مساعٍ إسبانية لاحتواء الأزمة الفنزويلية

تعمل على تشكيل فريق أوروبي لفتح قنوات للحوار مع النظام

يعمل وزير الخارجية الإسباني مع نظرائه الأوروبيين لتشكيل فريق اتصال دولي (أ.ف.ب)
يعمل وزير الخارجية الإسباني مع نظرائه الأوروبيين لتشكيل فريق اتصال دولي (أ.ف.ب)
TT

مساعٍ إسبانية لاحتواء الأزمة الفنزويلية

يعمل وزير الخارجية الإسباني مع نظرائه الأوروبيين لتشكيل فريق اتصال دولي (أ.ف.ب)
يعمل وزير الخارجية الإسباني مع نظرائه الأوروبيين لتشكيل فريق اتصال دولي (أ.ف.ب)

بعد أسابيع من الاتصالات المكثفة، بعيداً عن الأضواء، تمكن وزير الخارجية الإسباني جوزيب بوريل من إقناع 4 من نظرائه في الاتحاد الأوروبي بتشكيل فريق لفتح قنوات للحوار مع النظام الفنزويلي «قبل أن تخرج الأزمة الفنزويلية عن السيطرة بعد التصعيد الأخير»، كما جاء على لسان مصدر دبلوماسي إسباني رفيع.
وتفيد المعلومات بأن وزراء خارجية إسبانيا وإيطاليا والبرتغال وفرنسا وهولندا قد وجهوا رسالة إلى المفوضة الأوروبية السامية للشؤون الخارجية فيديريكا موغيريني يطلبون فيها «الإسراع في تفعيل القرار الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لتشكيل مجموعة اتصال مكلفة بالبحث عن حلول للأزمة الخطيرة التي تواجه فنزويلا». ودعا الوزراء الخمسة في رسالتهم إلى «التعجيل في تشكيل فريق اتصال دولي يعمل على تيسير الحوار بين السلطات الفنزويلية والمعارضة لتجاوز الأزمة الراهنة».
تجدر الإشارة إلى أن وزير الخارجية الإسباني كان يحذر شركاءه الأوروبيين منذ أشهر من أن معالجة الأزمة الفنزويلية تحتاج إلى أكثر من مجرد فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية، لكن فرنسا وألمانيا تمنعتا عن السير في أي اتجاه يمكن أن يفسر على أنه استعداد لتخفيف الضغط على نظام مادورو. وقد دفع التدهور الأخير الذي شهدته الأزمة الفنزويلية بفرنسا وإيطاليا إلى التجاوب مع الدعوة الإسبانية، والطلب من بروكسل أن تقدم على خطوة في اتجاه فتح قنوات للحوار، لكن مع مواصلة الضغط على النظام عبر العقوبات. وجاء في الرسالة التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» أنه لا بد للاتحاد الأوروبي أن «يضمن موقعاً بارزاً في مجموعة الاتصال الدولية المزمع تشكيلها للدفاع بشكل مناسب عن مصالحنا».
وكانت رسالة الوزراء الخمسة قد وصلت إلى موغيريني يوم الاثنين، قبيل اجتماع المجلس الأوروبي لوزراء الخارجية في بروكسل. ورغم أن موضوع فنزويلا لم يكن مدرجاً على جدول أعمال الاجتماع، أشارت موغيريني إلى الوضع المتدهور هناك في الوقت الذي كان فيه النظام يحبط ما وصفه بأنه محاولة انقلاب عسكري. ودعا وزير الخارجية الإسباني إلى دور أكثر فعالية للاتحاد الأوروبي في معالجة الأزمة الفنزويلية، وقال: «لم يعد بإمكاننا مراقبة الوضع مكتوفي الأيدي، لأنه إذا لم تتحرك أوروبا ستضطر بعض الدول الأعضاء إلى اتخاذ المبادرة». ورد وزير الخارجية الإيطالي إنزو موافيرو بقوله: «إذا تعذر تشكيل فريق تشارك فيه كل الدول الأعضاء، يجب أن يترك تشكيله للدول الناشطة أو المعنية أكثر من غيرها».
وتفيد مصادر دبلوماسية أوروبية بأن ألمانيا ما زالت على تحفظها، من أن فتح قنوات للحوار مع النظام الفنزويلي تشارك فيه دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، إلى جانب دول من أميركا اللاتينية، من شأنه أن يعزز موقع مادورو في أعنف مراحل القمع الذي يمارسه النظام. وفي حديث مع الصحافيين بعد اجتماع المجلس الأوروبي، بدأ الوزير الإسباني موجهاً كلامه إلى الألمان، عندما قال: «لا يوجد مكان آخر في العالم يواجه فيه هذا العدد من الأوروبيين أزمة بهذه الخطورة. هناك أكثر من مليون مواطن أوروبي يعيشون حالياً في فنزويلا، معظمهم على شفير الانهيار الاقتصادي والاجتماعي».
ويشكو المعنيون بالملف الفنزويلي في الاتحاد الأوروبي والمفوضية من التناقض في الرسائل التي توجهها أوروبا حول هذه الأزمة الخطيرة. فمن ناحية، تُبقي على نظام العقوبات المفروض على عدد من القادة البارزين في النظام، وقد امتنعت عن الاعتراف بشرعية الولاية الثانية لمادورو، بعد الانتخابات الأخيرة التي لم تشارك فيها المعارضة. لكنها من جهة أخرى تحاول جس النبض، من خلال الدعوة لتشكيل هذا الفريق الدولي للاتصال من أجل فتح قنوات للحوار، وترسل سفراءها للاجتماع بالرئيس الفنزويلي، كما حصل نهاية الأسبوع الماضي، وأثار حفيظة المعارضة التي تواجه تصعيداً غير مسبوق في أعمال القمع التي يمارسها النـظام. وقد أعرب بعض الزعماء المعارضين عن خشيتهم من أن النظام قد افتعل ما وصفه بأنه محاولة انقلاب عسكري فاشلة لتبرير جولة جديدة من القمع، بعد أن صعدت المعارضة في تحركاتها إثر امتناع دول كثيرة عن الاعتراف بشرعية انتخاب مادورو لرئاسة ثانية.
يذكر أن غالبية الأوروبيين الذين يعيشون في فنزويلا هم من الإسبان الذين ينشطون في مجالات الصناعة والتجارة والسياحة، ويواجهون خطر الإفلاس في حال مغادرة البلاد، بسبب القيود الصارمة التي فرضها النظام على التحويلات النقدية إلى الخارج. وإلى جانب ذلك، لإسبانيا وفرنسا وإيطاليا مصالح اقتصادية ضخمة في فنزويلا، عبر شركات النفط الكبرى في البلدان الثلاثة.
وتتخوف أوساط دبلوماسية إسبانية تتابع عن كثب تطورات الأزمة الفنزويلية من تزايد احتمالات انحرافها نحو مواجهة جديدة بين القوات المسلحة التي تبدو متراصة في دعمها للنظام والمدنيين الذين خرجوا بأعداد كبيرة يوم الاثنين الماضي يتظاهرون تأييداً للمحاولة الانقلابية الفاشلة. وقد لجأت قوات الأمن والجيش إلى قمع تلك المظاهرات التي انتهت بأعمال تخريب وإشعال حرائق كبيرة خلال المواجهات التي أوقعت عدداً كبيراً من الجرحى.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».