وصلت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، غير المباشرة في القاهرة، لإنهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إلى مرحلة «انسداد مؤقت» كما وصفها القيادي الفلسطيني وعضو وفد التفاوض قيس عبد الكريم (أبو ليلى)، الذي كشف عن أن الوفد الإسرائيلي لم يقدم جديدا خلال المفاوضات سوى عرض صفقة تبادل تتضمن الإفراج عن نحو 25 أسيرا فلسطينيا اعتقلوا من غزة خلال الحرب الحالية و15 جثمانا يحتفظون بها مقابل جثماني جنديين إسرائيليين عند حركة حماس. وبينما تحاول القاهرة إيجاد «صيغة توفيقية» لإنهاء الأزمة، أكدت حركة حماس أنها لن تتنازل عن أي من المطالب الفلسطينية في المفاوضات.
ويفاوض الفلسطينيون منذ نحو أسبوع في القاهرة وفدا إسرائيليا، بوساطة مصرية، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي يضع حدا للعدوان على قطاع غزة، أو تمديد هدنة 72 ساعة حتى التوصل إلى الاتفاق. ولم تنجح جهود مصر حتى الآن في تمديد الهدنة التي انتهت صباح يوم الجمعة الماضي بين الفصائل الفلسطينية، بينها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، وبين إسرائيل، لوقف القتال الذي دخل شهره الثاني.
وقال المفاوض عبد الكريم لـ«الشرق الأوسط» إن إسرائيل تحاول إدخال الفلسطينيين في «دويخة» وتريد اتفاقا «ينظم الحصار ولا يرفعه»، مع رفضها معظم الطلبات الرئيسة للفلسطينيين.
وكان الفلسطينيون تقدموا بجملة من المطالب خلال مفاوضات القاهرة أبرزها وقف إطلاق النار ورفع الحصار وإطلاق سراح معتقلين. وأوضح «أبو ليلى» أن الإسرائيليين «رفضوا تماما طلب إقامة ميناء ومطار وممر آمن بين غزة والضفة الغربية، كما رفضوا إطلاق سراح أسرى صفقة (الجندي الإسرائيلي جلعاد) شاليط الذين أعيد اعتقالهم، فيما عرضوا تسهيلات في مسألة الصيد البحري وفي مسألة الشريط العازل وبعض المعابر».
وكشف عن أن «العرض الوحيد الواضح الذي جاء من الإسرائيليين كان يتعلق باستعدادهم للإفراج عن نحو 25 أسيرا لديهم اعتقلوا من غزة في الحرب الحالية و15 جثمانا يحتفظون بها مقابل جثماني الجنديين عند حماس»، الأمر الذي رفضه الفلسطينيون.
وكانت كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، أعلنت خطف الجندي الإسرائيلي آرون شاؤول، ويبدو أنها تحتفظ بجثته فقط، بينما شاب الغموض مسألة اختطاف جندي إسرائيلي آخر، هدار جولدن، أعلنت الدولة العبرية لاحقا مقتله ودفنه.
وأضاف أبو ليلى أن الإسرائيليين لم يردوا بشكل مباشر على أي طلب فلسطينيي، موضحا: «كلما سألنا عن الرد الإسرائيلي على بند محدد لا نجد جوابا». وتابع: «بعض التصورات قدمت لنا باعتبارها رؤية مصرية وليست إسرائيلية».
ومضى يقول: «المسألة التي أثارت القلق أكثر هي محاولات إسرائيل استئناف التقييدات التي كانت قائمة على ما يسمى المواد المزدوجة الاستعمال والسقف العددي لحركة الأفراد والوجود على المعابر. باختصار يريدون إرجاعنا إلى دويخة التفاصيل التي نعانيها منذ 20 عاما».
وجاء هذا «الانسداد المؤقت» في المفاوضات في وقت لم يتضح فيه بعد ما إذا كان وفد إسرائيل، الذي غادر القاهرة الجمعة مقاطعا المفاوضات بسبب استئناف القتال في غزة، سيعود من جديد أم لا.
ونقل أبو ليلى عن مسؤولين مصريين أن المفاوضات بين مصر وإسرائيل مستمرة من أجل إعادة إرسال الوفد.
غير أن مصادر سياسية إسرائيلية صرحت بأن عودة الوفد الإسرائيلي المفاوض إلى القاهرة «غير واردة حاليا». ورأى مصدر دبلوماسي مطّلع على المفاوضات أن «فرصة التوصل إلى اتفاق تهدئة جديد في غزة قد لا يتبيَّن إلا بعد يوميْن على الأقل».
وكانت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية نقلت عن مسؤول قوله إن الحكومة الإسرائيلية «لا تعتزم إعادة وفدها المفاوض إلى العاصمة المصرية، (أمس) السبت». وأضاف: «لن نتفاوض تحت إطلاق الصواريخ».
ويضغط مسؤولون إسرائيليون حاليون وسابقون على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أجل وقف «المفاوضات تحت النار».
وانتقد رئيس فرع الاستخبارات السابق في الجيش الإسرائيلي، عاموس يدلين، بشدّة استمرار المحادثات مع حركة حماس في الوقت الذي تجدّد فيه الحركة إطلاقها الصواريخ تجاه إسرائيل. وقال يدلين: «يجب ضرب حماس حتى تسقط، وإلا فنحن نسير بربع خطوة ولن نصل إلى أي مكان. كان الإعلان عن الانتصار الإسرائيلي مبكّرا جدّا». ودعا إلى «عدم إعطائهم أي شيء؛ لا ميناء، لا مطار، لا فتح معابر، لا رواتب، عدم نقل الأموال التي يريد كل العالم نقلها لإعادة إعمار غزة، ببساطة لا شيء. فليعيشوا الأزمة الإنسانية والدمار. نحن دولة ذات سلطة وقوة نيران كبيرة».
وانتقد عضو الفريق الفلسطيني المفاوض بالقاهرة عزت الرشق، ما وصفه بتحجج إسرائيل بالعطلة الدينية ليوم السبت، وقال عبر تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «مسخرة.. الوفد الصهيوني لا يتفاوض بحجة أن يوم السبت عطلة دينية عندهم، ولكن الجيش الصهيوني لم يوقف العدوان، وواصل القصف حتى أيام السبت».
من جانبها، أعلنت حركة حماس إصرارها على كل مطالبها، وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم في تصريحات صحافية: «لن نتنازل عن أي من مطالب المقاومة والشعب الفلسطيني، وإن المقاومة مستمرة بكل قوة». وأَضاف: «لا عودة إلى الوراء، والمقاومة ستستمر وبكل قوة، ومراوغة الاحتلال وتعنته لن يفيده بشيء، ولا تنازل عن أي من مطالب شعبنا».
غزة تدخل حالة {لا هدنة .. ولاحرب}
مسؤول من الوفد الفلسطيني لـ(«الشرق الأوسط») : إسرائيل تحاول إدخالنا في دوامة
غزة تدخل حالة {لا هدنة .. ولاحرب}
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة