ولي العهد السعودي يواصل جولته آسيوياً بزيارة رسمية للهند... ومودي في مقدمة مستقبليه

بدأ الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي أمس زيارة رسمية للهند، وذلك في إطار جولته الآسيوية الحالية، وبثت محطات التلفزيون الهندية الرسمية والخاصة وقائع وصول ولي عهد السعودية إلى العاصمة الهندية نيودلهي مترئساً وفدا رسميا رفيعا، حيث كان في مقدمة مستقبليه بمطار قاعدة «تكنكل» العسكرية، رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
كما كان في استقباله، وزير الدولة الهندي للشؤون الخارجية في كي سينق، ووكيل وزارة الخارجية المساعد لشؤون الخليج نجندرا راسد، وقائد القاعدة الجوية، وسعود الساطي سفير خادم الحرمين لدى الهند، والسفير الهندي لدى السعودية أحمد جاويد، والعميد ركن خالد النمر المحلق العسكري السعودي لدى الهند، وعدد من المسؤولين.
وتعكس مظاهر الاحتفاء والترحيب بزيارة ولي العهد السعودي للهند، قوة ومتانة العلاقات بين البلدين، ومدى الأهمية التي ستضيفها هذه الزيارة في ترسيخ العلاقة بين الجانبين نظراً لدورهما الريادي في المنطقة والعالم، وتركيز كل منهما على التحديث الاقتصادي وتنفيذ خطط واستراتيجيات كبرى للتنمية الاقتصادية السريعة.
بينما تزينت شوارع وطرق وميادين العاصمة الهندية نيودلهي، بصور الأمير محمد بن سلمان، وأعلام السعودية ترفرف إلى جانب علم الهند ترحيباً به خلال زيارته التاريخية للهند.
إلى ذلك، شهدت علاقة السعودية والهند على مدى أكثر من سبعة عقود تميزا في جميع المجالات ويأتي من أهمها الشأن الاقتصادي.
وتعدّ السعودية والهند دولتين مهمتين في استقرار الاقتصاد العالمي وفي أمن واستقرار المنطقة، وتتميّزان بعلاقة فريدة أسهمت في تشكيلها روابط اقتصادية واجتماعية وثقافية تاريخية، واتصالات مكثفة بين الشعبين، وتجارة قوية يعود تاريخها إلى عدة قرون، والعلاقة بينهما تتطور بشكل يناسب مكانتيهما بوصفهما عضوين فاعلين في مجموعة العشرين.
والمملكة هي رابع أكبر شريك تجاري للهند بعد الصين والولايات المتحدة الأميركية والإمارات العربية المتحدة، ومصدر رئيس للطاقة، حيث تستورد الهند نحو 19 في المائة من الزيت الخام من السعودية، وهو ما يجعل توطيد العلاقات الثنائية أمرا استراتيجيا للبلدين.
وشهدت العلاقات السعودية الهندية تميزا كبيرا انعكس إيجابيا على تعزيز التعاون بين البلدين، واتسمت بالتماشي مع التطور الذي يشهده العالم من حيث تنفيذ بنود الاتفاقيات التي تقوم عليها العلاقات أو تطويرها لتتواءم مع متغيرات العصر.
ويبلغ عدد الشركات الهندية العاملة في السعودية أكثر من 400 شركة، وهناك رغبة متزايدة لدخول كثير من الشركات والمستثمرين من الجانب الهندي إلى السوق السعودية، في حين يبلغ عدد الشركات السعودية في الهند نحو 40 شركة.
بينما بلغت قيمة صادرات السعودية لجمهورية الهند 73.801 مليون ريال خلال عام 2017، في حين بلغت قيمة الواردات 20.176 مليون ريال، وبلغ حجم التجارة بين البلدين خلال عام 2017، 93.977 مليون ريال سعودي.
من جانبه، أكد الدكتور سعود الساطي سفير خادم الحرمين الشريفين في نيودلهي، أن زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، تأتي امتدادا للقاءات بين قيادتي البلدين وفرصة تاريخية لتعزيز علاقات الصداقة التاريخية والشراكة الاستراتيجية والتعاون الوثيق بين البلدين في المجالات كافة.
