الأوروبيون يسعون لموقف تجاري موحد في مواجهة ترمب... وانقسام بين باريس وبرلين

عقد وزراء التجارة الأوروبيون اجتماعاً في بوخارست أمس، للبحث في إمكانية إجراء مفاوضات لإبرام اتفاق تجاري محدود مع واشنطن، التي تواصل التهديد بفرض رسوم على السيارات الأوروبية، وسط انقسام بين باريس وبرلين في هذا الشأن، بحسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
واجتمع وزراء التجارة الأوروبيون في رومانيا لإجراء مناقشة سياسية أولى حول هذه المسألة بهدف توحيد المواقف في مواجهة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي ينتهج منذ وصوله إلى الحكم سياسة حمائية.
والأربعاء قال ترمب: «نحن نحاول إبرام اتفاق. الأوروبيون متشددون في المفاوضات (...) في حال لم نتوصل إلى اتفاق، سنفرض رسوماً جمركية» على السيارات، وهو قرار يمكن أن يتخذه في غضون 3 أشهر.
وتأمل ألمانيا، التي تريد بشتى الوسائل تفادي فرض رسوم جمركية على قطاع السيارات الحيوي لاقتصادها، بصدور موقف قوي عن الوزراء المجتمعين.
ولدى وصوله قال وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير: «دعونا نرى إلى أي حد يمكننا أن نذهب». وتابع: «لا أنوي استعجال الأمور، (إنما) التوصل إلى توافق واسع النطاق»، لا سيما «مع نظيري الفرنسي».
وفرنسا التي تشهد أزمة بسبب تحرّك «السترات الصفراء» غير متحمّسة لهذا الملف الحساس قبل 3 أشهر من الانتخابات الأوروبية.
ويزيد الأوضاع تعقيداً تمسّك الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بموقفه الرافض للتفاوض «مع مسدس مصوّب إلى الرأس»، على حد تعبيره.
وقبيل الاجتماع قال وزير الدولة الفرنسي، جان باتيست لوموان: «ليس الاتحاد الأوروبي من أشعل الجدل بالتصريحات قبل بضعة أيام».
وذكّر الوزير الفرنسي بأن «الاتحاد الأوروبي لا يفاوض تحت التهديد».
وعلى غرار فرنسا، تبدو إسبانيا التي فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية تعتبرها غير مبررة على محاصيلها من الزيتون، غير مقتنعة بالتفاوض، شأنها في ذلك شأن بلجيكا المنقسمة حيال الاتفاق الاقتصادي والتجاري الموقع بين الاتحاد الأوروبي وكندا.
وعلى الرغم من هذه التباينات، أبدت المفوّضة الأوروبية للتجارة، سيسيليا مالمستروم، التي سيتولى جهازها المفاوضات باسم الاتحاد الأوروبي في حال توصّل الأوروبيون إلى توافق، أملها بالحصول على تفويض للتفاوض الشهر المقبل.
وقالت مالمستروم إن «البرلمان الأوروبي (الذي يقتصر دوره على المشورة) يمكن أن يصوّت مطلع شهر مارس (آذار)» على هذه المسألة، مضيفة أن «على الوزراء أن يتّخذوا بعد ذلك قراراً سريعاً جداً».
لكن لوموان أكد أن فرنسا غير مستعجلة «يجب انتظار البرلمان الأوروبي وسماع موقفه. وبعد ذلك يجتمع القادة» في قمة أوروبية ستعقد في 21 و22 مارس. وقال لوموان: «ما سيجري اليوم هو مناقشة سياسية أولى. وقد تجري مناقشات أخرى».
ويأتي طرح فكرة اتفاق تجاري حول السلع الصناعية وليس الزراعية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة استكمالاً لما طُرح خلال زيارة رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، إلى واشنطن في يوليو (تموز)، في حين كان الرئيس الأميركي يهدد بفرض رسوم جمركية على السيارات الأوروبية. وتوصل ترمب ويونكر إلى هدنة تجارية شكّلت مفاجأة، وقد اتّفقا على مزيد من التعاون.
وتقول بروكسل إن اتفاقاً كهذا من شأنه توفير زيادة تبلغ 53 مليار يورو (60.1 مليار دولار) في التبادل التجاري بحلول عام 2033، وهو رقم ضئيل جداً مقارنة بحجم التبادلات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. ومن شأن الاتفاق أن يلغي الرسوم العقابية الأميركية المفروضة منذ عدة أشهر على الصادرات الأوروبية من الصلب والألمنيوم.