جدل حول إعادة فتح «مقبرة الملوك» في القدس الشرقية للزوار

فرنسا مالكة الموقع تريد ضمانات بأنها لن تواجه نزاعات قانونية

صورة أرشيفية لموقع «مقبرة الملوك» في القدس الشرقية (ويكيبيديا)
صورة أرشيفية لموقع «مقبرة الملوك» في القدس الشرقية (ويكيبيديا)
TT

جدل حول إعادة فتح «مقبرة الملوك» في القدس الشرقية للزوار

صورة أرشيفية لموقع «مقبرة الملوك» في القدس الشرقية (ويكيبيديا)
صورة أرشيفية لموقع «مقبرة الملوك» في القدس الشرقية (ويكيبيديا)

في ركن من أركان القدس الشرقية، يقبع كنز تحت الأرض، نُسي أمره تماماً حتى الآن، ففرنسا تملك الأرض التي تحوي ما أطلق عليها «مقبرة الملوك»، تجري المباحثات لفتحها للجمهور، حسب تقرير مطول لوكالة الصحافة الفرنسية.
تقع المقبرة على بعد 820 متراً شمال البلدة القديمة، وتسمى «مقبرة الملوك»؛ حيث دفنت الملكة هيلانة أطفالها حسب الأساطير.
قليلون أتيحت لهم الفرصة في السنوات الأخيرة، للنزول أسفل الموقع؛ حيث القواقع الحجرية المقامة التي يعود منشؤها إلى نحو ألفي عام، كانت تحمل في يوم من الأيام توابيت، محفورة من الصخور التي تربط غرفها.
ويشير التقرير إلى أن المقبرة ظلت مغلقة منذ عام 2010، بسبب أعمال التجديد والترميم التي تكلفت نحو مليون يورو (1.1 مليون دولار). ولكن الوضعية الفريدة للمقبرة، والتبجيل اليهودي لموضع الدفن، وموقعها المتميز في المدينة المتنازع عليها، كانت من أسباب التعقيدات المتعلقة بإعادة فتحها.
الخميس الماضي، تجمع حشد من اليهود المتطرفين دينياً عند بوابة القبر القديم، لممارسة الضغوط من أجل إعادة فتحه، حتى يتمكنوا من الصلاة هناك، وهم يصفون القبر بأنه موقع الدفن المقدس للأجداد القدماء من اليهود. يقول ناثانيال سنير، الذي شارك في مجموعة من 12 يهودياً متطرفاً احتشدوا لفترة وجيزة خارج بوابة القبر: «كل ما نريده هو الدخول إلى القبر، والصلاة هناك، ثم المغادرة».
كما نشأ نزاع آخر في المحكمة الحاخامية الإسرائيلية – التي تصدر الأحكام بشأن المسائل ذات الصلة بالقانون اليهودي والمواقع المقدسة – حول حق الوصول إلى القبر، وأحقية امتلاك فرنسا للموقع بأكمله.
كما أثار حفل موسيقي نظمته إحدى الجماعات الفلسطينية قبل عشر سنوات حول موقع القبر، كثيراً من الانتقادات.
وتريد فرنسا الحصول على ضمانات، قبل إعادة افتتاح موقع القبر القديم، بأنها لن تواجه النزاعات القانونية، كما أنها تطالب بالتزامات بشأن كيفية إدارة الموقع والزيارات الخاصة إليه.
وامتنع المسؤولون الفرنسيون عن التعليق على الأمر، في حين أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن المفاوضات سارية، من دون مزيد من التوضيح.
وفي الأثناء ذاتها، لا تزال البوابة الحديدية المؤدية إلى الخطوات العتيقة، وحمامات الطقوس القديمة، والمقبرة الواسعة بالأسفل، موصدة تماماً.
هناك حالة من التعقيد تتعلق بتاريخ الموقع نفسه، وكيفية وقوعه تحت الملكية الفرنسية.
وقال عالم الآثار الفرنسي جان بابتيست هومبرت، الذي أجرى بعض الحفريات في الموقع، لوكالة الصحافة الفرنسية: «كانت هناك حفريات قديمة في ستينات القرن التاسع عشر، إبان الحكم العثماني للمنطقة بأسرها، ويعتقد بأنها أولى الحفريات الأثرية الحديثة في الأرض المقدسة».
وتسلم المستشرق الفرنسي فيليسيان دي سولسي المشروع برمته، اعتباراً من عام 1863، وسعى لتأكيد أن القبر يتبع شخصيات الكتاب المقدس البارزة، مثل الملك داود، والملك سليمان، الأمر الذي منح الموقع اسمه الحالي «مقبرة الملوك». ولقد تم استبعاد هذه النظرية تماماً، ولكن الاسم صار لازماً للموقع منذ ذلك الحين.
ولقد تم العثور على كثير من التوابيت في القبر، وهي قيد العرض الآن في متحف «اللوفر» الفرنسي، بما في ذلك أحد التوابيت يحمل نقوشاً باللغة الآرامية. ووفقاً للنظرية الأكثر قبولاً بشأن القبر القديم، فإنه يعود للملكة هيلينا من أديابيني في كردستان العراق اليوم، وربما قد شيدت القبر في ذلك الموقع لسلالتها الحاكمة.
وسواء كانت هذه النظرية صحيحة أم لا، فإنه من المعتقد إعادة استخدام القبر في غير مرة على مر السنين.
وبعد أعمال التنقيب التي قام بها المستشرق الفرنسي فيليسيان دي سولسي، أتم الإخوة بيريير شراء الموقع، وهم ينتمون إلى عائلة من المصرفيين اليهود في فرنسا، والتي سلمت الموقع بعد ذلك بأسره إلى الحكومة الفرنسية.
يقع موقع القبر على مساحة 700 متر من مدينة القدس القديمة. وتؤدي الدرجات الحجرية إلى حمامين كبيرين لممارسة الطقوس، وفناء متسع في مواجهة القبر نفسه، مع بقايا إفريز قديم أعلى المدخل. ويتخذ القبر تحت الأرض مساحة تبلغ 250 متراً مربعاً، وهو أصغر بقليل من مساحة ملعب مزدوج للتنس.
وبالنسبة للأثري الفرنسي هومبرت، فإن عظمة الموقع وغير ذلك من العوامل تعني أنه لم يكن من الممكن بناؤه لأجل سلالة الملكة هيلينا فحسب. وهو يفترض أن القبر مبني بأمر من هيرود أغريبا، حفيد هيرود العظيم، وقال: «إنه قبر كبير للغاية بالنسبة إلى الملكة هيلينا». وبصرف النظر عن سبب بناء القبر الكبير، فإنه قد حاز على خيال الزوار قبل أن يتلاشى من الضمير العام. وهناك صور للإمبراطور الألماني فيلهيلم الثاني زائراً لموقع القبر في عام 1898.
وبالنسبة إلى باروخ، فإنه ينبغي إعادة افتتاح الموقع للزوار، واستعادة القطع الأثرية الخاصة به من متحف «اللوفر».


مقالات ذات صلة

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

يوميات الشرق مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».