وأوضح السفير الساطي، أن الهند تعد رابع شريك تجاري للمملكة، والتعاون الوثيق القائم بين البلدين يشمل مجالات عدة منها الطاقة والتجارة والاستثمار والتعاون في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب إلى جانب تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
وقال السفير الساطي لوكالة الأنباء السعودية، إن علاقات البلدين نمت بشكل مطّرد خلال العقد الماضي وزاد التعاون بين البلدين بعد الزيارات المتبادلة لقادة البلدين والمسؤولين بهما، الأمر الذي يؤكد الرغبة الواضحة في تحقيق المزيد من التعاون.
ونوه بأهمية الزيارة باتجاه تعزيز العلاقات في مختلف المجالات، وتحقيق المزيد من الفرص لتعميق التعاون وتقوية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وأكد سعود الساطي، أن العلاقة الاقتصادية بين المملكة والهند تكتسب أهمية بارزة نظرا لدورهما الاقتصادي الرائد في المنطقة والعالم، ولأوجه التكامل بين اقتصادي البلدين في ظل تركيز كل منهما على التحديث الاقتصادي وتنفيذ خطط واستراتيجيات كبرى للتنمية الاقتصادية السريعة، وهو ما يوفر المزيد من الفرص للتجارة والاستثمار ونقل التكنولوجيا.
وأضاف أن لبلاده خططا طموحة للتنمية الاقتصادية في إطار رؤيتها المستقبلية 2030، تشمل جذب الاستثمارات وتوطين الصناعات وتعزيز التنمية وتحقيق نقلة نوعية كبيرة في الاقتصاد السعودي، مشيرا إلى أن الهند شريك استراتيجي للمملكة في مجال التنمية، وللشركات الهندية الكبرى وجود ملحوظ في السوق السعودية من خلال مشروعات كبرى في مجالات التنمية والبنية التحتية والزراعة والاستثمار والتقنية.
وقال السفير الساطي: «هناك أبعاد ثقافية وشعبية ودينية للعلاقة لا تقل أهمية عن الأوجه الاقتصادية والسياسية والأمنية، فالهند موطن أحد أكبر تجمعات المسلمين في العالم، حيث يشكل المسلمون قرابة 15 في المائة من سكان الهند البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة، ويعد الحج والعمرة عاملين مهمين في التواصل بين شعبي البلدين»، مشيرا إلى إسهام أكثر من 3 ملايين مقيم هندي على أرض المملكة في تعزيز عرى الصداقة بين الشعبين.
وأكد السفير السعودي لدى الهند، أن زيارة ولي العهد للهند ستنقل الشراكة بين البلدين الصديقين إلى آفاق جديدة، وستؤدي إلى تحقيق المزيد من الفرص، وتعميق الروابط القوية القائمة بما يخدم مصالحهما المشتركة.
بينما وصف الدكتور عبد الله الشتوي الملحق الثقافي السعودي لدى الهند، علاقات بلاده والهند، بـ«العريقة» والممتدة عبر التاريخ، وتكتنز أبعاداً ثقافية وحضارية عميقة رسخت من الشراكة الاستراتيجية التي تشهد تطوراً في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية وغيرها.
وأكد الدكتور الشتوي في تصريح صحافي، أن العلاقات الثقافية والتعليمية بين البلدين تبلورت وتطورت بشكل ملحوظ وارتقت لمستوى عال، واتخذت صوراً مختلفة ومتنوعة، منها المشاركة في معارض الكتاب والندوات والمؤتمرات والفعاليات والتبادل الثقافي والتعليمي والأكاديمي.
إلى ذلك، أكد المهندس كامل المنجد، رئيس مجلس الأعمال السعودي - الهندي، أن زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد إلى الهند، تأتي في إطار العلاقات التاريخية، واستمراراً للتعاون المشترك بين البلدين.
وثمّن في تصريح لوكالة الأنباء السعودية، ما تشهده العلاقات الثنائية بين البلدين من تنامٍ في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية، موضحاً أن زيارة ولي العهد تعد مؤشراً إيجابياً، وستتيح استثمارات الشركات السعودية في الهند، حيث تنوي الاستثمار في عدد من القطاعات.
وأشار إلى أن الهند عازمة على تقديم جميع التسهيلات اللازمة للمستثمرين السعوديين، معرباً عن أمله في أن تقود الزيارة العلاقات بين الرياض ونيودلهي إلى آفاق جديدة من التعاون.