قانون للطوارئ يفجر جدلاً سياسياً في تونس

رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد مصافحا الرئيس الفرنسي في قصر الإليزيه بباريس أمس (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد مصافحا الرئيس الفرنسي في قصر الإليزيه بباريس أمس (إ.ب.أ)
TT

قانون للطوارئ يفجر جدلاً سياسياً في تونس

رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد مصافحا الرئيس الفرنسي في قصر الإليزيه بباريس أمس (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد مصافحا الرئيس الفرنسي في قصر الإليزيه بباريس أمس (إ.ب.أ)

خلف مشروع قانون جديد ينظم حالة الطوارئ في تونس جدلاً سياسياً وحقوقياً كبيراً، بسبب ما اعتبرته شريحة واسعة من المواطنين «تهديداً للحقوق والحريات»، ورأت في إجراءاته الاستثنائية التي يمنحها للسلطات الحكومية «مخالفة للدستور التونسي»، داعية إلى ضرورة الحصول على أحكام قضائية قبل إقرار الإقامة الإجبارية على الأشخاص أو مداهمة منازل المتهمين وتفتيشها.
ويحافظ القانون الجديد المنظم لحالة الطوارئ في تونس على مبدأ «حظر أي إضراب أو تظاهرة ترى فيها السلطات تهديداً للنظام العام، وفرض الإقامة الجبرية على أي شخص يعتبر نشاطه خطيراً على الأمن والنظام العامين، وحظر التجمعات التي من شأنها الإخلال بالأمن»، وهو ما اعتبرته منظمات حقوقية كثيرة تهديداً متواصلاً للحقوق والحريات.
وقال ناجي البغوري، نقيب الصحافيين التونسيين لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا القانون الجديد يُعدّ «مقدمة لنسف المسار الديمقراطي في تونس... ويمكن اعتباره مدخلاً لانقلاب ناعم على الحقوق والحريات»، مشيراً إلى محاولة بعض الأطراف السياسية والأمنية «العودة إلى حكم تونس بقبضة من حديد».
وشدَّد في هذا السياق على أن مدة إعلان حالة الطوارئ «طويلة جداً»، إذ نص القانون الجديد على أنها تقدر بثلاثة أشهر، قابلة للتجديد مرة واحدة.
من جانبه، أكد منذر الشارني عضو المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب (منظمة حقوقية مستقلة)، أن مشروع القانون الجديد «منح المؤسسة العسكرية إمكانية التدخل، وهو ما يهدد الحريات، كما نص على الإقامة الإجبارية للأشخاص المتهمين بخرق النظام العام، في حين أن الأمر يتطلب قراراً قضائياً وجوبياً قبل تحديد حرية تنقل الأشخاص»، على حد قوله.
يُذكر أن منظمة «هيومن رايتس ووتش» انتقدت في مناسبات كثيرة فرض حالة الطوارئ في تونس، وقالت إن هذا الوضع لا يجب أن يقوض حقوق الإنسان، وألا يعطي السلطات التونسية الحق في هضم الحقوق والحريات الأساسية.
وخضعت تونس لحالة الطوارئ منذ 14 يناير (كانون الثاني) 2011، في أعقاب الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، واستمرت حتى مارس (آذار) 2014. وبعد الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له حافلة الأمن الرئاسي قرب وسط العاصمة في 24 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، والذي خلف 12 قتيلاً، فرضت تونس حالة الطوارئ بصفة متواصلة، بحجة التهديدات الإرهابية التي تؤكد أنها ما زالت متواصلة حتى الآن.
على صعيد غير متصل، جمدت الهيئة السياسية لحزب النداء، التي يترأسها حافظ قائد السبسي نجل الرئيس الحالي، عضوية رضا بلحاج المنسق العام للحزب، وذلك بعد أيام قليلة من اقتراح بلحاج قيادة جماعية للحزب، إلى حين عقد المؤتمر الانتخابي المقرر بداية شهر مارس المقبل.
ورداً على هذا القرار، قال بلحاج إن الهيئة السياسية التي اتخذته «غير شرعية لأنها لم تنبثق عن مؤتمر انتخابي، وليس من حقها اتخاذ قرارات بهذا الحجم»، مؤكداً أنه لن يتجاوب مع قرار هذه الهيئة.
وأضاف بلحاج في تصريح إعلامي أنه عاد إلى حزب النداء من أجل «تنظيم مؤتمر انتخابي ديمقراطي وشفاف»، في إشارة إلى محاولة توريث نجل الرئيس قيادة أحد أكبر الأحزاب السياسية في تونس، التي قد تمهِّد له الوصول إلى السلطة.
وكانت الهيئة السياسية لحزب النداء قد رفضت دعوة المكتب التنفيذي إلى تشكيل لجنة تتولى اتخاذ المواقف الرسمية للحزب من كل الأحداث السياسية، واتهم عبد الرؤوف الخماسي، قيادي «النداء» المقرب من حافظ قائد السبسي، القيادي رضا بلحاج الذي عاد إلى حزب «النداء» بعد مغادرته وتشكيل حزب «حركة تونس أولاً»، بمحاولة الانقلاب على القيادات السياسية الحالية.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».