا تحتاج لحل سلمي وسياسي وديمقراطي يقتضي عدم استخدام القوة»، وأن دول الاتّحاد تطالب النظام بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية الموجودة في البلدان المجاورة. ويرى مراقبون أن التصريحات الصادرة عن موغيريني باسم الاتحاد الأوروبي، وتلك التي أدلى بها يوم الأحد الماضي وزير الخارجية الإسباني جوزيب بورّيل، الذي تلعب بلاده الدور الأساسي أوروبيّاً في معالجة الأزمة الفنزويلية، عندما قال إن إسبانيا «ستدين بشدّة أي تدخّل أجنبي» في فنزويلا، توحي بأن الاتحاد الأوروبي بدأ يتصرّف انطلاقاً من حتميّة هذا التدخل.
يذكر أن الجهود الأوروبية الناشطة منذ أشهر لمعالجة الأزمة الفنزويلية قبل أن تدخل واشنطن على خطها وتدفع بغوايدو إلى إعلان توّليه الرئاسة بالوكالة، كانت تسعى من خلال مجموعة اتصال مشتركة مع المعارضة والنظام، بالتعاون مع الأمم المتحدة وبعض الدول المحايدة في أميركا اللاتينية، إلى تهيئة الظروف المساعدة لإعادة الانتخابات الرئاسية مدخلاً لحل الأزمة. لكن المساعي الأوروبية فوجئت أواخر الشهر الماضي بخطوة خوان غوايدو والدعم الفوري من واشنطن لمبادرته؛ «التي لم تكن بروكسل على علم بها إلا قبل ساعات من إعلانها»، الأمر الذي فسرّته بروكسل بأنه «عمليّة خططت لها الولايات المتحدة مسبقاً مح حلفائها في المنطقة» كما يقول مسؤول سياسي رفيع في العاصمة الأوروبية.
الخطوة المفاجئة التي أقدم عليها رئيس البرلمان الفنزويلي جعلت من الاتحاد الأوروبي، الذي كان يقود الجهود الرامية إلى معالجة الأزمة بالطرق السلمية، أسير الهجوم الدبلوماسي الذي قادته الولايات المتحدة ضد نظام مادورو. ووجدت الحكومات الأوروبية نفسها منجرّة وراء تحرّكات الرئيس الأميركي للاعتراف بشرعيّة غوايدو التي، حتى الآن، لم تثمر نتائج ملموسة ميدانيّاً داخل فنزويلا. ويعترف مسؤولون أوروبيون بأن إصرار واشنطن الآن على تحقيق هذه النتائج بالقوة يثير المخاوف في العواصم الأوروبية التي ترفض تأييد التدخل العسكري وتخشى من عواقبه في منطقة لها تاريخ أليم مع التدخلات العسكرية الخارجية.
وكانت موغيريني قد نجحت بعد قمّة شرم الشيخ في توحيد الموقف الأوروبي من الأزمة الفنزويلية، حول بيان أكد أن «جذور الأزمة الراهنة في فنزويلا سياسية ودستورية، وبالتالي فإن حلّها لا يمكن إلا أن يكون سياسياً». وكرّر البيان استعداد الاتحاد الأوروبي للمساهمة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي في فنزويلا، بمساعدات مالية ضخمة، بلغت 800 مليون دولار العام الماضي، والاستمرار في تقديمها إلى أن يتعافى الاقتصاد ويعود الاستقرار السياسي، بالتعاون مع الأمم المتحدة، لضمان توزيعها «بما يتماشى مع مبادئ الحياد والإنصاف والشفافية».
ولا يتوقّع الأوروبيّون أن تسفر الجلسة الطارئة التي دعت إليها الولايات المتحدة في مجلس الأمن عن أي تقدّم عملي في معالجة الأزمة الفنزويلية، نظراً لأجواء الحرب الباردة التي تخيّم على المجلس وللدعم القوي الذي يلقاه نظام مادورو من روسيا والصين اللتين تتمتعان بحق النقض، وتعارضان بشدّة الدور الذي تلعبه الإدارة الأميركية في الأزمة.
يذكر أن مفوّضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه، الرئيسة السابقة لجمهورية تشيلي، أدانت العنف الذي استخدمته الشرطة الفنزويلية، ودعت الحكومة إلى إصدار أوامرها للأجهزة الأمنية كي تكّف عن استخدام القوة ضد المدنيين، بينما حذّر نائب الرئيس الأميركي مايك بنس النظام الفنزويلي من الاعتداء على كولومبيا أو على غوايدو وأفراد عائلته، متوعدّاً برد أميركي حاسم.
على صعيد متصل، أكد غوايدو الذي توجه إلى كولومبيا رغم أمر قضائي يمنعه من مغادرة البلاد، أنه سيعود إلى فنزويلا «هذا الأسبوع»، بينما يتحدث حلفاؤه عن «تهديدات جدية وتتمتع بالصدقية» ضده. وردّ مادورو في مقابلة مع شبكة «إيه بي سي» الأميركية تم بثها في اليوم نفسه، بالقول: «يمكنه أن يذهب ويعود وسيواجه القضاء، لأن القضاء يمنعه من مغادرة البلاد».
في المقابلة نفسها التي جرت باللغة الإسبانية، اتهم الرئيس الاشتراكي الولايات المتحدة بالسعي إلى إشعال حرب في أميركا الجنوبية. كما اتهم «مجموعة ليما» بالعمل من أجل إقامة حكومة موازية. وقال: «إنهم يحاولون فبركة أزمة لتبرير التصعيد السياسي وتدخل عسكري في فنزويلا لإشعال حرب في أميركا الجنوبية». ووصف إدارة دونالد ترمب بأنها «حكومة متطرفة لمنظمة (كو كلوكس كلان)» العنصرية، عادّاً أن واشنطن «تريد نفط فنزويلا (...) ومستعدة لخوض الحرب من أجل هذا النفط»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
في المقابل، وصف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، مادورو، الأحد الماضي، بأنه «أسوأ من أسوأ طاغية»، وأكد أنه واثق من أن أيام مادورو في السلطة «معدودة». وفرضت الولايات المتحدة عقوبات، أول من أمس، على حكام 4 ولايات فنزويلية مؤيدة للرئيس لعرقلتهم إدخال شحنات الإغاثة.
وقال وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، إن «محاولات نظام مادورو غير المشروعة لمنع المساعدات الدولية المخصصة للشعب الفنزويلي معيبة». وأضاف في بيان أن «وزارة الخزانة تستهدف 4 حكام ولايات مؤيدين للرئيس السابق مادورو لوقوفهم في طريق المساعدات الإنسانية، في ظل الحاجة الكبيرة لها، وإطالة أمد معاناة الشعب الفنزويلي». وأكد منوتشين أن واشنطن «تدعم بشكل كامل» غوايدو وجهوده «للتعاطي مع الفساد المستشري وانتهاكات حقوق الإنسان والقمع العنيف الذي تحوّل إلى سمة مميزة لنظام مادورو غير الشرعي».
وتواجه فنزويلا أزمة إنسانية أعقبت سنوات من الركود والتضخم، أدت إلى نقص في الاحتياجات الأساسية كالغذاء والدواء. ويشير غوايدو إلى أن 300 ألف شخص يواجهون الموت في حال لم يتم إدخال هذه المساعدات بشكل عاجل، لكن مادورو يرفض السماح بإدخالها، مشيراً إلى أنها ستشكل غطاء لاجتياح أميركي.
وبموجب العقوبات، ستصادر واشنطن أي أملاك في الولايات المتحدة تابعة لحكام الولايات الأربع، وتمنع أي جهة تستخدم النظام المالي الأميركي من إجراء تعاملات تجارية معهم. وبيْن حكام الولايات المستهدفين عمر خوسيه برييتو فيرنانديز، الذي يحكم ولاية زوليا التي يتركز فيها الجزء الأكبر من قطاع صناعة النفط في البلاد، وخورخي لويس غارسيا كارنيرو، حاكم ولاية فارغاس المحاذية لكراكاس وحيث يقع المطار الرئيسي.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.