في وقت اتسعت فيه دائرة الاحتجاجات في الجزائر، أمس، على ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، واعتقل فيه عشرات الناشطين في العاصمة، تجاهل بوتفليقة الاعتراضات وشدد على «فضائل الاستمرارية».
وفي رسالة وجهها لمناسبة الاحتفال بذكرى تأسيس النقابة المركزية للعمال وتأميم المحروقات، قال بوتفليقة: «تبرز رسالتي بكل قوة فضائل الاستمرارية. الاستمرارية التي تجعل كل جيل يضيف حجرة على ما بني قبله، استمرارية تضمن الحفاظ على سداد الخطى وتسمح بتدارك الإخفاقات الهامشية، استمرارية تسمح للجزائر بمضاعفة سرعتها في منافسة بقية الأمم في مجال الرقي والتقدم».
ورأى أن هذه هي «العبرة التي يجب علينا جميعاً أن نستخلصها من الاحتفاء بهاتين الذكريين الخالدتين والطريقة التي يتعين علينا الوفاء بها لشهدائنا الأمجاد والسهر بها على أجيالنا الصاعدة وصون وطننا المفدى الجزائر الحبيبة». وأعرب عن تخوفه من «عدم الاستقرار وآفات الإرهاب والجريمة العابرة للحدود في جوارنا المباشر»، معتبراً أن «الجيش في حاجة إلى شعب واعٍ ومجند ويقظ لكي يكون سنداً ثميناً ودرعاً قوياً للحفاظ على استقرار البلاد».
يُشار إلى أن بوتفليقة سافر إلى جنيف، أمس، حيث سيجري «فحوصات طبية دورية»، بحسب ما أعلنت الرئاسة الجمعة الماضي. وألقى هذه الكلمة بالنيابة عنه، أمس، وزير الداخلية نور الدين بدوي خلال إطلاقه مع وزراء آخرين احتفالات بمناسبة ذكرى تأسيس النقابة المركزية (1956) وتأميم المحروقات (1971) في أدرار بأقصى جنوب البلاد. وواجه الوفد الحكومي احتجاجاً كبيراً ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، فيما تعرض عشرات الناشطين للاعتقال في العاصمة خلال مظاهرة رافضة للتمديد للرئيس.
وفوجئ الوفد الذي ضم بدوي ووزيري «الطاقة» بوبكر زمالي و«العمل» مصطفى قيتوني والأمين العام للنقابة المركزية عبد المجيد سيدي السعيد، بموجة غضب في أكبر مدن الصحراء. وشارك في الاحتفالات مدير حملة الرئيس عبد المالك سلال.
ونشر ناشطون في أدرار صور محتجين داخل عربات للشرطة تم اقتيادهم لمراكز الأمن، على أساس أنهم «أخلوا بالأمن العام بالمدينة»، وهي تهمة يعاقب عليها القانون بالسجن.
وأشاد مسؤول النقابة بـ«إنجازات الرئيس بوتفليقة خلال 20 سنة من ممارسة الحكم». وقال في هجوم ضمني على المتظاهرين ضد التمديد لبوتفليقة: «هل تريدون التفريط في السلم والاستقرار الذي حققته الجزائر؟ هل تريدون العودة إلى مشاهد الدمار؟ من هنا من أدرار نقول: لا للفتنة»، في إشارة إلى فترة الصراع مع الإرهاب خلال تسعينات القرن الماضي.
وجدد دعمه للرئيس، داعياً إلى «التصويت له بقوة في انتخابات الرئاسة» المقررة في 18 أبريل (نيسان) المقبل، مشيراً إلى «أننا نقف إلى جانبه بدافع قيم الوفاء والعرفان للجهود التي بذلها، من أجل النهوض بالجزائر في مختلف الميادين. ومن لا يدعم بوتفليقة فهو ناكر للجميل».
واعتقلت قوات الأمن أمس في ساحة موريس أودان وسط العاصمة، عشرات المتظاهرين ممن استجابوا لدعوة «حركة مواطنة» المعارضة إلى تنظيم احتجاج سلمي ضد الولاية الخامسة للرئيس. ومن أبرز المعتقلين القيادية في الحركة زبيدة عسوَل ورئيسة حزب يدعم ترشح اللواء المتقاعد علي غديري للرئاسة، والمحاميان الشهيران عبد الغني بادي ومصطفى بوشاشي. وتم اعتقال نشطاء من الحزب المعارض «جيل جديد».
ورفع المتظاهرون شعارات معارضة للرئيس، جاء فيها «هذا الشعب لا يريد بوتفليقة ولا السعيد»، شقيق الرئيس وكبير مستشاريه، و«لا تكون عهدة خامسة». وأطلقت قوات مكافحة الشغب قنابل مسيلة للدموع لتفريق المحتجين، ما تسبب في حالات إغماء. وتم نقل بعض المتظاهرين إلى المستشفى القريب من مكان المظاهرة. ولوحظ وجود شخصيات عامة مثل المخرج الشهير موسى حداد وأساتذة جامعات وأطباء. كما احتج إعلاميون في مؤسسات حكومية على تجاهل تغطية الاحتجاجات.
الجزائر: اعتقالات مع تمدد الاحتجاجات وبوتفليقة يذكّر بـ«فضائل الاستمرارية»
الجزائر: اعتقالات مع تمدد الاحتجاجات وبوتفليقة يذكّر بـ«فضائل الاستمرارية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة