مطار وميناء غزة في اتفاقيتي أوسلو والقاهرة

الفلسطينيون حظوا بالأول ثلاث سنوات فقط.. والثاني لم يروه قط

مطار وميناء غزة  في اتفاقيتي أوسلو والقاهرة
TT

مطار وميناء غزة في اتفاقيتي أوسلو والقاهرة

مطار وميناء غزة  في اتفاقيتي أوسلو والقاهرة

رغم أن المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية غير المباشرة التي تجرى في القاهرة حاليا، تشهد خلافات كبيرة حول معظم القضايا محل النقاش، لكن طلب إنشاء مطار دولي، وإقامة ميناء بحري في قطاع غزة، يبقى العقدة الأصعب التي يعتقد ألا تجد طريقها إلى الحل بسهولة.
وفيما يصر الفلسطينيون على إنشاء المطار والميناء، يرفض الإسرائيليون ذلك نهائيا. لكن الذي لا يعرفه كثيرون أن الطلب الفلسطيني ليس جديدا على أي حال، بل أنشأ الفلسطينيون في السابق مطار غزة الدولي الذي عمل عدة سنوات، لكنه توقف لاحقا، بينما اتفقوا مرتين، على الأقل، مع إسرائيل على إقامة ميناء بحري من دون أن يتحقق ذلك، وهو ما يلخصه كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات في خضم مناقشات مع دول مختلفة حول الأزمة الأخيرة بقوله: «إننا لا نفاوض من أجل إقامة المطار والميناء، هناك اتفاق واضح، نحن نناقش آليات تشغيلهما».
وأشير إلى مسألة إقامة مطار دولي بغزة خلال اتفاقية القاهرة في مايو (أيار) 1994 (المكملة لاتفاق أوسلو للسلام)، فيما جاء في ملاحق اتفاق أوسلو الذي وقع عام 1993 تحديد خطوط عريضة لإنشاء منطقة مرفأ غزة. وفيما يلي مطار وميناء غزة كما وردا في اتفاقيتي القاهرة وأوسلو:

مطار غزة الدولي
أشير لأول مرة إلى مسألة إقامة مطار دولي وذلك في اتفاقية القاهرة في مايو 1994 (أوسلو 2). وفي سبتمبر (أيلول) 1994 أصدر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مرسوما رئاسيا (رقم 87-94) القاضي بتأسيس سلطة الطيران المدني الفلسطيني كهيئة مستقلة. ونص مشروع القرار على بناء مطارات وتأسيس وتشغيل الخطوط الجوية الفلسطينية.
بدأ العمل في البنية التحتية للمطار في يناير (كانون ثاني) 1996. وبعد ستة أشهر، هبطت طائرة الرئيس الفلسطيني الراحل التي عدت الأولى من نوعها التي تحط على أرض فلسطين بشكل غير رسمي، ولكنها حملت كثيرا من الرمزية.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه، أصدر عرفات المرسوم الرئاسي بتأسيس شركة الخطوط الجوية الفلسطينية للنقل الجوي، وبعد عام واحد استخدمت طائرات فلسطينية لنقل معتمرين وحجاج إلى مكة المكرمة انطلاقا من مصر.
وبدأ التشغيل الرسمي لـمطار غزة الدولي، الذي أنشئ بدعم سعودي ومصري وألماني وياباني وإسباني، يوم الثلاثاء 24 نوفمبر (تشرين الثاني)، 1998، بعد توقيع مذكرة «واي ريفر» التي نصت على السماح للخطوط الجوية الفلسطينية بالطيران من وإلى، مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة ودولة قطر والمغرب وقبرص وتركيا وروسيا.
وشارك الرئيس الأميركي بيل كلينتون آنذاك، الرئيس الراحل عرفات في حفل افتتاح المطار، وحضر مسؤولون ومثقفون وفنانون مصريون عبر طائرات خاصة إلى غزة.
وتقول أرقام سلطة الطيران الفلسطيني، إن التكلفة الإجمالية لإنشاء وتجهيز المطار بلغت نحو 80 مليون دولار. وظل المطار بوابة كل الفلسطينيين إلى العالم، وغادر معظمهم عبر المطار إلى دول كثيرة وعادوا إلى فلسطين من خلاله، حتى أوقفته إسرائيل في أكتوبر عام 2000 بعد اندلاع الانتفاضة الثانية، ثم قصفته ودمرته نهائيا في الرابع من سبتمبر 2001. وبعدها بأيام، تعرض المطار لأعمال تجريف وتخريب للمدرج، تلاها قصف مبنى الرادار بشكل كامل. وفي 15 ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، دمرت إسرائيل المدرج كاملا وألحقت أضرارا بالمطار، فأنهت حلما فلسطينيا جميلا. وفي اتفاقية المعابر في 2005، جرى تضمين بند يقول: «تتفق الأطراف على أهمية المطار. سوف تستأنف المباحثات حول قضايا الترتيبات الأمنية والبناء والعمل». لكن في 26 يونيو (حزيران) 2006، أعاد الجيش الإسرائيلي احتلال منشآت المطار واستخدامه كقاعدة عسكرية لعملياته في جنوب القطاع.
ويقع مطار غزة الدولي شرق مدينة رفح، ويبعد عن مدينة غزة بنحو 36 كيلومترا.
وصممت جميع منشآت المطار وفقا للمواصفات الدولية التي وضعتها منظمة الطيران العالمية «الإيكاو»، وجرى تثبيت عضوية مطار غزة الدولي في مجلس المطارات العالمية (ACI) برمز دولي مستقل LVGZ. وكان المطار يضم أيضا مدرجا للهبوط والإقلاع بطول 3080 مترا ويستطيع استقبال جميع أنواع طائرات الركاب والنقل، بينما تستوعب صالة السفر حتى 750.000 مسافر سنويا، وتبلغ مساحته 2800 دونم.

ميناء غزة البحري
أشير أول مرة إلى مسألة الميناء البحري في اتفاق أوسلو الشهير الذي وقع عام 1993، ونص البند السابع في الاتفاق على أن تقيم السلطة، من ضمن أمور أخرى، سلطة ميناء بحري في غزة، وجاء في الملاحق تحديد خطوط عريضة لإنشاء منطقة مرفأ غزة.
وأنشأ الرئيس عرفات سلطة الموانئ البحرية الفلسطينية بقرار رئاسي (46) لعام 1999 بهدف توفير نظام نقل بحري في فلسطين ونص المرسوم على إقامة ميناء غزة، وذلك بعد الاتفاق على إقامته في مباحثات شرم الشيخ 1999.
ونص اتفاق شرم الشيخ على موافقة الجانب الإسرائيلي على أن يبدأ الجانب الفلسطيني بأعمال البناء بميناء غزة البحري في الأول من أكتوبر 1999، وأن تشغيل الميناء لن يبدأ قبل الاتفاق على بروتوكول يشمل الأمن. وحسب الاتفاق، فإن ميناء غزة البحري حالة خاصة، مثل مطار غزة، نظرا لوقوعه تحت منطقة تقع تحت مسؤولية الجانب الفلسطيني، وسيستخدم كمعبر دولي.
ويتضمن بناء الميناء ترتيبات مناسبة للفحص الأمني للأشخاص والبضائع، إضافة إلى إنشاء منطقة محددة للفحص داخله، وفي هذا السياق فإن الجانب الإسرائيلي سيسهل وبشكل مستمر الأعمال المتعلقة ببناء الميناء، وبما يشمل الحركة من وإلى الميناء للسفن والمعدات والمصادر والمواد المطلوبة.
وأن ينسق الجانبان (الفلسطيني والإسرائيلي) مثل هذه الأعمال، بما يشمل التصاميم والحركة من خلال آلية مشتركة.
وكان يفترض أن تصل الطاقة الاستيعابية للميناء، إلى سبع سفن بداية، ومن ثم 11 سفينة. وأكدت دراسة توقعات النقل البحري بميناء غزة أنه في الحالة الأساسية سيكون حجم البضائع 1.42 مليون طن يزداد إلى 6.38 مليون طن عام 2012.
لكن مع بدء الانتفاضة الثانية، توقفت كل الخطط. وفي اتفاقية المعابر 2005، اتفقت السلطة الفلسطينية وإسرائيل على إقامة ميناء غزة من جديد. وجاء في بند مستقل بعنوان «ميناء غزة» أنه «يمكن البدء ببناء الميناء. ستؤكد الحكومة الإسرائيلية للممولين أنها لن تتدخل في عمل الميناء. وستشكل الأطراف لجنة ثلاثية تقودها الولايات المتحدة لتطوير الأمن والترتيبات الأخرى المتعلقة بالميناء قبل افتتاحه. وسيجري استخدام نموذج لطرف ثالث في رفح كأساس للعمل».
لكن ذلك ظل حبرا على ورق.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».