انقسام أوروبي تجاه عودة متطرفي «داعش» من سوريا

رفضت فرنسا عودة أي مقاتلين متطرفين من ذوي أصول أوروبية من تنظيم داعش ومحتجزين في سوريا إلى بلادهم، رداً على طلب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، فيما ترددت ألمانيا في حسم موقفها تجاه الأزمة.
وقالت وزيرة العدل الفرنسية نيكول بيلوبيه اليوم (الاثنين) إن بلادها لن تتخذ أي إجراء في الوقت الحالي بناء على دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لحلفاء أوروبيين لاستعادة مئات من مقاتلي تنظيم داعش من سوريا، وستعيد المقاتلين على أساس مبدأ «كل حالة على حدة».
وقالت بيلوبيه لـ«قناة فرانس 2» التلفزيونية: «هناك وضع جيوسياسي جديد في ظل الانسحاب الأميركي. ولن نغير سياستنا في الوقت الحالي... لن تستجيب فرنسا في هذه المرحلة لمطالب (ترمب)».
وتقضي سياسة الحكومة الفرنسية برفض استعادة المتطرفين وزوجاتهم رفضاً قاطعاً. وأشار إليهم وزير الخارجية جان إيف لو دريان باعتبارهم «أعداء» الأمة الذين يجب أن يمثلوا أمام العدالة سواء في سوريا أو العراق.
لكن وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير أعلن في أواخر يناير (كانون الثاني) أن انسحاب الولايات المتحدة من سوريا أجبر فرنسا على الاستعداد لعودة عشرات المتشددين الفرنسيين الذين تحتجزهم سلطات كردية مدعومة من واشنطن.
وتحاول باريس بالفعل إعادة القصّر على أساس مبدأ كل حالة على حدة.
وتقول مصادر عسكرية ودبلوماسية إن قوات سوريا الديمقراطية التي يهيمن عليها الأكراد تحتجز نحو 150 مواطناً فرنسياً في شمال شرقي سوريا بينهم 50 بالغاً.
وردت ألمانيا أيضاً بفتور على مطالب ترمب وقالت إنها لا يمكن أن تستعيد مقاتلي التنظيم إلا بعد زيارات قنصلية.
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إن تنظيم إعادة متطرفين أوروبيين محتجزين في سوريا أمر «بالغ الصعوبة» حالياً، متابعاً لشبكة التلفزيون الألمانية «إيه آر دي» مساء أمس (الأحد) إنه لا يمكن تنظيم عودتهم «ما لم نتأكد أن هؤلاء الأشخاص سيمثلون فوراً هنا أمام محكمة وسيتم احتجازهم».
وأضاف أنه لهذا السبب «نحتاج إلى معلومات قضائية وهذا لم يتوفر بعد، مؤكداً أن إعادتهم في الظروف الحالية أمر «بالغ الصعوبة»، وأوضح أن برلين تريد «التشاور مع فرنسا وبريطانيا (...) بشأن طريقة القيام بذلك».
ورغم ذلك، قال متحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية اليوم (الاثنين) إن من حق المواطنين الألمان الذين قاتلوا مع «داعش» في سوريا العودة للبلاد.
وخلال مؤتمر صحافي اعتيادي، قال كبير المتحدثين باسم الحكومة إن ألمانيا تجري مشاورات عن كثب مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا فيما يتعلق بالمواطنين الأوروبيين هناك.
وذكر المتحدث باسم الداخلية «كل المواطنين الألمان ومن بينهم من يشتبه في ارتباطهم بتنظيم داعش لهم حق أصيل» في الوجود بألمانيا.
وكان الرئيس الأميركي في تغريدة السبت الدول الأوروبية، وخصوصاً بريطانيا، إلى إعادة مواطنيها المعتقلين في سوريا جراء انضمامهم لتنظيم داعش إلى بلدانهم ومحاكمتهم، محذراً من أن الولايات المتحدة قد تضطر «للإفراج عنهم».
وكان ترمب قد ألح السبت لاستعادة أكثر من 800 مقاتل من التنظيم تم اعتقالهم وأن تقوم بمحاكمتهم.
وتعهد ترمب بسحب القوات الأميركية من سوريا بعد تحقيق «النصر» على تنظيم داعش على الأرض، مما أثار مخاوف في باريس وعواصم أوروبية أخرى بشأن احتمال محاولة متشددين من هذه الدول العودة إلى بلدانهم.
ورداً على هذه التصريحات، قالت مصادر في الخارجية أمس (الأحد) إن برلين تدرس «الخيارات لتمكين مواطنين ألمان من مغادرة سوريا وخصوصاً الحالات الإنسانية»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ويعقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعاً في بروكسل اليوم (الاثنين) سيناقشون خلاله عدداً من القضايا بينها الوضع في سوريا.