مصر تحتضن أول مهرجان لمنظمة التعاون الإسلامي

تحت شعار «أمة واحدة وثقافات متعددة... فلسطين في القلب»

مصر تحتضن أول مهرجان لمنظمة التعاون الإسلامي
TT

مصر تحتضن أول مهرجان لمنظمة التعاون الإسلامي

مصر تحتضن أول مهرجان لمنظمة التعاون الإسلامي

تشهد مصر في الفترة ما بين 5 إلى 9 فبراير (شباط) المقبل مجموعة من الفعاليات الثقافية والفنية تعمل فيما بينها لكسر الحواجز الثقافية بين أبناء الأمة العربية والإسلامية ضمن أول مهرجان لمنظمة التعاون الإسلامي في القاهرة.
يقام المهرجان تحت شعار «أمة واحدة وثقافات متعددة... فلسطين في القلب»، وتحل دولة تنزانيا ضيف شرف للمهرجان، وفي بيان صحافي أكدت وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم، أن المهرجان «يسعى للتأكيد على القيم النبيلة للإسلام والتي تدعو للتسامح ونبذ العنف والتطرف والإرهاب، وإلى تعزيز العلاقات بين الدول الأعضاء والمجتمعات المسلمة في الدول غير الأعضاء». وحسب البيان، تشارك 18 دولة في المهرجان، وهي: مصر، وفلسطين، وأذربيجان، وباكستان، والجزائر، وغينيا، والسنغال، وموزنبيق، والسعودية، والإمارات، واليمن، والكويت، وجزر القمر، وبوركينا فاسو، وموريتانيا، وبنجلادش، والمغرب وإندونيسيا.
وقالت الدكتورة هبة يوسف، رئيس قطاع العلاقات الثقافية الخارجية في كلمتها خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد أول من أمس، بمقر المجلس الأعلى للثقافة بدار الأوبرا المصرية: «شرف لمصر أن تشهد الاستضافة الأولى للمهرجان وستكون فعاليات الافتتاح على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية. يتضمن المهرجان فعاليات زاخرة بالأنشطة الفنية والثقافية والرياضية والفكرية والسياحية التي تعكس الحضارة المصرية بتعدد روافدها، كما يتضمن معارض فن تشكيلي، وملابس تقليدية وتراثية، وأمسيات شعرية، ومسرح وفعاليات يشارك بها ذوو القدرات الخاصة». وأكدت، أن «شعار المهرجان يعكس الهدف في ترسيخ الوعي بالقضية الفلسطينية وأن فلسطين ستظل في قلوب أبناء الأمة العربية».
وأكدت مها عقيل، مديرة الإعلام بمنظمة التعاون الإسلامي، في كلمتها نيابة عن الدكتور يوسف العثيمين، أن المهرجان يهدف في انطلاقته الأولى إلى تكوين صورة إيجابية للعالم الإسلامي وثقافته وحضارته، ويسعى إلى تقريب ثقافات العالم الاسمي من دول عربية وأفريقية وآسيوية. ولفتت إلى أنه يسعى أيضا للتعريف بدور المنظمة وتاريخها عبر التفاعل الذي ستخلقه الأنشطة الثقافية.
من جانبه، أشار ممثل وزارة الخارجية المصرية، السفير ماجد نافع، أن «المهرجان سيعمل على تغيير الصورة النمطية لمنظمة التعاون الإسلامي في تفاعلاتها مع العالم الخارجي، وأكد على حث مؤسسات الدولة المصرية كافة للمشاركة في فعاليات المهرجان وبما فيها مؤسسة الأزهر الشريف ومجمع اللغة العربية، حيث إن مصر تستضيف اتحاد المجامع اللغوية العربية ووزارة الآثار ومكتبة الإسكندرية وغيرها من المؤسسات الثقافية».
ونوّه إلى أن المهرجان سيكون «ثقافياً بمفهومه الواسع ليشمل أبعاداً اجتماعية وإنسانية واقتصادية ورياضية، وسيكون من بين الفعاليات كأس منظمة التعاون الإسلامي لكرة القدم التي يمكن أن تكون نواة للمزيد من الفعاليات الرياضية بين الدول العربية والإسلامية».
وأشار إلى أن «دولة تنزانيا دائماً ما تساند القضايا العربية والقضية الفلسطينية تحديداً ويأتي اختيارها أيضاً احتفاءً بالثقافة الأفريقية وتزامناً مع رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي».
وحول فكرة المهرجان وانطلاقته الأولى، أوضح السفير هشام يوسف، الأمين العام المساعد لمنظمة التعاون الإسلامي، أن «هذه المبادرة طرحها أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي، وبادرت مصر برغبتها في احتضان المهرجان بما لها من ثقل ثقافي، وهو ما لقي ترحيباً كبيراً من الدول الأعضاء كافة، ومن ثم جاءت 10 موافقات من بقية الدول الأعضاء لاحتضان الدورات المقبلة من المهرجان».
ورداً على تساؤل «الشرق الأوسط» حول سبب غياب عدد كبير من الدول الأعضاء عن المهرجان، كشف السفير هشام يوسف: «تمت دعوة الدول الأعضاء كافة، وما زلنا حتى اليوم نتلقى طلبات للمساهمة من الدول الأعضاء كافة وعددهم 57 دولة»، ولفت إلى أن «بعض الدول ستشارك بوفود من جاليتها بمصر، وشدد على أن المهرجان سيركز على النضال الفلسطيني والقضية الفلسطينية».
وأشار إلى أن مؤسسات منظمة التعاون الإسلامي ستشارك وبخاصة الذراع الثقافية لها (الإيسسكو)، وصندوق التضامن الإسلامي، ومجمع البحوث الإسلامي واتحاد الإذاعات الإسلامية وغيرها من المؤسسات، فضلاً عن مجموعة ضخمة من المؤسسات الفكرية.
في حين تحدث الفنان هشام عطوة، المشرف على الترتيبات الفنية الخاصة بالمهرجان، مؤكداً على أن الفعاليات سوف تعكس التنوع الثقافي والتراثي في العالم العربي والأمة الإسلامية، ويتضمن حفل الافتتاح لوحات فنية استعراضية بمشاركة فرق الفنون الشعبية المصرية والفلسطينية، وسوف تقدم الدول المشاركة فعاليات تقام بسور القاهرة الشمالي في شارع المعز وقبة الغوري.
وقال المتحدث الإعلامي لوزارة الثقافة، محمد منير: إن «المهرجان يؤكد ويعزز التضامن مع القضية الفلسطينية، وإنه سيتضمن تكريم عدد من الشخصيات المهمة والمؤثرة في العالم الإسلامي سياسية وثقافية، وسيتم الإعلان عنها قبيل انطلاق المهرجان».
وتشارك المملكة العربية السعودية بمعرض يبرز مراحل تطوير الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة. كذلك، سيتضمن البرنامج ندوات فكرية تتناول الأدب المعاصر وحماية اللغة العربية ومكافحة الإسلاموفوبيا.
جدير بالذكر، أن منظمة العالم الإسلامي تضم في عضويتها 57 دولة من 4 قارات، وتمثل الصوت الجماعي للعالم الإسلامي ومقرها المملكة العربية السعودية، وتأسست بقرار تاريخي عن القمة التي عقدت في الرباط 25 سبتمبر (أيلول) 1969 رداً على جريمة إحراق المسجد الأقصى، ويرأسها حالياً الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، الأمين العام الحادي عشر للمنظمة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».