برلمانيون ليبيون يتهمون ساركوزي بالتورط في مقتل القذافي

تزامناً مع الذكرى الثامنة لانتفاضة 17 فبراير

TT

برلمانيون ليبيون يتهمون ساركوزي بالتورط في مقتل القذافي

انضم برلمانيون وحقوقيون ليبيون، أمس، إلى حملة أفريقية طالبت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، مجدداً، بفتح تحقيق مع الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، بتهمة المشاركة في التدبير لمقتل الرئيس الراحل معمر القذافي، عقب اندلاع انتفاضة 17 فبراير (شباط) 2011، وطالبوا المحكمة بتشكيل فريق للتحقيق في القضية، على غرار عملية اغتيال الرئيس اللبناني الراحل رفيق الحريري.
وجاءت هذه الحملة تزامناً مع الاحتفالات الشعبية بالذكرى الثامنة للانتفاضة، التي لا يزال الليبيون منقسمين حولها، بين مؤيد يرى أنها أسقطت نظاماً استبدادياً وبدّد ثروات البلاد، ومعارض يؤكد أن هذه الانتفاضة «فتحت الباب أمام الأجندات الدولية، التي تستهدف تخريب ليبيا، وسمحت للتنظيمات الإرهابية باختراق حدودها».
وكانت 15 جمعية أفريقية، غير حكومية، اتهمت ساركوزي، أول من أمس، بـ«الوقوف وراء اغتيال القذافي، والضلوع بدور كبير في زعزعة استقرار القارة»، وتقدمت بشكوى لدى المحكمة الجنائية الدولية، تتضمن اتهام ساركوزي بإطلاق عملية عسكرية فرنسية في ليبيا، كان من بين أهدافها اغتيال القذافي، وحمّلوه مسؤولية «الاضطراب السياسي الذي تعيشه ليبيا، إضافة إلى حدوث اضطرابات كبيرة في المنطقة».
وبررت المنظمات في بيانها تحريك شكواها «لما سبّبه مقتل القذافي من تأثير سلبي على القارة الأفريقية، وإلحاق الإضرار بمواطنيها»، لكنها استبعدت التحقيق في شكواها ضد ساركوزي، وقالت: «إن الشكوى ستوضح الأمور أكثر؛ لأن هذا الإجراء سياسي أكثر منه قضائياً».
وفي حين دعا نواب وشخصيات من قبيلة القذاذفة، وعدد من أنصار النظام السابق، إلى ضرورة معاقبة قتلة القذافي، وشددوا على أهمية اضطلاع المحكمة الدولية بدور في «إظهار المتورطين بالجريمة»، قال عبد المنعم الزايدي، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا، لـ«الشرق الأوسط»: إن «هناك قضية مرفوعة على ساركوزي أمام القضاء الوطني الفرنسي بالخصوص»، وبالتالي «لا يجوز وفق المبدأ القانوني أن يحاسب المتهم على الجرم نفسه مرتين. لذا؛ يبقى القضاء الفرنسي هو الأصل، أما الدولي فسيظل مكملاً».
من جهته، أبدى أحمد عبد الحكيم حمزة، مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، تضامنه مع الجمعيات الأفريقية في شكواها المقدمة للمحكمة الدولية، مشيراً إلى أنه سبق لهم أن تقدموا بشكوى مماثلة تطالب بالتحقيق في مقتل القذافي ونجله المعتصم بالله، وعدد من حراسهما بعد القبض عليهما أحياء في مدينة سرت. وأضاف حمزة في حديث إلى «الشرق الأوسط»: «كان يتحتم على المحكمة الدولية الحفاظ على حياة القذافي، بدل تعريضها للخطر، لكن ما حدث أنه تم التخلص منه مع نجله»، وأرجع ذلك إلى أن الرئيس الراحل «كان يمثل مخزناً للأسرار بالنسبة لبعض الدول، وهو ما سهل التخلص منه، وبخاصة مع وجود مخابرات لدول عدة في ليبيا».
ودعا حمزة المحكمة الدولية بالاضطلاع بدور واضح «لملاحقة قتلة القذافي ليشمل التحقيق أطرافاً عدة، وفي مقدمتها الرئيس الفرنسي الأسبق، والجانب القطري»، مع «ضرورة تشكيل لجنة دولية للتحقيق مع الأطراف المتورطة، على غرار اللجنة التي تشكلت للتحقيق في اغتيال الرئيس اللبناني رفيق الحرير»، في 14 فبراير 2005. بدوره، قال نائب برلماني، رفض ذكر اسمه لدواعٍ أمنية: إن «المجتمع الدولي التزم الصمت على جريمة بشعة، أودت بحياة رئيس دولة عربية، ولم يحرك ساكناً واكتفى بالمشاهدة»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: أن «مقتل القذافي كان هدفاً لشخصيات ودول كثيرة... ولو قدر له الحياة بعد (انقلاب) فبراير، لكانت هناك أسرار ستكشف للجميع، وستعرض سمعة كثرين للخطر».
وبعد أكثر من 40 عاماً من حكم ليبيا، تم قتل القذافي في 20 من أكتوبر (تشرين الأول) 2011 بمدينة سرت، مسقط رأسه، عن عمر ناهز 69 سنة. وعقب مقتله تم توجيه أصابع الاتهام إلى أطراف دولية بالتورط في اغتياله. وبهذا الخصوص، قال الدكتور محمود جبريل، الذي ترأس المكتب التنفيذي السابق في ليبيا عقب الانتفاضة، لقناة (CNN): إن «لديه شكوكاً بأن القذافي قتل بناء على أوامر من جهة خارجية».
غير أن الزايدي قال لـ«الشرق الأوسط»: إن «الاتحاد الأفريقي بكل منظماته الإقليمية الحكومية، وغير الحكومية، ليس له دور رسمي في الملف الليبي، بل دوره مكمل للأمم المتحدة، ويظل مجلس الأمن هو صاحب الاختصاص الأصيل في حالة تهديد السلم والأمن الدوليين، وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».