مجلس الأمن يحض اللبنانيين على «تطبيق ملموس» للنأي بالنفس

طالب بنزع أسلحة الميليشيات ومكافحة الفساد

TT

مجلس الأمن يحض اللبنانيين على «تطبيق ملموس» للنأي بالنفس

رحب مجلس الأمن بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية في لبنان، داعياً إياها إلى العمل على تطبيق القرارات الدولية، بما في ذلك القراران 1559 و1701 و«التطبيق الملموس» لسياسة النأي بالنفس عن أي نزاعات خارجية والتزام «نزع سلاح» كل الجماعات المسلحة في البلاد. وشجع المجلس على التزام تعهدات مؤتمر «سيدر» حيال مكافحة الفساد وتعزيز الحوكمة والمساءلة، بما في ذلك إدارة المال العام.
وأصدر أعضاء المجلس بياناً صحافياً رحبوا فيه بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية في لبنان، مهنئين رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والحكومة. ورحبوا خصوصاً «بتولي 4 نساء مناصب في الحكومة الجديدة، بما في ذلك وزيرة للداخلية للمرة الأولى في تاريخ لبنان»، مشجعين السلطات اللبنانية على مواصلة الجهود لضمان المشاركة الكاملة والفاعلة للمرأة في السياسة اللبنانية.
وكرر أعضاء المجلس تأكيد دعمهم القوي لاستقرار لبنان وأمنه وسلامة أراضيه وسيادته واستقلاله السياسي، بما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن وبيانات رئيسه ذات الصلة حيال الوضع في لبنان، ودعوا «كل الأطراف اللبنانية إلى التطبيق الملموس لسياسة النأي بالنفس عن أي نزاعات خارجية، باعتبارها أولوية مهمة، وفق المنصوص عليه في الإعلانات السابقة وبالتحديد إعلان بعبدا لعام 2012»، مذكرين بـ«أهمية تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة والالتزامات السابقة التي توجب نزع سلاح كل الجماعات المسلحة في لبنان لئلا توجد أسلحة أو سلطة في لبنان غير تلك الخاصة بالدولة اللبنانية».
وطالبوا كل الأطراف بـ«معاودة سريعة للنقاشات في اتجاه الوصول إلى إجماع على استراتيجية دفاع وطني»، مشددين على أن القوات المسلحة اللبنانية هي القوة المسلحة الوحيدة المشروعة للبنان، كما ينص على ذلك الدستور اللبناني واتفاق الطائف.
وشدد أعضاء المجلس على «الانخراط الملح للحكومة الجديدة في الالتزامات المعلنة أثناء مؤتمرات مجموعة الدعم الدولية لبنان وروما 2 وسيدر»، مشددين على «أهمية أن تنفذ الحكومة الجديدة إجراءات إصلاح قطاعية وبنيوية بما يعزز الاستثمارات في البنية التحتية الحيوية والخدمات، طبقاً للأجندة المحددة أثناء مؤتمر سيدر».
ودعا أعضاء مجلس الأمن، المجتمع الدولي، بما فيه المنظمات الدولية، إلى «ضمان مواصلة دعم لبنان في معالجة التحديات الأمنية والاقتصادية والإنسانية التي تواجهه».
وكان مجلس الأمن أصدر القرار 1701 بالإجماع على أثر الحرب الإسرائيلية في لبنان عام 2006. وهو يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية. ويطالب «حزب الله» بـ«الوقف الفوري» لكل هجماته، وإسرائيل بـ«الوقف الفوري» لكل عملياتها العسكرية الهجومية وسحب كل قواتها من جنوب لبنان. ويدعو الحكومة اللبنانية إلى نشر قواتها المسلحة في الجنوب بالتعاون مع القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان «اليونيفيل»، المعززة بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي إلى ما وراء «الخط الأزرق»، وهو الخط الذي حددته الأمم المتحدة بالتعاون مع المسؤولين اللبنانيين والإسرائيليين لتأكيد انسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية بما يتفق مع قرار مجلس الأمن رقم 425، وهو ليس حدوداً بين لبنان وإسرائيل.
وينص القرار أيضاً على «إيجاد منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني تكون خالية من أي مسلّحين ومعدات حربية وأسلحة عدا تلك التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوات اليونيفيل».
أما القرار 1559 الذي أعدته الولايات المتحدة وفرنسا وصدر عام 2004 فيدعو إلى «إجراء انتخابات رئاسية حرة في لبنان وانسحاب القوات الأجنبية ونزع سلاح الميليشيات اللبنانية». ومع أن القرار لم يذكر سوريا بالاسم، فإنه جاء في خضم الضغوط السورية لتعديل الدستور اللبناني.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.