تطمينات روسية بحد النفوذ الإيراني في سوريا تلقتها عواصم عربية قبل التطبيع مع دمشق

TT

تطمينات روسية بحد النفوذ الإيراني في سوريا تلقتها عواصم عربية قبل التطبيع مع دمشق

ينقل نواب لبنانيون على لسان سفير دولة عربية لدى لبنان بأن حكومته ومعها حكومات عربية أخرى ممن تدرس الآن إعادة فتح سفاراتها في دمشق، تلقت تطمينات من أعلى المراجع النافذة في موسكو بأن روسيا جادة في تقليص النفوذ السياسي والعسكري الإيراني في سوريا وأن مبادرة الدول العربية إلى معاودة التواصل مع دمشق بعدما كانت أغلقت سفاراتها فيها بسبب الحرب التي اندلعت والتي أملت على جامعة الدول العربية تجميد عضوية سوريا، من شأنه أن يسرّع في تقليص هذا النفوذ.
ويؤكد النواب لـ«الشرق الأوسط» أن دولة الإمارات العربية المتحدة التي كانت أعادت فتح سفارتها في دمشق ليست الآن في وارد تعيين سفير للالتحاق بالسفارة ولكن عوضاً عن ذلك سيتم تعيين قائم بالأعمال.
ونقل هؤلاء عن السفير العربي أنه من السابق لأوانه رفع التمثيل الدبلوماسي بين دولة الإمارات وسوريا، وأن دور السفارة الإماراتية يبقى في حدود تقديم المساعدات الإنسانية وأمور تتعلق بتأمين الإغاثة للمحتاجين للتخفيف عنهم، نظراً لتدهور أوضاعهم المعيشية والاجتماعية من جراء الحرب التي ضربت ببلدهم.
في هذا السياق، يؤكد قطب سياسي لبناني ممن شاركوا في اللقاءات التي عقدها وكيل وزارة الخارجية الأميركية السفير ديفيد هيل مع أركان الدولة اللبنانية وشخصيات سياسية فاعلة، أن الموفد الأميركي تحدث بوضوح حول موقف واشنطن حيال ما يقال عن وجود استعداد لدى الدول العربية لإعادة فتح سفاراتها في دمشق. وينقل القطب عن هيل قوله إن الإدارة الأميركية لا تشجّع الدول العربية في استعجالها إعادة فتح سفاراتها، وتفضّل الآن التريُّث لأن مجرد الإقدام بسرعة على مثل هذه الخطوة قد يؤثر سلباً، ويدفع بالنظام في سوريا إلى التباطؤ في دعم الجهود الدولية الرامية إلى إيجاد حل للأزمة التي من دون حلها لا يمكن فتح ملف الإعمار في سوريا.
وبكلام آخر، يقول القطب السياسي نفسه إن واشنطن لا تشجّع الإقدام على خطوة إعادة فتح السفارات من دون أي ثمن سياسي، ويؤكد نقلاً عن هيل، أن جولة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على عدد من دول المنطقة أثمرت عن مبادرة دول عربية عدة إلى اتخاذ قرارها بالتريُّث في فتح سفاراتها في الوقت الحاضر.
لكن هيل يدافع عن القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بسحب القوات الأميركية تدريجياً من أماكن وجودها داخل سوريا وتحديداً في شمال شرقي سوريا، رغم أن بعض الذين التقاهم أبدوا مخاوفهم من قيام الميليشيات التي تدعمها إيران إلى التغلغل على دفعات إلى هذه المناطق للحلول مكان القوات الأميركية.
لكن هيل لم يؤيد هؤلاء في مخاوفهم ودعاهم بصراحة إلى خفض منسوب التوتر حيال الانسحاب التدريجي للجيش الأميركي بذريعة أن هذا الانسحاب لن يتم على وجه السرعة، وأن واشنطن ترعى حالياً المفاوضات الجارية بين الأتراك والأكراد للتفاهم على خطوة للسيطرة على المناطق التي سيخليها الجيش الأميركي.
وينقل القطب السياسي عن هيل قوله إن القوات الأميركية المتمركزة في مناطق عدة في العراق، ستتدخّل فوراً لمنع الجيش التابع للنظام في سوريا من الاقتراب من هذه المناطق تمهيداً لسيطرته عليها، إضافة إلى أنه يعتقد - أي هيل - بأن لا قدرة عسكرية لهذا الجيش من الدخول إليها.
ورداً على سؤال، لا يؤيد القطب السياسي ما يعتقده البعض بأن إعادة فتح بعض الدول العربية لسفاراتها في دمشق سيقلص النفوذ العسكري والسياسي الإيراني في سوريا، وأن مثل هذه الخطوة قد تدفع في اتجاه حصول توتر بين موسكو وطهران. ويؤكد أنه ليس من أصحاب هذا الرأي، وأن موسكو وطهران لن يُدفعا إلى صدام من أي نوع كان في سوريا، ويقول إن الميليشيات المدعومة من إيران، إضافة إلى وحدات تابعة للحرس الثوري الإيراني استجابت سابقاً لطلب موسكو بضرورة إخلاء المنطقة المعروفة بجنوب غربي سوريا، وهي تتواجد حالياً حول دمشق امتداداً إلى ريفها.
ويختم القطب السياسي قائلاً: «من المبكر الخوض في احتمال حصول خلاف روسي إيراني، وإن لا مصلحة لموسكو في إخراج طهران من المعادلة طالما أنها تستجيب لطلباتها ولا تعصي أوامرها، إضافة إلى أن موسكو لا تفرّط بما لديها من أوراق قوة في الداخل السوري قبل أن يحين موعد الحل، انطلاقاً من رهانها على أن هذا الحل يجعل منها القوة الأكبر دولياً والأفعل في رسم الإطار العام لسوريا المستقبل».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.