«سودوكو التضخم» يتحدى «المركزي» الياباني منذ 6 أعوام

في ما تبدو محاولة منه لحل لغز «سودوكو» عسير منذ 6 سنوات دون تقدم واضح، خفض البنك المركزي الياباني مرة أخرى توقعاته للتضخم أمس الأربعاء، في مؤشر جديد على الصعوبات التي يواجهها للإبقاء على النسبة دون عتبة اثنين في المائة التي حددها هدفاً لتعزيز الاقتصاد.
وبعد اجتماع استمر يومين، قرر مجلس سياسات البنك الإبقاء على برنامج التسهيل النقدي الكبير، كما كان متوقعا، وخفض توقعات التضخم للسنة المالية المنتهية في مارس (آذار) العام المقبل، من 1.4 في المائة إلى 0.9 في المائة. وقال البنك إن قرار خفض التوقعات جاء لأسباب؛ منها تراجع أسعار النفط.
ويأتي هذا الخفض في التقرير الفصلي للبنك في أعقاب خفض سابق في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وكان البنك قد حدد عام 2020 هدفا لبلوغ نسبة تضخم اثنين في المائة.
وكانت الحكومة اليابانية قد أعلنت يوم الجمعة الماضي وصول معدل التضخم خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى 0.7 في المائة سنويا، وهو ما يقل كثيرا عن المعدل المسجل في أكتوبر الماضي وكان واحداً في المائة.
وكان رئيس وزراء اليابان شينزو آبي قد تعهد لدى توليه الحكم في ديسمبر 2012 بإخراج ثالث أكبر اقتصاد في العالم من دائرة الكساد، وبدأ البنك المركزي الياباني تطبيق سياسة نقدية فائقة المرونة في أبريل (نيسان) 2013 مستهدفا رفع معدل التضخم إلى اثنين في المائة سنويا خلال عامين من ذلك التاريخ.
في الوقت نفسه، يتوقع البنك نمو الاقتصاد الياباني خلال العام المالي الحالي بمعدل 0.9 في المائة، وليس بمعدل 1.4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي كما كان يتوقع قبل 3 أشهر. وتواجه حكومة شينزو آبي صعوبات في تحقيق نمو ملموس للاقتصاد، في ظل جمود الأجور وضعف الإنفاق الاستهلاكي المحلي.
ويسعى البنك المركزي الياباني منذ سنوات لبلوغ مستهدف التضخم، ودافع عن قراره اتباع سياسة نقدية شديدة الليونة رغم أن بنوكا مركزية أخرى تقوم بتشديد سياساتها. وأشار البنك إلى «ذهنية انكماش» بسبب تعوّد المستهلكين وأرباب العمل على فترات طويلة من تباطؤ النمو والانكماش.
كما خفض البنك قليلا توقعاته للتضخم للسنة المالية الحالية المنتهية في مارس 2019 من 0.9 إلى 0.8 في المائة، وخفض توقعاته للعام المنتهي في مارس 2021 من 1.5 إلى 1.4 في المائة. ولا تأخذ تلك الأرقام بالاعتبار عامل زيادة ضريبة الاستهلاك المتوقع أن يبدأ تطبيقها غالبا في أكتوبر المقبل.
كما أبقى البنك على سياسته النقدية مستقرة أمس، مما عزز آراء السوق بأنه لن يكون في عجلة من أمره بشأن وقف برنامج التحفيز الضخم.
وفي إجراء كان متوقعا على نطاق واسع، أبقى البنك على سعر الفائدة المستهدف للأجل القصير عند سالب ‭0.1‬ في المائة، وعلى تعهد بتوجيه العائد على السندات الحكومية لأجل 10 سنوات إلى نحو صفر في المائة. كما أبقى البنك المركزي على تعهد بإبقاء أسعار الفائدة منخفضة للغاية لفترة أطول. وصوت 7 من أعضاء مجلس البنك لصالح قرار الإبقاء على سعر الفائدة المستهدف، بينما صوت اثنان بالرفض، وامتنع اثنان عن التصويت.
وفي غضون ذلك، ذكرت الحكومة اليابانية الأربعاء أن صادراتها تراجعت في ديسمبر بنسبة 3.8 في المائة على أساس سنوي، إلى مستوى 7.02 تريليون ين (64 مليار دولار)، وعاد ذلك بشكل أساسي إلى تراجع حاد في الشحنات إلى الصين، أكبر شريك تجاري للبلاد. ومثلت هذه القراءة أول انخفاض للتصدير في 3 أشهر. وفي سبتمبر الماضي، انخفضت صادرات اليابان لأول مرة خلال 22 شهراً وسط كوارث طبيعية.
وارتفعت الشحنات الإجمالية الواردة إلى 1.9 في المائة، لتصل إلى 7.08 تريليون ين في ديسمبر، مما أدى إلى عجز تجاري بلغ 55.3 مليار ين، وفقاً لما ذكرته وزارة المالية في تقرير أولي.
وانخفضت الصادرات إلى الصين بنسبة 7 في المائة إلى 1.4 تريليون ين، في أول تراجع منذ 3 أشهر، كما تراجعت الواردات من ثاني أكبر اقتصاد في العالم بنسبة 6.4 في المائة إلى نحو 1.6 تريليون ين.
وعلى النقيض، زادت الشحنات إلى الولايات المتحدة بنسبة 1.6 في المائة إلى 1.4 تريليون ين، في حين قفزت الواردات بنسبة 23.9 في المائة إلى 866.8 مليار ين، مما أدى إلى فائض تجاري قدره 567.8 مليار ين. وانتقد الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليابان مرارا بسبب فائضها التجاري المزمن مع بلاده.