قصف مكثف من النظام على ريف إدلب... ومقتل 20 من عناصره قرب حلب

TT

قصف مكثف من النظام على ريف إدلب... ومقتل 20 من عناصره قرب حلب

كثفت قوات النظام السوري قصفها لريف ادلب، في وقت قُتل 20 عنصراً مواليا للنظام خلال 3 أيام في هجمات نفذتها «هيئة تحرير الشام» ومجموعة «حراس الدين» المتحالفة معها، بالقرب من المنطقة العازلة في شمال غربي سوريا، وفق ما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس.
ويُعدّ هذا الهجوم الذي ترافق مع قصف كثيف للنظام وأسفر عن مقتل عدد من المتطرفين ونزوح المئات من السكان في محافظة إدلب والمناطق المحاذية، بين أسوأ هجمات في المنطقة منذ توقيع روسيا وتركيا في سبتمبر (أيلول) الماضي اتفاقاً ينصّ على إقامة منطقة منزوعة السلاح على أطراف إدلب.
وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن: «منذ الأحد، قُتل 20 مقاتلاً موالياً للنظام في هجمات نفّذتها (هيئة تحرير الشام) ومجموعة (حراس الدين) في جنوب حلب وشمال حماة وشرق إدلب»، مشيراً إلى أن الهجوم الأخير الذي وقع ليل الاثنين - الثلاثاء أدى إلى مقتل 5 عناصر من القوات الموالية للنظام في ريف حلب الجنوبي.
وخلال 3 أيام، قُتل أيضاً 9 متطرفين في معارك وعمليات قصف شنّها النظام، وفق «المرصد».
وأدى قصف النظام المستمرّ منذ أسابيع إلى نزوح آلاف المدنيين من مدينة خان شيخون في جنوب إدلب، متوجهين إلى شمال المحافظة، بحسب «المرصد».
وتسيطر «هيئة تحرير الشام» ومجموعات متطرفة أقل نفوذاً منها على ثلثي المنطقة منزوعة السلاح التي تشمل جزءاً من محافظة إدلب مع ريف حلب الغربي وريف حماة الشمالي وريف اللاذقية الشمالي الشرقي.
وتوصّلت روسيا وتركيا في سبتمبر الماضي إلى اتفاق على إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب ومحيطها بعمق يتراوح بين 15 و20 كيلومتراً، بعدما لوّحت دمشق على مدى أسابيع بشنّ عملية عسكرية واسعة في المنطقة، التي تُعدّ آخر معقل للفصائل المعارضة والجهادية في سوريا.
وتقع المنطقة منزوعة السلاح على خطوط التماس بين قوات النظام والفصائل المعارضة والمتطرفة، وتشمل جزءاً من محافظة إدلب مع مناطق في ريف حلب الغربي وريف حماة الشمالي وريف اللاذقية الشمالي الشرقي.
وقال «المرصد» أمس: «يتواصل القتل دون مهادنة من النظام؛ قتل على قتل، سببه التصعيد الكبير من قوات النظام، على مدينة شهدت قبل أقل من عامين مجزرة قتلت وأصابت مئات المدنيين في مدينة خان شيخون الواقعة في القطاع الجنوبي من الريف الإدلبي، حيث تم رصد عمليات تصعيد متواصلة من قبل قوات النظام والطائرات الحربية على مدينة خان شيخون؛ إذ شهدت الساعات الأخيرة عمليات قصف مكثف؛ في استمرار لما بدأته قوات النظام من تصعيد في 9 الشهر (فبراير) الجاري، حيث استهدفت الطائرات الحربية مناطق في مدينة خان شيخون، ما تسبب باستشهاد طفلة وإصابة آخرين بجراح متفاوتة الخطورة، ليرتفع إلى 43 مواطناً مدنياً؛ بينهم 13 طفلاً و15 مواطنة، من استشهدوا في القصف البري منذ 9 الشهر الجاري».

وقال «المرصد» الذي يتخذ من بريطانيا مقرا، إن القوات الحكومية كثفت القصف المدفعي والضربات الجوية التي كانت في تزايد خلال الأيام العشرة الماضية.
وأضاف أن القصف يتركز بشكل أساسي على بلدات على طول طريق دمشق - حلب الدولي، وأن خان شيخون تحولت إلى مدينة أشباح.
ووفقا لمحلل بيانات كبير في مشروع «أنظمة هالا» الذي يدير نظاما للإنذار المبكر من القصف الجوي، فقد تم رصد 13 ضربة في إدلب، وشمال حماة الثلاثاء. وقال المحلل الذي طلب عدم الكشف عن اسمه في تصريح لـ«رويترز»: «هذا هو اليوم الثالث على التوالي الذي يتم فيه رصد زيادة كبيرة في الضربات الجوية. وتيرة الهجمات تبدو مرتفعة، وغير عادية بالتأكيد بالمقارنة مع الشهور القليلة الماضية».
وقالت وسائل إعلام رسمية سورية، إن مسلحين أطلقوا صواريخ على عدة بلدات في الجزء الشمالي من حماة، مما أدى إلى مقتل مدني واحد وإصابة سبعة آخرين، فيما وصفته بأنه انتهاك لاتفاق خفض التصعيد.
وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة الإقليمي للأزمة السورية، ديفيد سوانسون، من عمان لوكالة الصحافة الفرنسية، الثلاثاء، إن «الأمم المتحدة لا تزال تشعر بقلق عميق حيال سلامة وحماية آلاف الأشخاص الذين نزحوا من خان شيخون، عقب تصعيد الأعمال العدائية في المنطقة».
وأضاف أن 7033 شخصاً، بينهم نساء وأطفال ورجال، نزحوا من خان شيخون في الفترة الممتدة من الأول من الشهر الحالي حتى 21 منه.
وأشار إلى أن الغالبية الكبرى انتقلت إلى مناطق داخل إدلب، فيما نزح نحو 152 شخصاً إلى بلدة عفرين في حلب.
ولفت إلى أن الحركة الحاصلة تسجّل «أحد أعلى مستويات النزوح في إدلب منذ توقيع اتفاق سوتشي في سبتمبر (أيلول)».
وشاهد مراسل الصحافة الفرنسية عشرات الشاحنات والجرارات والسيارات تقلّ عائلات على الطريق السريع في إدلب، متجهة شمالاً نحو الحدود مع تركيا، وتحمل أمتعة وبطانيات وأدوات منزلية وأغناماً. وكان أطفال ونساء يجلسون بين الأغراض والأثاث.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.