«كايرو شو» يعيد الروح إلى المسرح الخاص في مصر

بعد سنوات عانى فيها المسرح الخاص في مصر من هجرة النجوم وعزوف الجمهور، تعود الروح إليه مرة أخرى، عبر إطلاق مسرحيات جديدة، من بينها مسرحية «3 أيام في الساحل» للفنان محمد هنيدي الغائب عن الوقوف على خشبة المسرح منذ 16 سنة تقريباً، ضمن مشروع كبير يحمل عنوان «كايرو شو»، يصفه مؤسسوه بأنه أول كيان ترفيه مصري.
عودة هنيدي، جاءت جنباً إلى جنب مع الفنان أشرف عبد الباقي الذي استعاد مسرح نجيب الريحاني في شارع عماد الدين، بتقديم مسرحيته الجديدة «جريمة في المعادي... مسرحية كلها غلط» بالتوازي مع عروض مسرح مصر التي تنقل للشاشة مباشرة عبر قناة «إم بي سي مصر».
عملية إحياء المسرح الخاص لا تتوقف عند هنيدي وعبد الباقي، فالفنان محمد صبحي، لا يزال يواصل عروض مسرحيته «خيبتنا»، وهناك أيضاً مشروع مسرحي كبير تعود من خلاله الفنانة شيريهان إلى التمثيل بعد غياب 17 سنة، وكان من المقرر أن تنقل عروضه لشاشة التلفزيون مباشرة، ولكن منتجه جمال العدل قال إنه يفكر في تحويله لعروض مباشرة للجمهور.
مجدي الهواري، أحد مؤسسي «كايرو شو» ومخرج مسرحية «3 أيام في الساحل»، يقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن مشروع «كايرو شو» كان يحلم به منذ فترة طويلة، لإحياء صناعة المسرح المصري الجماهيري وتقديم العروض الحية الغنائية والموسيقية بمواصفات تليق بعراقة الفن المصري وتواكب العصر، تحت شعار (الفن... من القاهرة إلى كل الجمهور العربي)، حيث سيتم تقديم العروض على 4 مسارح في مصر، بالإضافة إلى تخصيص جولات للعروض في عدة عواصم عربية وعالمية».
وأكد «الهواري»: «إن الحلم بدأ في التحقق بإطلاق (3 أيام في الساحل) للفنان محمد هنيدي، وسيتبعها عروض أخرى للفنان يحيى الفخراني الذي يعيد تقديم مسرحية (الملك لير)، ومسرحية الشباب الغنائية (اللي عليهم العين) لفريق (بهججة)، ومسرحية الأطفال (frozen not)، وفي النصف الثاني من العام سيتم تقديم الفنان أكرم حسني في أولى تجاربه المسرحية، وهي كوميديا (المدينة الفاضحة) إلى جانب عرض (الشاطر حسن)».
إلى ذلك، قال الفنان محمد صبحي، الذي يواصل مشروعه بمدينة سنبل للفنون، ويقدم مسرحية «خيبتنا»، لـ«الشرق الأوسط»: «إن عدد الفرق المسرحية الخاصة كان 28 في القاهرة فقط قبل أن ينحسر هذا العدد تدريجياً حتى أصبح عدد الفرق التي تعمل في القطاع الخاص محدوداً جداً، مؤكداً على أن افتتاح فرق مسرحية جديدة سيكون مفيداً جداً للمشهد الفني والمسرحي في مصر، وسيؤدي إلى اجتذاب الجمهور إليه مرة أخرى بعد انقطاع استمر 8 سنوات نتيجة للظروف التي عاشتها مصر منذ 2011».
وأضاف صبحي أن «زيادة عدد الفرق يمكن أن ينتج عنه تخبط في البداية، لكن مع الوقت سيكون هناك انتقاء ومنافسة حقيقية في صالح الحركة المسرحية والجمهور بشكل عام».
من جهتها، أعلنت الفنانة شيريهان في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016. عن عودتها للتمثيل بعد غياب 17 سنة، بمشروع مسرحي كبير يضم 13 عرضاً تقدم من خلالهما سيرة ذاتية لـ13 سيدة تركت بصمة في التاريخ، من بينهن «ماري كوين»، و«حتشبسوت»، و«رابعة العدوية»، و«شجرة الدر»، و«أنديرا غاندي»، و«سندريلا»، و«كارمن»، و«جريث كيلي»، و«إيفا بيرون»، و«قطر الندى». وكان مقرراً للمشروع أن ينتج للعرض مباشرة على شاشة التلفزيون عبر قنوات dmc، وتم الانتهاء بالفعل من مسرحية «كوكو شانيل»، كتبها مدحت العدل، وأخرجها هادي الباجوري، إلا أنها لم تعرض ولم يتم تصوير غيرها حتى الآن.
منتج المشروع جمال العدل، يقول، إنه منذ فترة يدرس تحويل المشروع من مسرحيات مسجلة للتلفزيون، إلى عروض مباشرة للجمهور، مشيراً إلى أنه يعقد حالياً جلسات عمل مع المخرج محمد ياسين، الذي أسند إليه بالفعل إخراج مسرحيتين عن «بديعة مصابني» تأليف مريم ناعوم، و«شهرزاد» تأليف محمد أمين راضي، لمناقشته في كل شيء يتعلق بفكرة العرض للجمهور.
وعن عودة النجوم المصريين للمسرح الخاص يقول المخرج والناقد المسرحي عمرو دوارة، لـ«الشرق الأوسط»: «إن بداية المسرح في مصر كانت القطاع الخاص، وكل الفرق المسرحية الكبيرة التي تربينا عليها وظهرت في النصف الأول من القرن العشرين كانت تابعة للقطاع الخاص». يوضح دوارة أن «الممثلين كانوا يلجأون للعمل في المسرح ليثبتوا موهبتهم، حتى ظهر المسرح التجاري في منتصف الخمسينات، مع فرقة إسماعيل ياسين وتحية كاريوكا، تأسست بعد ذلك فرق (المتحدين) و(الثلاثي) وعدد كبير جداً من الفرق الخاصة، ولكن في منتصف السبعينات، ظهرت كثير من الفرق المسرحية وصل عددها لـ25 تقريباً كان معظمها يقدم ما يطلبه الجمهور، لأهداف تجارية فقط، ومع بداية التسعينات بدأت الحركة المسرحية تتراجع لعدة أسباب أبرزها مغالاة النجوم في أجورهم، وارتفاع أسعار إيجار المسارح، بالإضافة إلى تكلفة الدعاية الكبيرة في وسائل الإعلام المقروءة والمرئية، وهو ما صعب عملية الإنتاج، ولم يعد أحد قادراً على تحملها».
يذكر أن البيت الفني للمسرح في مصر، أعلن أنه أنتج 26 عرضاً جديداً خلال عام 2018، ما بين الكوميدي والتراجيدي، إلى جانب التاريخي ومسرح الأطفال، بالإضافة إلى إعادة تقديم 36 أخرى من العروض التي حققت نجاحاً كبيراً خلال السنوات الماضية.
وأكد البيت الفني للمسرح في بيان أصدره مطلع 2019. أن أعداد الجمهور الذي تردد على المسرح خلال 2018 بلغت 330 ألف مشاهد، بينهم 65 ألفاً تقريباً بالمحافظات خارج القاهرة والإسكندرية.