سور الأزبكية ينافس معرض القاهرة للكتاب

قبل أيام من افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب، افتتح مجموعة من تجار الكتب القديمة بالقاهرة مهرجان سور الأزبكية الثاني للكتاب بميدان العتبة، الذي يستمر حتى منتصف فبراير (شباط) المقبل. المهرجان الذي شهد إقبالاً كبيراً بعد ساعات من افتتاحه، شارك فيه أكثر من مائة عارض، انضم لهم زملاء جاءوا من حي السيدة زينب، يعملون في المجال نفسه، فضلاً عن عدد من باعة الكتب في منطقة النبي دانيال بمدينة الإسكندرية. ويعد سور الأزبكية من أقدم الأماكن المخصصة لبيع الكتب بمصر والعالم العربي.
يقول لنا أشرف عبد الفتاح، تاجر الكتب بالسور، إن «فكرة المهرجان جاءت بعد أن وضع اتحاد الناشرين العراقيل أمام اشتراكنا في معرض الكتاب، ويوبيله الفضي، وهي مناسبة مهمة كنا حريصين على المشاركة فيها خدمة للثقافة المصرية وتدعيماً لها، لكننا فوجئنا عندما طلبنا المشاركة بمسؤولي هيئة الكتاب يحيلوننا لاتحاد الناشرين المصريين، الذي حدد 33 عارضاً فقط من بيننا للمشاركة في هذه المناسبة المهمة، كما طلب منا دفع 1200 جنيه إيجاراً للمتر، فضلاً عن شروط العرض التي طلبوا منا الالتزام بها، وجميعها لا نستطيع تحملها والوفاء بها. من هنا، كان قرارنا الاعتذار عن عدم المشاركة، وأن نعلن عن مهرجان خاص بنا نحن باعة الكتب القديمة، نقيمه هنا في مكاننا من أجل تنشيطه، وتعريف الناس به، لأن الكثيرين لا يعرفون أين موقع سور الأزبكية بالضبط، وهذا واحد من الأهداف المهمة، التي يأتي من بينها بالطبع بيع ما لدينا من كتب راكدة في المخازن، بعد أن قمنا بجمعها على مدار العام انتظاراً للمشاركة في معرض الكتاب».
وذكر عبد الفتاح أن تجار الكتب لن يقيموا عروضاً للموسيقى ولا للفنون الشعبية، ولن تكون هناك فرصة لإقامة ندوات ثقافية أو أمسيات شعرية، ولا حتى حفلات توقيع للكتاب «لأن المكان ببساطة لا يحتمل ذلك، وليس مؤهلاً له، فالأكشاك صغيرة، والممرات بينها ضيقة، لا يمكن أن تستوعب مثل هذه النشاطات التي كنا نتمنى أن نقوم بها، وقد سبق أن نظمنا مثلها في 2011 في المهرجان الأول، بعد أن تم إلغاء المعرض بسبب الانتفاضة المصرية. كان الهدف أن نروج لما لدينا من كتب أصابها نوع من الركود، كان سائداً وقتها ومسيطراً على كل شيء بسبب الظروف السياسية التي كانت تمر بها البلاد. أقمنا المهرجان هذا العام في مكان قريب من مكاننا المعروف، لكن هذا الموقع الذي انتقلنا إليه بسبب عمليات الحفر التي تتم لتنفيذ مرحلة جديدة من مترو الأنفاق غير مناسب لأي نشاط ثقافي، لكن في المرات المقبلة، وبعد انتهاء عملية الحفر، يمكننا ذلك».
من جهتها، أشارت هبه كرم إلى أنها ورثت مهنة بيع الكتب القديمة من أبيها، وتعمل في المجال منذ 11 عاماً، وكانت تعرض كتباً وروايات مترجمة لعدد من أدباء العالم المشاهير، أمثال شكسبير وديستويفسكي وتشارلز ديكنز وهوجو وآخرين، وقالت: «إن كل كتاب يحتوي على نصين، أحدهما إنجليزي والآخر عربي، يباع بما يعادل دولاراً واحداً (نحو 18 جنيهاً مصرياً)، وكذلك مجموعات من الكتب النادرة، مثل (ألف ليلة وليلة) التي تبيعها كاملة بما يوازي 4 دولارات».
وذكرت كرم أن «الكتب التي بحوزتها أصلية، وهي لا تتعامل في الكتب المقرصنة، ولديها مثل كل تجار الكتب مخزن يضم عدداً كبيراً من أعمال المبدعين والمفكرين من مصر والعالم، تعرضها للجمهور بتخفيضات تصل إلى 80 في المائة من السعر الأصلي، فضلاً عن ركن خاص للكتاب المجاني، تقدمه هدية لكل للمشترين».
تفاجأت كرم، كما تقول، بإقبال الناس على المهرجان بهذه الكثافة، وأن «مبيعات اليوم الأول كانت مطمئنة ومبشرة جداً، كما أن تجار الكتب يقومون بعمل تخفيضات كبيرة على الكتاب من أجل إرضاء جماهير السور ورواده، وهي تفوق بالطبع ما كان يحدث من قبل في الأعوام السابقة، بسبب عدم المشاركة في المعرض وتوفير إيجاراته، ومصروفات نقل الكتب والعمال، والنثريات الكثيرة الأخرى، وكلها تصب في النهاية في مصلحة القراء والمثقفين، وتجعل الكتاب متاحاً بسعر معقول، قد لا يتجاوز جنيهين وثلاثة جنيهات».
وذكر أحمد نصير، تاجر الكتب، أن المهرجان ليس منافساً لمعرض الكتاب، فلا نسعى لذلك، بل إنه داعم للمعرض ولدوره، والفكرة من ورائه هي ترويج ما لدينا من مخزون ليس أكثر، وسور الأزبكية جزء من التراث المصري، ولا بد من المحافظة عليه».
أما محمد عمر، وهو تاجر كتب أيضاً، فأشار إلى أن هناك كتاباً كثيرين كونوا ثقافتهم ونما وعيهم من حصيلة إبداعات ومؤلفات قاموا بشرائها من السور، وهذا دور لا يمكن إنكاره أو نفيه.
من ناحية أخرى، يشير يوسف أنور، وهو تاجر كتب تراثية، إلى أن ردود الأفعال لدى الجمهور جيدة جداً، وأن المبيعات غير متوقعة. وذكر أنه يبيع كتبه بتخفيضات تصل إلى 40 في المائة، والروايات المترجمة بتخفيض يبدأ من 20 في المائة من سعرها الأساسي، وذلك حرصاً منه على سور الأزبكية وتاريخه الذي قال إنه يريد، مثل باقي زملائه، الحفاظ على سمعته، وبلوغ أقصى مدى في إرضاء رواده «فقد علمه والده الذي كان يعمل في المهنة منذ عام 60 من القرن الماضي أن تجارة الكتب مهنة سامية، ولا يعمل بها إلا نخبة قليلة من التجار الذين يعرفون معنى العلم والثقافة، ولا يلتفتون لحسابات الأرباح والخسائر».